LOADING

Type to search

عرفتوا كيف – بقرة الشعب.. ومسلخ الحكومة!

نقد سياسي

عرفتوا كيف – بقرة الشعب.. ومسلخ الحكومة!

Avatar
Share

اشترى الشعبُ بقرة، ساهمت في دفع ثمنها جميع الفئات والشرائح والطبقات.. المعدمون قدّموا الدموع والدعوات كي لا تصيبها الأمراض، أما صغار الكسبة وحثالة البروليتاريا، فخصصوا جزءاً من مدخولهم الشهري لسداد الديون.. الموظفون أخذوا قروضاً طويلة الأمد، وأصحاب الدكاكين تخلوا عن جزء من مرابحهم لأجل شراء العلف.. أما النخب السياسية والثقافية، فتعهدت بتقديم الدروس التنويرية للبقرة كي تعرف طبيعة المرحلة التي يمرّ بها الشعب فتشعر بالمسؤولية التاريخية الملقاة على “بزازها”..

الحلّاقون تبرعوا بالأمشاط كي يبقى شعرها ناعماً، والخياطون صمّموا الألبسة التي تحميها من البرد.. الفلاحون زرعوا مساكب “الفصّة” كي لا تشعر البقرة بالجوع أبداً..  

..البقرة تجتر العشب طيلة النهار وتكفتُ الحليب من ضرعها مثل الشلال، يخزي العين… باع الشعب نصف الكمية بمرابح كبيرة، وصنع من الباقي جبنة ولبن ولبنة، ثم اشترى بالمبلغ الفائض علباً بلاستيكية كي يؤسس أول شركة لمشتقات الحليب.. الشركة تطورت وزادت مرابحها نظراً لنظافة الشغل وجودة المنتجات، فأصبحت تصدّر الجبنة واللبنة وتقبض بالعملة الصعبة..

ضربت الآفاقَ سمعةُ البقرة، وراحت وسائل الإعلام تتنافس في نشر صورها وهي ترعى وتدرّ الحليب أو تتمردغ على العشب.. الصحفيون هرعوا للحصول على (خِوارٍ) خاص من البقرة التي كانت تحدّق مدهوشة مما يجري!. أما خبراء الاقتصاد والشأن المالي والبورصات، فعقدوا الندوات كي يبحثوا عن السر الذي جعل البقرة تخطف الأضواء وتنجح في عملها بهذا الشكل!.

 تَرَحْرحَ الشعب ووضع رجليه في مياه باردة، بعدما تأكد أن البقرة ستحقق أحلامه التاريخية بالعيش الكريم، فرفع سقف أهدافه إلى المطالبة بإعادة انتخابات مجلس النواب والتوزيع العادل للثروة وتحقيق الوحدة ونيل الحرية والانتصار على الأعداء!.

كبرت القصة في رأس الشعب، فطالب بإطلاق معتقلي الرأي وحرية الإعلام ووضع حد لرجال الدين الذين يتدخلون في السياسة…

اجتمعت الحكومة بشكل طارئ كي تبحث التداعيات التي سببتها البقرة.. بعض الوزراء قالوا إنها مدفوعة من جهات مشبوهة هدفها إثبات فشل الحكومة في تحقيق مطالب الشعب، والبعض الآخر رأى أن عولمة الاقتصاد تتنكّر اليوم على هيئة بقرة هدفها القيام بغزو ثقافي لإضعاف روح الانتماء والتلاحم بين الشعب والحكومة!.

الشعب كان غير مصدق وهو يرى أحلامه تتحقق على يد أثداء بقرةٍ تكتفي بالأكل ولا تجيد الخطابات أو كيل الشتائم ضد الامبريالية وعملائها في المنطقة.. الشعب سعيد، ويفكر بالمطالبة بإجراء انتخابات لاختيار ممثلين جدد ممّن كان لهم الفضل في اكتشاف فكرة البقرة الرائعة..

.. يصحو الشعب على وقع قرار حكومي يقول: يُبنى معمل مرتديلا في المنطقة، مع مسلخ وسكاكين حادّة وكلّابات!. عرفتوا كيف؟

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.