LOADING

Type to search

معركة الموانئ (فواصل زمنية ومقدمات تأزيمية قبل الانفجار الأعظم)

العالم موضوع العدد يوميات مسخمط

معركة الموانئ (فواصل زمنية ومقدمات تأزيمية قبل الانفجار الأعظم)

مي هديب
Share

ملاحظة: في البداية قد يبدو المقدم داخل مجموع المقالات التي تتناول فكرة معركة الموانئ، متقافزًا في التحليل بحيث تسبق سنوات على سنوات، وأحداث على أحداث، فما اعتمد داخل كتابة مجموع المقالات هو نقاش الحيثيات بغض النظر عن التسلسل الزمني المطروح داخلها، في محاولة لربط الحدث بشكله العام، بدءًا من مفهوم التأزيم الاقتصادي، وانتهاءً إلى محاولة فهم ما بعد أوكرانيا والمعركة المرتقبة في غرب أفريقيا ووسط آسيا.

في مقدمة الأزمة

مع انتصاف عام 2019، وكنتيجة للحروب التي شنتها إدارة ترامب ضد عدد من كبريات الاقتصاديات في العالم، وفي مقدمتها روسيا والصين، اشتعل سؤال يقول: هل يسقط العالم مرة أخرى في هاوية أمة اقتصادية تفوق في تبعاتها أزمتي 1929و 2008؟

فعندما تولى ترامب مهامه كرئيس للولايات المتحدة الأمريكية، كان مجموع العجز المزمن وفوائد الدين العام يُعادل إجمالي الناتج المحلي حيث بلغ 19950 ألف مليار دولار، وارتفع عجز الميزانية بنسبة 17% ، ليقفز إلى 779 مليار دولار بالغًا أسوأ قيمة إجمالية له منذ 2012، حيث بلغ العجز مع نهاية 2019 مستوى 1.416 تريليون دولار متجاوزًا توقع مكتب الميزانية في الكونغرس الأمريكي إذ توقع أن يقف العجز عند عتبة 900 مليار دولار. وارتفعت قروض الشركات بالنسبة لعشر سنوات سابقة بمقدار الضعف تقريبًا، تغذيها بذلك السياسة النقدية التي اعتمدها الاحتياطي الفدرالي بعد أزمة 2008، حيث بلغت ديون الشركات 9 آلاف مليار دولار، والتي باتت تشكل خطرًا على الاقتصاد الكلي وفق رئيس البنك الفدرالي.

التوجه الأمريكي لدرء الخطر الشرقي بدأ في عهد باراك أوباما، حيث انتقلت الصين من إنتاج البضائع الرخيصة إلى رؤية تهدف إلى عالم لا مكان فيه للاحتكار الأمريكي والغربي فيما يتعلق بالصناعات النوعية، والدخول في مجال التنافس التكنلوجي، وهنا أصبحت الصين منافسًا خطرًا على اقتصاد الغرب ككل، واقتصاد الولايات المتحدة بشكل خاص، مع اكتسابها مكانة عالمية جديدة أعطتها لقب “مصنع العالم” بامتياز الواقع.

هنا لنعد قليلاً إلى سمير أمين، ولننطلق من إجابته عن أزمة الرأسمالية في وصفه لمحدودية الحل عبر وصف العولمة بأنها – نفس اللحظة العصيبة التي تُعلن عن موجة جديدة من الحروب أو الثورات- فالغرب ممثلاً بالهيمنة الأمريكية حين أوجد مفهوم العولمة لم يكن يخطط لمستقبل غيره من خلالها، حيث إنه وعبر إدارتي أوباما وترامب، حاول أن يكبح الآخر، ووصل إلى مرحلة رفض العولمة في إدارة ترامب، إذ باتت الصناعة تشكل أقل من 10% من الاقتصاد الأمريكي والأوروبي.

