ولك انتو بشر!

image_pdfimage_print

زيد قطريب

تفتّقت حكومة إحدى البلدات النائية في ضواحي بحر البلقان، على اختراع قرضٍ سمّوه “قرض روث البقر”، بهدف تأمين الغاز عبر معالجة “زبل” القطعان في هواضم ومخمّرات ضخمة. الخبر أثار غضب قطيع الثيران وزوجاتهم من البقرات الحنونات. فتوقفوا عن تناول العلف، ودعوا إلى اجتماع عاجل في المرعى، لبحث تداعيات هذا القرار الخطير!

كبير الثيران تحدث عن جشع الحكومة واستغلالها للحيوانات. فهي لم تكتفِ بشفط الحليب والشمندور الخاص بأطفال البقر، بل تريد اليوم أن تتاجر بروث القطيع عبر تخميره وتحويله إلى غاز يعبّأ في القناني ليباع كوقود للطبخ!

البقرة الشقراء، شجبت خطط وزارة الكهرباء ووصفتها بالعاجزة عن تأمين الطاقة. وتحسّرت البقرة السوداء على أيام وزارة الزراعة التي كانت تكتفي بالاعتماد على الأبقار في الفلاحة دون أن تكلفها بمهام أخرى. أما البقرة البيضاء فقالت إن ما فعلته وزارة الاقتصاد من جرائم ضد الأبقار في معامل المرتديلا، يندى له جبين البقر على مر الزمان.

قلبت الأبقار جلستها إلى اجتماع ضخم شاركت فيه القطعان المجاورة، وأصدر المجتمعون بيانًا طالبوا فيه بحصتهم من المشاريع التي تقام اعتمادًا على “بزاز” البقرات وعلى لحومها وقوتها العضلية وروثها الذي فضّل على البشرية تاريخيًا عبر التدفئة والسماد العضوي وغير ذلك.

بيان الأبقار قال: مادمنا نصرف على الحكومة، ونؤمّن لها الحليب واللبن والجبنة واللحوم، والآن الغاز، فإننا نطالب بحصة من المرابح وبضرورة وجود ممثل عن القطيع يدافع عن مصالح البقر عند الحكومة. لقد شكّكوا بقرض الغاز وإمكانية أن تنتج البقرة جرّتي غاز شهريًا، كما ادّعت الوزارة. ورأوا أن القضية مرتبطة بما يُحكى عن صفقة لزيوت الخروع تورّط باستيرادها أحد التجار، ويريدون الآن تصريفها على حساب المواطن بعد أن يقنعونه بأن “الخروَع” يزيد انتاج الروث عند القطعان بشكل مبهج وحماسيّ!

قلبت البقرات على ظهورها من الضحك، وهي تقرأ قول ممثل الوزارة، بأنّ تأخر المواطن في اعتماد “الطاقة الحيوية”، يعود إلى دعم الحكومة للكهرباء ورخص سعرها. وتساءلوا إن كان يقصد كهرباء اللدّات التي اضطر المواطن إلى تركيبها بعد إجباره على شراء صفقات البطاريات!

الأبقار حسبوها بالورقة والقلم، كي يثبتوا حجم الغبن الذين يتعرضون له. وذكروا في البيان حالة الرفاهية التي تعيشها البقرات الهولنديات التي تحملها الحكومة هناك على الراحات كي تحصل على قطعة من زبدة “لورباك” بالحلال. عدا عن البقرات الهنديات اللواتي وصلن إلى مرتبة عالية من الدلال والقداسة.

بعد انتهاء الاجتماع، حملت الأبقار نسخة من البيان، واتجه القطيع بكامله إلى مبنى الحكومة والجميع يرددون: ولك انتو بشر.. ولّا بقر.. ولّا حجر.. عرفتوا كيف؟

في هذا العدد<< طلاب الجامعات السورية في جحيم المعيشة وتكاليف الدراسة والإيجاراتالدكتور أنطون أشقر: أنصح الجميع بالتطعيم ضد فايروس كورونا >>
0 0 votes
Article Rating

You may also like...

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments