LOADING

Type to search

مشية العار

ملف فلسطين موضوع العدد

مشية العار

الفينيق
Share

فريق الأبحاث في “الفينيق”

تتسع الشقوق في دولة الاحتلال، ليس فقط السياسية، بل الاجتماعية والمالية والأمنية كذلك. في هذا العدد من الفينيق نتناول هذه الظواهر.

“وكان رد المبرقشة الأوحد، حكاية كانت تدور منذ أيام في الحي اليهودي بغرناطة، وهي التي جعلتها تختار المنفى. “يحكى أن أحد حكماء جماعتنا، وضع على نافذة من نوافذ بيته ثلاث حمامات إحداها منتوفة الريش علّق في رقبتها لوحة كتب عليها، ‘كانت هذه المرتدة آخر العازمات على الرحيل’؛ وكانت الحمامة الثانية منتوفة الريش، ولكن حية، وقد حملت لوحة عليها، ‘رحلت هذه المرتدة قبل الأولى بقليل’؛ وكانت الثالثة مكسوة بريشها، وكان بالإمكان قراءة ما يلي في لوحتها، ‘كانت هذه أول من رحل.'” من رواية “ليون الأفريقي”.

يبدو أن دولة الاحتلال الإسرائيلي تعيش كابوسًا يتراوح بين حكاية الحمامات الثلاث لمعظم الشعب، ومقطع “مشية العار” من مسلسل “لعبة العروش”، لبعض القيادات الإسرائيلية. ففي “مشية العار”، تجبر الملكة على السير وسط الغوغاء، عارية من الثياب، وسط سيل من الشتائم والقاذورات التي توجه ضدها. كل هذا بتحريض من رجل دين تحالفت معه ضد معارضيها، فسيطر في النهاية على الجموع، مستثيرًا إياهم ضد العائلة المالكة.

بالمختصر، الأزمة الإسرائيلية هي أن الأحزاب الدينية واليمينية المتطرفة تشعر بفائض قوة تستطيع معه تغيير ميزان السلطة في الدولة بما يخدم توجهاتها الدينية والعنصرية والتوسعية. ومع أن الرابط الأول بين نتنياهو وبين هؤلاء، هو التوسع، أو “تعميق جذورنا في الأرض” حسب تعبيره مؤخرًا، إلا أن نتنياهو، كالبهلوان الذي يلعب بخمس كرات في الهواء، عليه إبقاء هذه الكرات متحركة طيلة الوقت، علمًا أن ما يلعب به ليس كرات، بل مشاعل حارقة.

الحلفاء الدوليون
للمرة الأولي منذ سنوات تواجه حكومة إسرائيلية بيانا ناقدا لسياستها في الضفة الغربية يوقع عليه خمس من حلفائها هي الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا وإيطاليا، وألمانيا. وما لبثت كندا أن أضافت صوتها هي الأخرى مندّدة بسياسة توسع الاستيطان ومؤكدة على تمسكها بحل الدولتين.

الرأسمال الجبان
نشرت الصحف الإسرائيلية تقارير عن هروب حوالي الأربعة مليارات شيقل، أي ما يزيد عن المليار دولار في الأسابيع القليلة الماضية من المصارف الإسرائيلية إلى الخارج. وجهة هذه الأموال في غالبيتها كانت إلى الولايات المتحدة وأوروبا. وقد عزت الصحف هذا الهروب إلى الصراع الدائر حول صلاحيات المحكمة العليا، والتغييرات التي تعزم الحكومة على إجرائها في الميدان القضائي.

فضيحة التدخل في الانتخابات
كرة أخرى سيكون على الحكومة التعامل معها، هي فضيحة شركة “دِمو مان” التي لها جيش من الشخصيات الالكترونية الوهمية التي توظفها في التدخل في الانتخابات والمسائل الاجتماعية الشائكة في أكثر من ثلاثين دولة حول العالم. تتقاضى هذه الشركة، التي يديرها شخص يدعى “طال حانان” عشرات ملايين الدولارات في بعض الأحيان لقاء خدماتها. صحيفة الغارديان، مع عدد من الصحف العالمية، قامت بتحقيق خفي على مدى أشهر، قامت خلاله بتسجيلات فيديو لـ “طال حانان” وهو يتباهى بأنه قد نجح في التأثير في سبعة وعشرين انتخابًا من أصل ثلاثة وثلاثين انتخاب رئاسي تدخل فيها. خدم “طال حانان” في الجيش الإسرائيلي وهو على علاقة وثيقة بالمؤسسة الأمنية الإسرائيلية.
الإصلاحات القضائية
لا يتفق جميع الإسرائيليين على هذه التسمية، بل إن قسمًا كبيرًا منهم يصفها بأنها انقلاب تقوم به الحكومة وأحزابها اليمينية المتطرفة بغرض السيطرة الدينية من جهة والتهرب من المسائلة القضائية من جهة أخرى. هذه المعركة استنفرت عشرات الآلاف من الإسرائيليين للتظاهر أسبوعيًا ضدها، كما استدرجت قطاعات عديدة بما فيها المصارف والاستثمار وقطاع التكنولوجيا وسواها، ناهيك عن الإدارة الأميركية وبعض الدول الأوروبية التي تحذر من مغبة هذه الإصلاحات على “الديموقراطية الإسرائيلية”.صراع ديوك الأمن
هناك صراع حقيقي تزداد وتيرته يوما بعد يوم، بين كل من وزير الدفاع “يوعاف غالانت” من جهة ووزير الأمن القومي “بن غفير” ووزير المال والوزير في وزارة الدفاع (في آن معا) “بزعليل سموترش”، من جهة ثانية. “غالانت” يقوم بتفكيك بعض المستوطنات “غير الشرعية” فتثور ثائرة “بن غفير” و”سموترش”. “نتنياهو” ساعةً يرضي هذا وساعة يرضي ذاك. الصراع سوف يستمر.

خلاصة
إلام تشير كل هذه الصدوع. هناك حقيقة لا يمكن تجاهلها، ألا وهي أن التيار الديني المتشدد يكبر ويزداد قوة، في حين أن مؤسسة المال/والعسكر، تخسر من جمهورها. نحن لا نعتقد أنه بإمكان إسرائيل العودة إلى حكومة “مدنية” أو حتى وسطية. هناك إما حكومات يمينية دينية متطرفة أو انتخابات متكررة وصراع ديوك. مؤسسة المال/العسكر لن تستطيع حسم الموضوع إلا عبر مغامرة انقلاب عسكري تمسك فيه بمقاليد السلطة وهذا أمر مستبعد. أما مؤسسة الدين/الشريعة فالوقت لصالحها. للعلم، “آريه درعي” لديه تسعة أولاد. بن غفير لديه خمسة وسموترش لديه سبعة، وكلاهما شابان. نتنياهو لديه ثلاثة أولاد فقط.

نعود إلى حمامات المبرقشة، ومشية العار. لقد بدأت حمامات المال بالرحيل، فمن سيتبعها؟ وهل نرى سارة نتنياهو يوما وهي تمشي “مشية العار” في شوارع القدس؟

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.