الانتقالات المحورية في أزمة 2008

ما أفضت إليه أزمة 2008 لم يكن مجرد أزمة مالية عابرة، بل وضحت مجموعة من الأزمات المركبة في البنية الرأسمالية تعتمد على أطروحة تقول: “منذ نهاية الانتعاش الاقتصادي في فترة ما بعد الحرب العالمية الأولى والثانية – على الأقل في البلدان الشمالية المتقدمة – (( ونحن هنا نصفها بأنها ناهبة لثروات بقية الأمم وفق تصنيف شمال جنوب)) كانت هناك نزعة لأن تصبح الأزمات أكثر تكرارًا، وأكثر انتظامًا وتواجدًا عالميًا، وأن تصبح تدريجيًا أكثر حدة وضرارًا، وكذلك أكثر تداخلاً واعتمادًا على بعضها البعض، وأكثر تزامنًا، فتبلغ في نهاية الأمر المستوى الحالي من المجازفة والأخطار وعدم الاستقرار – بارك.ك. جبلز، كراس نقاش حول العولمة- أستاذ السياسة العالمية في جامعة نيوكاسل”، وهو ما يعبر بشكل أو بآخر عن المالتوسية الجديدة، التي كان أكبر شكل لتطبيقها عالميًا ما حصل خلال أزمة الكورونا شباط 2020.

هذه الأطروحة والتي هي ناتج للمنطق الرأسمالي، وضعت العالم بأجمعه بما فيه المشاريع الصاعدة أمام أزمة في الطاقة والغذاء، وأزمة بيئية حرجة، وأزمة مالية، ففي مجال الغذاء وحده، وتحت مفهوم الثورة الخضراء، أُجبر القطاع الزراعي على الدخول في التحولات الاقتصادية بواسطة رأس المال القادم من سوق المعادن، بحث أصبح الواقع الغذائي العالمي يعتمد على زراعة المحصول الواحد، مما تسبب بطرد ملايين الفلاحين من أراضيهم لصالح شركات الإنتاج الزراعي العابرة للقارات، وأوصل ما يفوق الـ 50 مليون شخص إلى أدنى مستويات الفقر ما بين 2007- 2008.

وهنا كانت استعادة السؤال على ضرورته الأولى في المقدمة، هل نقف على عتبة أزمة مالية عالمية هي بالضرورة أكبر في تبعاتها من أزمة 2008؟

المؤشرات التي اعتمد عليها الاقتصاديون في العالم للإشارة إلى أزمة تصل إلى مرحلة كساد عالمي:

1-  الانسحاب المفاجئ للأثرياء من سوق العقارات، حيث ذكرت تقارير أن مبيعات المنازل المسعرة عند مستوى 1.5 مليون دولار أو أكثر سجلت تراجعًا بنحو 5% في الولايات المتحدة.

2-    انخفض ناتج التصنيع في الصين عام 2019 بنسبة 4.8%، أي إلى أقل معدلاته منذ 17 عامًا.

3-    تراجع الاقتصاد الألماني بنسبة 0.2% في الربع الثاني من2019، وهو الحال ذاته في بريطانيا.

4-    سعي محموم من البنوك المركزية لشراء الذهب، وهو مؤشر على قلق هذه البنوك من المستقبل، فالأوراق النقدية المطبوعة في السوق أكبر بكثير من القيمة الحقيقية لها، ومع استمرار طباعة العملة، وتكدس البضائع (الإنتاج أكبر من طلب السوق) وارتفاع أسعار الأسهم دون ارتفاع موازٍ في الإنتاج أو البيع وأرباح الشركات، كل هذا يعني أننا مقبلون على فقاعة مالية نووية.

5-  يواجه الاقتصاد الصيني نموًا قد يكون الأبطأ منذ حوالي 3 عقود، في ظل حرب تجارية طويلة الأمد مع الولايات المتحدة الأمريكية.

6-     الدين العام العالمي بلغ مستوى قياسيًا، حيث أصبح أكثر من 250  تريليون دولار منذ مطلع 2019.

7-   وهي النقطة التي قد تكون الأخطر والأهم في هذه المؤشرات، تصاعد الأزمة بين إيران والولايات المتحدة الأمريكية، مما سيفضي إلى تهديد حقيقي لاقتصاديات منطقة غرب آسيا، التي تعاني أصلاً بسبب أنماط الاقتصاد المعتمدة بنسبة كبيرة في الدخل القومي على واردات النفط، حيث من المتوقع أن يصل سعر برميل النفط لحدود 200$ وقد يقفز عن هذه الحدود، وهو ما يشي بارتفاع غير مسبوق في الأسعار على المواد الأساسية على مستوى العالم.

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.