الضجيج في الخليج!-توما توما
الفينيف / حزيران (يونيو) 2017 / في السياسة / العالم العربي
قد تواصل السعودية ودولة الإمارات ومصر الضغط السياسي والاقتصادي والإعلامي على قطر، بالتعاون مع دول إسلامية تدور في فلك “التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب”!
وقد يصل الأمر إلى حد نشوب “حرب” كما حذر زيغمار غابرييل وزير الخارجية الألماني، أو تقتصر المواجهات على التهديد بالويل والثبور وعظائم الأمور !
وقد تنجح الجولات المكوكية التي يقوم بها المسؤولون الكويتيون لرأب الصدع الخليجي والعودة إلى بيت الطاعة من خلال مجلس التعاون!
وقد تتدخل دول إقليمية مهمة مثل تركيا وإيران وباكستان في محاولة مزدوجة لوقف التصعيد من جهة، وللاستفادة من التوتر الراهن بهدف تسجيل نقاط إستراتيجية من جهة أخرى!
وقد تتوافق الدول الكبرى من الولايات المتحدة إلى روسيا، ومن ألمانيا إلى فرنسا، على عدم التدخل… من دون السماح بالإنهيار الخطير في تلك المنطقة الحيوية!
وقد تقع حوادث مفاجئة وتطورات غير معقولة. وقد تتبدل تحالفات وتبرز خصومات. وقد يتورط لاعبون أساسيون وينكفئ آخرون ويشمت متفرجون. لكن الأكيد أن الأوضاع لن تعود إلى ما كانت عليه سواء في مجلس التعاون الخليجي أو في محيطه الإقليمي.
لقد اختلط الحابل بالنابل، وخرج زمام الأمور عن سيطرة القوى المحلية. وبتنا أمام مشهد سريالي هو أقرب إلى الأدب الخرافي منه إلى السياسة الواقعية الهادفة إلى تحقيق غايات محددة.
وإليكم هذه الصورة الغرائبية:
الرئيس الأميركي دونالد ترامب يكرر مرة واثنتين أن على قطر التوقف عن دعم الإرهاب، بينما تتمدد في صحراء العديد أكبر قاعدة عسكرية أميركية في المنطقة. وزارة الخارجية الأميركية تدعو الدوحة إلى المزيد من “محاربة الإرهاب”، في حين تشيد وزارة الدفاع الأميركية بمساهمة الدوحة في هذه “الحرب الكونية”، وتقرر عقد صفقة لبيعها عشرات الطائرات المقاتلة.
تركيا تصدر تشريعاً برلمانياً يتيح إرسال تعزيزات جديدة إلى القاعدة العسكرية التركية في قطر بهدف “حماية الخليج كله وليس قطر وحدها”، في الوقت الذي يطالب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بوضع حد للأزمة وفك الحصار قبل نهاية شهر رمضان من دون أن يوضح للعالم ما الذي سيقوم به إن لم يتم ذلك!
إيران تفتح أجواءها ومياهها الإقليمية لكسر الحصار عن قطر، وتضع ثلاثة مرافئ تحت تصرف الدوحة، وترسل أطناناً من المواد الغذائية لتغطية النقص الحاصل من جراء الحصار. لكنها في الوقت ذاته تقاتل في سوريا والعراق مجموعات مسلحة كانت قطر من أبرز الداعمين والممولين لها.
السعودية والإمارات ومصر والبحرين تضع الشيخ يوسف القرضاوي على لائحة الإرهاب، وقد كان هذا الداعية التكفيري حتى أسابيع قليلة ماضية “المنظِّر الشرعي” لكل الدول والتنظيمات والجماعات المشاركة في الحرب على سوريا والعراق!
الدول المشاركة في مقاطعة قطر ومحاصرتها تضع شروطاً للعودة إلى الحوار أبرزها قطع الصلات مع جماعة “الإخوان المسلمين”، في حين أن فرع هذه “الجماعة” في اليمن يقاتل إلى جانب “التحالف العربي” الذي تقوده السعودية للقضاء على الحوثيين الذين سيطروا على الحكم في صنعاء!
ألم نقل أن الحابل اختلط بالنابل؟
المشكلة العويصة هي أننا لم نعد قادرين على معرفة من هو الحابل ومن هو النابل. بل لعل الحابل هو نفسه النابل… بينما كنا نحن غافلين عن تلك الحقائق!