LOADING

Type to search

بلاد الشام .. الإبادة المتنقلة

موضوع العدد

بلاد الشام .. الإبادة المتنقلة

أسامة المهتار
Share

يجب أن نتوقف عن النظر إلى الأحداث في بلاد الشام على أنها منفصلة ومعزولة. للتوضيح، نعني ببلاد الشام المنطقة الممتدة بين البحر الأبيض المتوسط غربًا والعراق شرقًا، وبين تركيا شمالًا والجزيرة العربية ومصر جنوبًا. هذه الأحداث، سواء في الساحل السوري، غزة، لبنان، الضفة الغربية والعراق، كلها جزء من إبادة متنقلة لا تتوقف. إن بلاد الشام وحدة، ولكنها منهكة بالأحقاد، مقسمة، وواقعة تحت الاحتلال.

هذه الإبادة لها منفذون داخليون وداعمون ومؤثرون خارجيون. في فلسطين المحتلة، تقوم إسرائيل بإبادة الفلسطينيين في غزة وتهجيرهم قسرًا من الضفة الغربية، وذلك بدعم ومشاركة مباشرة من الولايات المتحدة الأمريكية. في سوريا، تقوم جبهة النصرة، التي أعيدت تسميتها إلى هيئة تحرير الشام، بإبادة العلويين وإرسال تهديدات واضحة إلى المسيحيين بأن دورهم قادم. هذه الجماعة، التي لا تزال مصنفة كمنظمة إرهابية من قبل معظم القوى الغربية، تحظى بدعم مباشر من تركيا. منع الجنوبيين اللبنانيين من العودة إلى منازلهم وإعادة بنائها حتى يستسلموا لمطالب إسرائيل هو استعباد قيد التنفيذ.

من المستفيد من هذه الإبادة؟
هناك ثلاثة مستفيدين رئيسيين وعدد من المستفيدين الثانويين. الأول هو إسرائيل التي دخلت مرحلة جديدة في تنفيذ مشروعها، “إسرائيل الكبرى”، بكل ما يحمله من تبعات تتعلق بتوسيع الدولة اليهودية. الثاني هو الولايات المتحدة الأمريكية التي تطمع في موارد المنطقة وموقعها الجغرافي. الثالث هو تركيا التي تعمل على استعادة أمجادها كإمبراطورية عثمانية. أما اللاعبون الثانويون فهم إيران، الجزيرة العربية، ومصر، التي لكل منها مصلحة تاريخية في إبقاء المنطقة ضعيفة ومنقسمة من أجل توسيع نطاق نفوذها. يتبعهم في ذلك بريطانيا وفرنسا، اللتان كانتا قوتين إمبراطوريتين في المنطقة، والآن تحاولان التقاط بعض الفتات من المائدة الأمريكية.

هل هناك طريقة لإيقاف هذا الجنون؟
نعم، لكن بصعوبة كبيرة وبإرادة صلبة. الصعوبة تكمن في أن الكراهية الداخلية متجذرة بشدة، والطموحات الخارجية هائلة، وكلاهما يؤدي إلى استنزاف حيوية شعوب المنطقة ودفعها إلى اليأس.

يجب أن تترسخ رؤية جديدة للحياة في قلوب وعقول الشعب القاطن هذه المنطقة. أن يؤمن بأن جميع الناس يولدون متساوين بغض النظر عن الانتماء الديني لآبائهم؛ أن ينظروا إلى بعضهم البعض بمحبة واحترام؛ أن يرفضوا دائمًا أي محاولة للتدخل الخارجي مهما كان غطاؤها. ويجب أن يكون الأساس لكل هذا رغبة مشتعلة في استعادة الدور التاريخي الذي لعبه هذا الشعب كمساهم في الحضارة الإنسانية، وهو دور لا يمكن استعادته بينما هو يرسف في سلاسل الكراهية والضعف والاستعباد.

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
Set Youtube Channel ID
LinkedIn
Instagram0
Previous Article

2 Comments

  1. Avatar
    Hussein Bazzi 23 مارس، 2025

    منذ الف عام ونحن في ابادة جماعية واعني كما تفضلت بلاد الشام من اقصاها الى اقصاها وفقط لا ترتكب الا في بلاد الشام تحت مسميات لا ترتكز على عقل عاقل ولا شء من عدم فالصراع على السلطة والانقلابات اللامحدودة وبناء ترسانة من العشائر تتحكم بكل بادية وحدود وانظمة القمع وبناء دولة ونظام ودستور طائفي لكل بلد ملاصق لبعضه مع بصمات لكل من احتل وواضطهد وقسم بلاد الشام الى جزئيات طائفية متناحرة اما الابادة الحالية فهي تحت ذريعة الله لكل طائفة ان كانت صهيونية او تحت مسمى الاسلامية ..علة مجتمعاتنا هي الفقر التفكيري العقلي وسرقة ثرواته جعله عاطل عن العمل ….والعاطل عن العمل دون فكر وتربيه قد يبدع بالمجازر وهذا حصيلة ما نخثده اليوم في بلاد الشام والتي لم تمتد الى اي دةلة او بلد من حسن الجوار امر غريب ومقلق الى حد ..كحد السيف تماما ..

    رد
    1. أسامة المهتار
      أسامة المهتار 23 مارس، 2025

      شكرا على مرورك وتعليقك صديقي العزيز.

      رد

Leave a Comment أسامة المهتار Cancel Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.