LOADING

Type to search

تسعون بالمئة من السوريين تحت خط الفقر والأمن الغذائي في حدوده الدنيا

الوطن السوري موضوع العدد

تسعون بالمئة من السوريين تحت خط الفقر والأمن الغذائي في حدوده الدنيا

بادية الونوس
Share

طلبت أم سامر من البائع والحياء يلفّها، لبنة بـ 150 ليرة فقط، تريد إعداد سندويشة لطفلها، أما هي فتتدبر أمرها بما تيسر. بدت على ملامح البائع الدهشة من طلبها خاصة أنها تنتمي لشريحة (أملاك الدولة) أي ذوي الدخل (المهدود)، لكن الظروف الضاغطة التي تعيشها الغالبية العظمى من السوريين دفعتها لتحيا على الخبز والماء، فالخضار والفواكه أصبح شراؤها بـ(الحبّة) بسبب الارتفاع الفلكي للأسعار التي لم تشهد لها البلاد مثيلاً.

84 بالمئة غير آمنين غذائيًا

حال أم سامر حال الأغلبية العظمى من المجتمع السوري التي وصلت 90 % منها إلى حافة المجاعة الحقيقية، بمعنى غير آمنة غذائياً تحيا على فتات الفتات، واستغنت عن قائمة طويلة من البيض والحليب ومشتقاته، ناهيك أن اللحمة والفروج أصبحا من المنسيات! واقع يشي أن السوريين يصنفون غير آمنين غذائياً. يقول تقرير نشر سابقًا صدر عن مكتب الإحصاء المركزي، بالتعاون مع برنامج الأغذية العالمي إن نحو 90% من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، وإن 12.4 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي. وأسباب ذلك عديدة بدءًا من الحرب الطاحنة التي تعرضت لها البلاد والعقوبات الاقتصادية الظالمة، إلى تدهور الثروة الحيوانية وتراجع انتاج الأراضي الزراعية خاصة في المناطق الشرقية التي تعد خزان الاقتصاد السوري. أمام هذا الواقع الموجع يقترح خبراء الاقتصاد التركيز على الزراعة وتأمين المناخ الاستثماري الزراعي المناسب، وكذلك التركيز على الخبراء لأنهم أساس النهوض بالبلد.

تراجع إنفاق الأسرة

يقول الباحث الاقتصادي فاخر القربي لمجلة (الفينيق) الإلكترونية: “إن وسطي إنفاق الأسرة السورية قبل الحرب شكل 45% منه على الغذاء و55%على الاحتياجات الأخرى، لترتفع نسبة الإنفاق خلال الحرب إلى 59 %على الغذاء و41 % على السلع والمواد غير الغذائية.. وفق إحصائيات العام 2020 فإن أكثر من 37% من الأسر السورية تعتمد في إنفاقها على مصدر دخل واحد، كما أن أكثر من 43% من الأسر تعتمد في إنفاقها على مصدرين، وتتركز مصادر الدخل على الرواتب ومعاشات التقاعد، ونسبة صغيرة على الاستدانة والقروض، اضافة إلى  بيع المحاصيل الزراعية. الفجوة بين الدخل والإنفاق وضعف مصادر الدخل شكّلت الهاجس الأكبر للمواطن، لاسيما في ضوء التدهور المستمر للأوضاع الاقتصادية، هذا جعل المواطن يستنزف مدخراته وأصبح في مواجهة خطيرة تهدد معيشته اليومية، ما أسهم إلى حدّ كبير في خلق موجة من هجرة السوريين إلى الخارج، كون هذه الهجرة شكلت نافذة اقتصادية بنظر المواطن المهترئ اقتصاديًا.”

 أسباب تفاقم الفجوة الغذائية

العديد من  العوامل أدت إلى تراجع الأمن الغذائي. يقول  الدكتور أمجد أيوب مدير الاقتصاد الزراعي في وزارة الزراعة لمجلة (الفينيق): “أولها  تراجع أعداد الثروة الحيوانية، وعدم الاستيراد سواء للأبقار أو الدواجن، ليأتي في المرتبة الثانية تراجع المساحات المزروعة بالخضار والفواكه ونقص الأيدي العاملة، وهذا أدى بدوره لارتفاع الأسعار، وعلى سبيل المثال شهدت أسعار الخضار  في موسمها ارتفاعًا فلكياً، ناهيك بأن  سعر البيضة وصل إلى 500 ليرة وسندويشة الفلافل إلى 2000 ليرة، ورغيف الخبز إلى 20 ليرة، ففي ضوء هذا الواقع لن يتمكن المواطن العادي من الوصول إلى حالة الاكتفاء الذاتي، ناهيك بأن الصناعات الزراعية تحتاج إلى عدة مواد أساسية لاستمرارها بالعمل وهي: المنتج الزراعي- الكهرباء. – الوقود- الأيدي العاملة، والأهم الأمان الاقتصادي، وفي سورية لم تعد هذه المواد متوفرة بشكل جيد خلال السنوات الأربع الأخيرة.”

دور الحكومة

يقول أيوب: “في ضوء الواقع الغذائي المتردي حاولت الحكومة التخفيف منه في بداية الأزمة الغذائية، لكن نقص وتراجع الإمكانيات المالية وفرض العقوبات الاقتصادية زاد من قصور عملها، عندما تتعرض أية دولة لحرب وضغوط اقتصادية كبيرة يتم تكليف حكومة مصغّرة خاصة تدعى (حكومة أزمة) وتتألف من عدد من السياسيين والعسكريين ورجال الأعمال الذين يعملون لتأمين الأمن والاقتصاد ولقمة عيش المواطن، وهذا لم  يحصل في سورية مع تفاقم الحرب والأزمة الاقتصادية، فبقيت الأسماء في الحكومة متكررة، لتعتمد هذه الحكومات على تأمين مواردها من المواطن السوري نفسه الذي يفترض بها مساعدته، لكن الذي حصل أن تلك الحكومات اعتمدت رفع أسعار كل المواد المحصور تسويقها بها، وخفّضت الدعم خاصة على مادتي الخبز والمحروقات اللتين بقيتا متوفرتين في الأسواق السوداء دون تفسير منطقي لذلك!”

استنزاف الثروة الحيوانية

أدّت الحرب أيضًا إلى استنزاف الثروة الحيوانية التي تعد عاملاً رئيساً في تحقيق جزء كبير من الأمن الغذائي لأي بلد، حيث قدِّرت منظمة الأغذية والزراعة عددها في العام 2018 بـ /18/مليون رأس غنم ومليونَي رأس ماعز، لكن حسب وزارة الزرعة فإن هذا العدد انخفض بنسبة 40 في المئة على الأقل، كما فقد قطاع الدواجن حوالي 70% منه.

يؤكد الدكتور نور الدين منى الباحث والخبير الدولي ووزير الزراعة الأسبق لمجلة (الفينيق) الإلكترونية أن الأمر الذي فاقم من مشكلة تراجع الأمن الغذائي هو عدم توفر الإنتاج، وعجز المزارع عن تأمين تكاليف الإنتاج، وتراجع أعداد الثروة الحيوانية بسبب التهريب العشوائي، إذ وصلت أعداد كبيرة من تلك السلالات إلى “إسرائيل”.

سوء إدارة!

 يقول منى: “إن المشكلة الرئيسة تكمن في سوء الإدارة وفي تأمين مستلزمات الإنتاج، وارتفاع الأسعار والوقود، هذه العوامل مجتمعة أدت إلى انخفاض الانتاج حاليًا مقارنة لنفس الفترة قبل الحرب، إذ كنا نصدّر 1,5 مليون طن من الفائض من القمح لأوروبا، لكن حاليًا فإن جزءًا كبيرًا من الأرض  مدمر إضافة إلى أن جزءًا كبيراً من المنطقة الشرقية التي تعد خزان الاقتصاد السوري تحت سيطرة داعش وقسد.”

مقترحات

للخروج أو التخفيف من هذا الواقع يقترح منى العمل ما أمكن على إعادة تأهيل البنى التحتية من آبار – طرقات زراعية – استثمار مساحات ودعم المزارعين بتقديم التسهيلات والقروض التشجيعية وتخصيص وقود مع إيجاد مناخ استثماري زراعي وتفعيل إنتاج الأبحاث والمراكز البحثية، بموازاة  التركيز على التخطيط الزراعي الذي لا يعتمد على رقم إحصائي دقيق والاهتمام بالخبراء الذين لا يمكن النهوض بالبلد في حال استبعادهم. 

تسهيلات

يضيف القربي على تلك المقترحات:

– السماح لاتحاد الغرف الزراعية باستيراد مستلزمات الإنتاج لتحسين الواقع الإنتاجي الزراعي.

– منح مساعدات للمزارعين على شكل خطوط ري حديثة وشتول وبذور من خلال التنسيق بين اتحاد غرف الزراعة والاتحاد العام للفلاحين.

– تقديم كل ما يلزم لإنتاج صناعي منزلي ولاسيما من الإنتاج الزراعي والنباتي والحيواني.

– إيجاد قنوات تصريف للمواد المنتجة زراعيًا وصناعيًا

– تقديم تسهيلات مصرفية للقروض الزراعية والإنتاجية بعيدًا عن ربطها بالمديونية للجمعيات الفلاحية.

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.