كلُّ مزرعةٍ تقول: أنا الغابة!
Share
تردّت الأوضاع الأخلاقية والسياسية والاجتماعية في الغابة، واختلفت الحيوانات حول مستقبل الأحراش، بعد أن ظهرت الأدغال وكأنها انحرفت عن المسار الذي رسمته الطبيعة.
الحيوانات المفترسة، اتهمت العاشبة بالرعي الجائر. والثانية حمّلت مأساتها لفجعنة الحيوانات اللاحمة التي ستودي بالقطعان للانقراض. الطيور طالبت بتسلّم زمام القيادة لأنها ترى الغابة استراتيجياً من الأعلى. والخرفان طالبوا بتعديل الدستور حتى لا يفنى الغنم نتيجة الالتهام ولا تموت الذئاب من الجوع. حيوانات أخرى رأت أن عدم الالتزام بشريعة الغاب هو السبب في انخفاض الموارد وانتشار الفساد.. الخنازير اتهموا التماسيح بالتعامل مع البحيرات كملك شخصي. والنمل اشتكى من أصحاب الحوافر الذين يطؤون بيوته بلا رحمة. الجواميس والغزلان والحملان، طالبوا بالقيادة لأنهم الأغلبية. والنمور تمسكوا بالسلطة لأنهم الأقوى. الثعالب أرادوا منصباً رفيعاً لأنهم الأدهى. الفهود انشقت عن النمور. والضباع أسست حلفاً ضد الذئاب، والحمير رأت مستقبلها مع الكلاب.
الجميع جاؤوا بوثائق وأوراق رسمية ومقاطع فيديو تؤكد صحة مواقفهم. وبدأت الإذاعات ومحطات التلفزة باستقبال ممثلي الأحلاف لإجراء المناظرات العلنية أمام الجمهور، وهو ما فاقم حدة الانقسام والخلافات، وجعل كل فريق يتمترس بمنطقة خاصة في الغابة، حيث كانت خطوط التماس تشهد أعنف المعارك بين المتخاصمين.
تدخلت الغابات المجاورة، وأرسل مجلس الأدغال العالمي ممثلين للقاء قادة الأحلاف المتناحرة، وبدأت عمليات دعم “الفرقاء” عبر الحدود، فانتشرت تجارة بيع المخالب والأنياب والقرون الحادة، وخسرت الغابة مساحات من أراضيها كمناطق أمنية للغابات الأخرى.
مجلس الأدغال العالمي قرر إنشاء منطقة عازلة تديرها الأفاعي، بذريعة أنهم الأكثر حكمة، للفصل بين المتحاربين، فكثرت الأحناش وغلظت “الحيايا” وتوسعت مملكتها على حساب الغابة التي لم تصل حيواناتها إلى حل يرضي الجميع.
انقسمت الغابة إلى مزارع كثيرة، وكل مزرعة تقول: أنا الغابة! عرفتوا كيف؟