وبكى الجَرَادُ على الهلال “الجديب”!

image_pdfimage_print

سعادةٌ غامرة انتابت أسراب الجراد لحظة وصولهم إلى السماء السورية!

قائدُ أحد الأسراب قال: لقد أخبرني أجدادي عن جمال هذه الأرض وخيراتها، وأنا في شوق لأهبط في جنّات النعيم التي تحدثوا عنها.. قائد آخر أضاف: لاشك ستصيبنا الحيرة في اختيار المكان المناسب للنزول، لأن الروايات القديمة تقول إن هذه الأرض أشبه بالفردوس المفقود! فيما أعرب بعضهم عن شعورهم بالاطمئنان لأن زوجاتهم من الجرادات الحَبَالى سيضعن بيوضهنّ في هذه الأرض المباركة وستكبر الفراخ وفي أفواهها ملاعقُ من ذهب بسبب كثرة الثروات في هذه البلاد!.

حوَّمَ الجراد طويلاً في السماء دون أن يجد مكاناً يكفي أسرابه المليونية التي خوّرها الجوع وفتك بها الانهاك من طول السفر.. أخرج القادةُ الخرائط كي يتأكدوا أنهم لم يضلّوا الطريق.. شغّلوا تقنية الـ GPS ودخلوا إلى تحديد المواقع عبر “غوغل” كي يتأكدوا أنهم يطيرون على خط الطول والعرض بشكل صحيح.. ثم بعثوا فرق الاستكشاف لتبحث في كل اتجاه عن الجنة التي لم يجدوا أثراً لها!

ساعات طويلة والجراد يطير بلا فائدة، وفيما كان الشعب يحدق نحو الأعلى خائفاً من ساعة الهبوط التي ستأتي على ما تبقّى لديه من مؤونة وأرض تشبه اليباب، قرّر الحكماء تشكيل وفد يفاوض قادة الجراد ليضعهم في الصورة ويفهم ماذا يريدون بالضبط!

.. في الاجتماع المذكور، تحدث وفد الشعب عن الحرب ومؤتمر سوتشي والمدن المدمرة والجبال المحروقة وشح المياه والكهرباء وغلاء الأسعار وتوزيع الخبز والسكر والرز على البطاقة الذكية وقانون قيصر وتراكم مرضى كورونا في مشفى المواساة والمجتهد بسبب شحّ المَنَافس وندرة ذرات الأوكسجين، كما شرحوا لقادة الجراد ظروف غلاء البنزين والمازوت واللحوم الحمراء والبيضاء والبنفسجية التي صارت حلماً بالنسبة للناس الذين يعيشون اليوم على كراتين الإغاثة وصَدَقات المنظمات الخيرية!

دَمَعتْ عيونُ قادة الجراد وهم يحدّقون مندهشين من هول ما يسمعون، ثم راحوا يترحّمون على أجدادهم ويحمدون الله أنهم ماتوا قبل أن يروا ما سُمّي بالهلال الخصيب وقد تحوّل إلى هلال “جديب”، في هذه اللحظة، تدخل كبيرهم مبدياً تعاطفه مع الشعب قائلاً: (يا عمّي.. يبدو أن جراداً من نوع مختلف قد سبقنا إليكم منذ عهد طويل.. جرادٌ اقتاتَ على الغالي، ولم يفعل سوى الرخيص.. يا عمّي، لا تواخذونا.. جئنا كي نجرُدَكم.. فوجدناكم مجرودينَ ومجرّدينَ ومجرومينَ خلقة.. لا تواخذونا.. سنطير إلى سماء أخرى).. عرفتوا كيف؟

في هذا العدد<< البقاء للأمةفايز خضور – البقاء للأمة >>
1 1 vote
Article Rating

You may also like...

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments