متلازمة المخّ الأعوج!

image_pdfimage_print

أثار الاكتشاف العلمي الجديد المسمّى “متلازمة الأقدام المتململة”، سخريةً غير مسبوقةٍ عند الشعوب العربية، خاصة عندما هرع السياسيونَ إلى تحميل تلك المتلازمة مسؤولية ضياع الطريق وفشل التنمية وإخفاق التحرير، إلى جانب كثرة الزواريب في البلدان وفقدان الأوتوسترادات وانتشار “الدراخيش” على حساب الساحات والأماكن المفتوحة!

ولمن لم يسمع بهذا الاكتشاف الذي يعتبر فتحاً جديداً في طبّ المجتمعات والطبطبة عليها، فهو يقول إن الأقدام يمكن أن تتململ متذمرةً من سوء إدارة الجسد لها، فتهجُّ وتطفشُ مقرّرةً السير من تلقاء نفسها، خاصة إذا كان المخ من النوع السميك غير القادر على استيعاب وَلَعَ تلك الأعضاء بالحركة وغرامها بالبحث الدائم عن الطرق المغرية للسير!

الشعوب العربية من جهتها، استهجنت تحميل متلازمة “الأقدام المتململة” مسؤولية الفشل الذي يلاحق الجسد ويبتليه منذ مئات السنين بانخفاض الضغط والدوخة والسكري وانسداد الشرايين.. وتساءلت عن السبب في إغفال متلازمات أخرى أكثر خطورة مثل متلازمة “الأذرع المبتورة” و”الضهر المكسور” و”المعدة الجوعانة” و”الكتف المأكول” و”الأثداء المترهلة” و”الأرداف السالتة” و”الفؤاد المحطم” و”القلب المعطوب” و”الكلية المهاجرة” و”الشريان المسدود”….الخ، فهذه المتلازمات أدت تاريخياً إلى انسلاخات مؤلمة عن الجسد النائم المستسلم على التخت كأن شيئاً لم يكن!

وباعتبارنا سليلي متلازمات أباً عن جدّ، قال البعضُ إن هذه المتلازمات تعتبر حالة صحية في عصر “الفدرلة” الحديث، الذي يضمن لكل عضو أن يغني على ليلاه بغض النظر عن الحفلة والهيصة أو”الزمبليطة” حتى لو كانت مُقامة من أجل تشييع الجسد نفسه شخصياً، فكيف الحال إذا دخل هذا الجسد حالة “الكوما” طوعياً وبات من المسلمات إكرام الميت عبر دفنه حسب الأصول؟

تصاعد صراعُ المتلازمات، وهبّشت الأعضاءُ بعضها بسبب تبادل الاتهامات بالمسؤولية عما آل إليه الوضع! متلازمةُ الأيدي مزقت العيون، ومتلازمة الأرجل داست على القلب، كما عمدت متلازمة الأظافر إلى تمزيق الصدر.. أما متلازمة المعدة فقطعت الغذاء عن الأوصال.. فيما انفردت متلازمة الكلية بامتلاك الماء العذب.. متلازمة الأذن الطرشة، قطعت الأصوات، والعيون الرمدانة حجبت  الرؤية، وكذلك متلازمة القلب المحطم أوقفت ضخّ الدم! ومن جراء ذلك أصيب الجسد بمتلازمة الهوان وراح يَسهُل عليه الترنّح ذات اليمين والشمال لأن كل متلازمة التزمت بما يلزمها معتقدة أن الآخرينَ بلا لزوم!

.. على سيرة المتلازمات، وباعتبارنا أبناءها أبّاً عن جدّ، فنحن ما زلنا ننتظر حدوث “متلازمة المعجزة”، تلك التي ستقول إن متلازمة “المخ الأعوج” هي المعتاشة على مرض المتلازمات هذا، وإن تصحيح اعوجاج تلك المتلازمة، هو القضية اللازمة التي لا غنى عنها.. لزومَ أن نحيا بلا متلازماتٍ.. ونعيش كلازمينَ وليس متلازمين!.. عرفتوا كيف؟

في هذا العدد“واو الوصل” >>
0 0 votes
Article Rating

You may also like...

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments