فرّللو ينسى اسمه!

image_pdfimage_print

زيد قطريب

استيقظ فرلّلو  مبكراً فتفاجأ أنه قد نسيَ اسمه!  حاول جاهداً أن يتذكر، هل كانوا ينادونه “عمر” أم “جعفر” أم “طوني” أم “عمر”؟ لكنه فشل، وعندما يئس وخانته الذاكرة، خرج من المنزل قائلاً: إن الناس سوف تتعرف إليّ بالتأكيد!

في الطريق شاهد جاره ذاهباً إلى الحقل، فناداه ملقياً السلام، لكنّ الجار اكتفى “بالشوبرة” بيديه مشيراً إلى أنه نسي الكلام لسببٍ غير معروف!

تابع فرلّلو طريقه في الحي فوجد جاره أبو طشمة وهو يزحف على الأرض باتجاه دكانه في الحارة، فاستغرب الأمر، وعندما سأل عن السبب، أخبره الناس أن أبا طشمة نسي المشي بشكل مفاجىء!

في السوق، كان بعض الناس يضعون عطوراً رديئة لأنهم فقدوا حاسة الشمّ! المعلمون في المدارس شرعوا يغنون مع الطلاب لأنهم نسوا المعلومات! وأصحاب الصيدليات كانوا يبيعون الخضار.. الأطباء كانوا يبدلون إطارات السيارات معتقدين أنهم “كومجية”!

جلس فرلّلو على حافة الرصيف وهو حائر ما الذي حصل في البلد.. حاول أن يستعيد ذكرياته علّه يعثر على اسمه بلا جدوى! شغّل الراديو فسمعهم ينادونه بالشرق الأوسط، ثم أدار الإبرة وغيّر المحطة، فوجد أن الاسم تبدّل ليصبح  المنطقة العربية، وفي تردّدات أخرى خصّته نشرات الأخبار بتسمية مناطق التوتر والثروات الداشرة.. أثناء ذلك، مرّ في الشارع صديقه القديم عفلق الجضم، ناداه بأعلى صوته، لكن عفلق لم يسمع، فهرول نحوه ينهره ويصرخ به: ما بك لماذا لا تجيب؟ نظر إليه عفلق باستغراب ثم أشار إلى أذنيه اللتين تعطلتا عن العمل دون أن يعرف السبب!

ذهب محاولات فرللّو عبثاً وهو يحاول معرفة من يكون؟ فالناس حائرون ومشغولون بما فقدوه دون أن ينتبهوا.. السائقون تعرضوا للحوادث بسبب نسيان النظر، والخبازون صنعوا خبزاً رديئاً بسبب فقدان الذّوق.. العشاق عاشوا علاقات فاشلة بسبب ضياع الإحساس.. والجنود خسروا الحروب بسبب فقدان الشجاعة.. الأمهات فقدنَ الدعوات، والأرامل نسينَ البكاء، والغائبون نُزع من قلوبهم الحنين..

اجتمعت الحكومة لبحث أسباب الأمراض الغريبة التي أصابت الشعب على حين غرّة! فقررت الاستعانة بحواس فرللّو الذي نسي اسمه فقط… أخذوا قدميه من أجل الهروب، ويديه للقبض على المطلوبين.. ثم نزعوا قلبه لاستثمار العواطف.. ومن أجل القضاء على الخونة، استعاروا عينيه للرؤية، وأذنيه للتجسس، وصدقه للتدليس،  حتى معدته أخذوها لتبقى الأوضاع مهضومة بالنسبة للناس!

مازال فرّللو يمشي في الشوارع باحثاً عن أعضائه واسمه حتى اليوم، لكنه تحول إلى شبح!.. عرفتوا كيف؟

في هذا العددالمحاضرات العشر بالإنجليزية >>
5 1 vote
Article Rating

You may also like...

Subscribe
نبّهني عن
guest
0 تعليقات
Inline Feedbacks
View all comments