اجتماع بوتين مع بينيت: هل هناك طبخة في الكواليس؟

image_pdfimage_print

“الفينيق”

أثار اللقاء الذي جمع الرئيس الروسي بوتين مع رئيس وزراء العدو الإسرائيلي نفتالي بينيت في الثاني والعشرين من شهر تشرين أول الماضي، جملة من التساؤلات عن طبيعة هذه العلاقة وما سمّاه الطرفان “تنسيقًا” فيما يتعلق بالشأن السوري، ومدى تأثير ذلك على العلاقات السورية الروسية من جهة والإيرانية الروسية من جهة ثانية. فهذا اللقاء الذي عُقد في سوتشي الروسية، تزامن مع قيام “إسرائيل” بمناورات ضخمة شاركت فيها سبع دول منها الولايات المتحدة الأميركية. وحسب تصريحات المسؤولين العسكريين الإسرائيليين، فإن هذه المناورات “تحاكي حربًا مع حزب الله على عدة جبهات.” يضاف إلى ذلك ارتفاع وتيرة تصريحات الوزراء الإسرائيليين عن حرب قادمة مع إيران، كان آخرها ما صرح به وزير المالية أفيغدور ليبرمان تزامنًا مع اجتماع بوتين وبينت وانطلاق المناورات الإسرائيلية، حيث قال في الحادي والعشرين من تشرين أول الماضي إلى موقع “واللا” الإسرائيلي: “إن المواجهة مع إيران مجرد مسألة وقت.”

القراءة المطلوبة اليوم، لابد أن تبتعد عن التهويل دون أن تغرق في التفاؤل. فما يجري في الشمال السوري لا يبدو مفصولاً عن كل ما أشرنا إليه سابقًا، لاسيما في ظل العلاقة الروسية التركية الرجراجة التي جعلت أردوغان يندفع مرة باتجاه موسكو وأخرى باتجاه واشنطن، تبعًا لما تمليه المطامح التركية في قضم المزيد من الأراضي السورية وإنشاء شريط الثلاثين كيلومترًا على الحدود، بذريعة الحد من خطر الأكراد، في حين أن الهدف الحقيقي هو الاستيلاء على تلك الأراضي بشكل نهائي!

لابد من الإشارة إلى الغارة الأخيرة التي نفذتها الطائرات الإسرائيلية في الثلاثين من تشرين أول الماضي، انطلاقًا من الجولان المحتل على مناطق تبعد اثني عشر كيلومترًا عن دمشق، أي بعد لقاء بوتين وبينت في شوتشي، وما تحدث عنه الطرفان من تنسيق ومصالح مشتركة في سورية. فالبيان الروسي الصادر من قاعدة حميميم بعد هذه الغارة كان يشير إلى استياء روسيا من تصرفات إسرائيل بسبب قصفها لمواقع تابعة للحكومة السورية والجيش السوري كما قال نائب مدير مركز حميميم للمصالحة التابع لوزارة الدفاع الروسية، فاديم كوليت. فهذه الغارة وما أعقبها من بيان روسي، تشير إلى أن التفاهمات الروسية الإسرائيلية ربما تكون هشّة وليست استراتيجية، كما أوحت تصريحات بينيت إثر عودته من لقاء بوتين في سوتشي. فإسرائيل أغرقت في التصريحات الإيجابية عن نتائج هذا اللقاء في حين تكتم الكرملين عن تفاصيله، ولم يبق أمام المحللين سوى ما صرح به الرئيس بوتين أثناء المؤتمر الصحفي عن هذا اللقاء، وهو عبارة عن إشارات بسيطة لا توازي التفاؤل الإسرائيلي إثر هذا اللقاء.

لقد تحدث الكثيرون عن تعويل روسيا على دور يمكن أن تلعبه “إسرائيل” للتأثير على الداخل الأميركي وجذب اللوبيات اليهودية باتجاه روسيا، وربما يكون لهذا الأمر دورًا أساسيًا في حكم العلاقة بين الطرفين. فالبراغماتية الروسية المحكومة بتحصيل مصلحة موسكو من المنطقة، ستدفعها من دون شك لعقد تفاهمات مع “إسرائيل” سواء على صعيد الحرب السورية، أم على صعيد الاقتصاد ومحاولة موسكو الاستفادة من التكنولوجيا والتقنيات المعلوماتية وزيادة التبادلات التجارية مع “إسرائيل”. وقد أشار بوتين بعد لقاء بينيت إلى أن حجم التبادل التجاري بين روسيا و”إسرائيل” ارتفع بواقع 50 بالمائة خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري، على الرغم من القيود المفروضة على خلفية جائحة فيروس كورونا.

الوقائع تشير إلى أن العلاقات الروسية الإسرائيلية، لم تصل إلى مرحلة يمكن وصفها بالاستراتيجية فيما يخص المنطقة، بل هي تكتيكية تتخللها الخروقات، على عكس العلاقة الروسية الإيرانية التي تراهن عليها موسكو لمواجهة واشنطن خاصة فيما يتعلق بالملف النووي الإيراني. فالثابت أن روسيا تحاول الاستفادة من الطرفين قدر الإمكان: الإسرائيلي من أجل التأثير بالسياسة الأميركية وكسب اللوبيات اليهودية، والإيراني من أجل المجابهة مع واشنطن إن اضطر الأمر، إلى جانب المصالح الاقتصادية والتجارية. تلك التوازنات لم تغب عن المنطقة في أية مرحلة سابقة، رغم خضوعها للتبدلات الطفيفة بين مجموع الأطراف!

في هذا العدد<< مجموعة إعادة بناء الحزب السوري القومي الاجتماعي – بيان رقم 7الأسباب الحيوية الإسرائيلية لضرب إيران >>
0 0 votes
Article Rating

You may also like...

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments