انتصار النهضة – وليد أيوب
تقصّدت ان يكون عنوان هذه المقالة انتصار النهضة بدل انتصار التنظيم الذي تحولت حيويته الى السياسة والانتفاع الشخصي والتحكم بالمؤسسات واخضاع النصوص للأهواء والسيطرة. فما قصده سعادة بعد ان عيّن وحدّد أمراض الأمة من فقدان الهوية وضياعها بين الانتماءات الطائفية والاثنية والعشائرية والكيانية وتفشي امراض الفردية والانانية والنفعية كان إيجاد الأداة الصالحة والوسائل الناجعة في استنهاض القوى الكامنة لهذه الأمة، فكان الحزب وكانت المؤسسات. الغاية اذن هي النهضة والأداة قد تتطور على ضوء الاحداث والمستجدات بحيث تواكب ما يستجد من استحداث وسائل واساليب تصب وتخدم الغاية التي هي في النهاية الهدف الأسمى والاخير.
السؤال الذي قد يطرح نفسه من باب الافتراض هو ماذا لو قامت عاصمتا الجذب اي بغداد ودمشق بإعلان الوحدة. هذا سيستدعي حُكمًا ان تتطور الامور في استتباع عواصم الأطراف للانضمام الى هذا التحالف في أقل تقدير ان لم نقل الالتحاق الحتمي في الانضمام الى هذه الوحدة. هل يتوقف عندها عمل النهضة؟ الجواب هو حتما بالنفي لان حياة الأمة وعزها وتطورها وارتقائها سيبقى. لأن عملية الارتقاء والتطور لن تتوقف عند إعلان الوحدة بل تستمر في النضال والصراع لتغليب المبادئ الاصلاحية التي هي اساس الارتقاء السياسي والاجتماعي والاقتصادي والثقافي والأمني.
ما هي البرامج والدراسات والابحاث التي قمنا بتطويرها لإقناع الأمة بفلاح وصلاح هذه المبادئ؟ كيف سنقنع اصحاب الفكر الكياني بأنهم سيكونون أكثر حرية وأكثر أمنا، وبأن التقديمات الاجتماعية من تعليم وصحة وإيجاد الوظائف لكافة فئات شعبنا ستكون متوفرة في الوطن بدلا من ان يبقى الوطن ينزف من هجرة العقول والايدي العاملة؟
هل استطعنا القيام بأبحاث ترمي الى التأكيد على ان الوحدة ستكون سببا ضروريا وكافيا لضمان الامن الغذائي والاجتماعي والاقتصادي لكافة شرائح شعبنا.
هل تقدمنا بمشروع سياسي يحترم إرادة شعبنا في مختلف كياناته حتى تكتمل الظروف المؤاتية للوحدة او للكونفدرالية بين الكيانات السياسية فنسعى لدى الانظمة وضمن حركات شعبية لتسهيل حركة الافراد والبضائع والثقافة بين مختلف كيانات الامة؟
ألم يحن الوقت لان نبادر الى مقاربة هواجس شعبنا وقلق شبابنا؟
كيف سنتعامل مع التفسخ الذي اصاب شعبنا في الكيان الشامي بعد ان دمرت نسيجه هذه الحرب الضروس التي ضربت وحدته النفسية ومزقت العائلة وشرذمتها بين آلاف الارامل واليتامى. كيف ستتكون نفسية الاطفال الذين تربوا ونموا خلال هذه الحرب؟ كيف سيعاد لهم التوازن النفسي من خلال إعادة تأهيل ليعودوا مواطنين صالحين منتجين في ورشة إعادة رئب الصدع الذي أصاب نسيج المجتمع لدى شرائح الذين هُجِّروا وجاعوا وأذلوا من لوعات الحروب وويلاتها؟
أليس من أولويات وصلب مسؤوليتنا ان ننكب ونتنكب لدرس وعلاج هده الأزمات؟
السنا المسؤولين عن حياة شعبنا ووحدته ورقيه وحياته؟
وإذا كنا لا نملك الامكانيات وليس لدينا الاختصاصيون فلماذا لا ندعو الى ندوات تعنى بهذه الشؤون وندعو كذلك علماء اجتماع وعلماء نفس للمناقشة والتداول وتبنّي المقترحات ونوجه إداراتنا لتعنى بهذا الشأن في أية قرية او حي او مدينة بحاجة لهذه المعالجة.
أم أن حيويتنا تم اقتصارها في النشاطات السياسية التي منذ ان انخرطنا في المجالس النيابية والوزارية لم نستطع ان نقدم للأمة اية مساهمة في تحسين حياة المجتمع وأصبح وجودنا او غيابنا عن هذه المجالس سيان. لقد أصبحنا فاترين باهتين لا لون ولا طعم ولكن هنالك رائحة اللوثة اللبنانية.
النهضة عمل متواصل في ابتداع الافكار والوسائل لارتقاء حياة الأمة وابتداع الأساليب التي تُبقي على حيويتها وتقدمها في شتّى المجالات من اجتماعية وسياسية واقتصادية وثقافية وفنية. وأولى مهماتنا ان نرى الى ما يعيق حياة الأمة وفلاحها وتقدمها ونوجه جهودنا الى ازالتها. فإن لم يكن ذلك بمقدورنا حاليا، ففي أقل تقدير ان ينصب جهدنا على الاضاءة عليها وتقديم المقترحات التي تساهم في علاجها.
تبقى النهضة هي الغاية الرئيسة وابتداع الوسائل هي من مهماتنا.
ألم يسع سعاده نفسه لتبديل وسائله حينما رأى ان هذه التنظيمات التي أنشأها سابقا لا تخدم الغاية التي أنشئت من اجلها؟
ألم يعطل المجالس العليا من تشريعية وتنفيذية عندما رأى ان بعضهم خرج عن العقيدة وآخرين تواطأوا بسكوتهم؟ ألم يعزل آخرين لعدم شعورهم بالمسؤوليات الجسام او لعدم كفاءتهم؟
لم يكن امام عيني سعادة الا التقدم والانتصار ولكن بئس من كانوا يحيطون به من يهوذات يخونونه وبطرسات ينكرونه ومجدليات يدفعن دما ثمن ما يقترفه تجار الهيكل.
أتساءل احيانا والسؤال مبرر هل أن سعادة كان فقط يرمي إلى إنشا حزب ومؤسسات للعمل السياسي والاستمرارية فقط، أم انه أنشا تنظيما ووضع له الدستور والقوانين وليس أمام عينيه الا الانتصار؟