النخب وتحدي الذات/ افتتاحية العدد

image_pdfimage_print

 

في محاضرة قيّمة للدكتور داوود خير الله بعنوان النخب وأدوات التطور تنشرها الفينيق في هذا العدد، هناك مجموعة من الأفكار التي لا غنى من التوقف عندها

إن المحاضرة في شكل عام هي دعوة للتغيير، تعرض الواقع وتشرحه، ثم تضع مجموعة من الأفكار-التحديات أمام النخب العربية، وتدعوها لمواجهتها، ومن ثم تقدم بعض المقترحات العملية. سوف نلقي الضوء في هذه الافتتاحية على بعض الأفكار الواردة لمناقشتها لأهميتها.

يحدّد الدكتور خير الله شروط النجاح في تنفيذ خطّة ما أن يكون لها أولا، هدف يحمل قيمة سامية. وثانيا، أن يدفع وعي هذه القيمة قوى التغيير إلى بذل الجهود لإنجاحه. وثالثا وضع الخطط الكفيلة بإنجاح الأهداف وبناء القوى المطلوبة لذلك. ذلك أن أية عملية تغيير لا تنجح إلا إذا تمكنت القوى التغييرية من التغلب على القوى المناهضة للتغيير.

ثم يدعو النخب الى الأخذ بثلاث خطوات عملية هي: نشر ثقافة مسؤولية المواطن وتعزيز ثقته بنفسه في مواجهة الصعاب؛ نشر العلوم وتعميم الثقافة العلمية؛ تعميم مفهوم القانون من حيث هو وسيلة هندسة اجتماعية ونشر ثقافة احترام القوانين كضامن لحسن سير المؤسسات وحماية الحقوق والحريات.

يختم الدكتور خير الله محاضرته بهذه الكلمات: “ما من تغيير نتمنّاه أو تقدّم نطمح إليه، يمكن أن يرى النور سوى نتيجة جهودنا، وخاصة النخب وأدوات التغيير في مجتمعنا، ولن نتمكّن من مواكبة التطوّر في العالم، ولن يكون لنا نهضةٌ، إن لم تكن من صنعنا نحن.”

لا شك في أن محاضرة الدكتور خير الله تقدم خارطة طريق للتغيير من وضع قائم إلى وضع مرتجى، محددة بعض الصعاب وعارضة لحلولٍ على النخب الثقافية الأخذ بها. وهي، إذ تفعل ذلك، تستثير في القارئ، وضمنا النخب التي تتوجه إليها، مجموعة من الأسئلة، هذا بعض منها: هل أن النخب أفراد يقدمون معارفهم لكي يأخذ بها الغير، أم هم منتظمون في منظمات تعمل لتحقيق أهداف منبثقة من قيم سامية؟ هل هذه المنظمات شمولية inclusive أم إقصائية exclusive؟ هل هدفها النهائي هو ترقية الحياة في المجتمع ككل، أم لتغليب فئة على من عداها؟ هل أن هذه النخب سواء كأفراد أم مؤسسات، تعمل بانسجام مع مبادئها وقيمها المعلنة أم هي في حالة تناقض معها؟ هل تعمل بصدق مع قواعدها، أم تستخدمهم وقودا لمصالح خاصة؟ هل تقيس هذه النخب مدى نجاح خططها وتعمل للاستفادة من الأفشال لبناء خطط ناجحة، أم تنكفئ عند أول فشل وتتخلى عن مهمة التغيير؟

لعل أهم ما في محاضرة الدكتور خير الله أنها تضع النخب في مواجهة ذواتها؟ وهذه هي المواجهة الأصعب.

إن الفينيق إذ تشكر للدكتور خير الله تخصيصه إياها بهذه المحاضرة القيمة، فإنها تفتح المجال على صفحاتها لمناقشتها من قبل القراء الكرام.

 

في هذا العدد<< من الجولان وفلسطين إلى ميثاق الامم المتحدة: معركة واحدةـ مقابلة مع البرفسور رودلف القارحالقرار الهدية ـ حسان يونس >>
0 0 votes
Article Rating

You may also like...

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments