الوحدة السورية: الضرورة والتحديات-رئيس التحرير
كيفما ينظر المراقب المدقق والمطّلع بعض الشيء على مجريات الأمور من بيروت إلى بغداد ومن إدلب إلى تخوم الصحراء العربية يجد أن العامل الأساس فيما تعانيه بلادنا هو فقدان الوحدة القومية. فالإرادات الأجنبية تحتل بلادنا وتسيطر على مواردنا بسبب تشتت القوة المادية التي تنتج عن فعل الوحدة. وما يساعد هذه الإرادات في إيجاد موطئ قدم لها في بلادنا هو تفسخنا شيعا ومذاهب وأعراق كل منها يطلب حاميا خارجيا يستعين به على إخوته في المواطنة.
ابتداء من هذا العدد سوف تفتح الفينيق ملف هذه الوحدة تحت العنوان البارز أعلاه: الوحدة السورية: الضرورة والتحديات. ونحن إذ نفعل ذلك فبدون مواربة. إنها سوريا، وحدتها مطلبنا. إنها ضرورة حيوية لنا، وبدونها، وَضْعُنَا هو ما هو عليه، ولا نخال أحدا راضٍ عن وضعنا اليوم.
وتحت هذا العنوان العريض هناك عناوين فرعية فيما يلي بعض منها:
- التداعيات الوجودية الاقتصادية والبيئية بسبب الانقسام الكياني؛
- عرض ومراجعة نقدية لمشاريع الوحدة التي مرت على بلادنا؛
- النظرات الخارجية الى الحياة – ومعظمها ديني مذهبي: وهابية، ولاية الفقيه، إخوان مسلمون، إنجيليون أميركيون، كاثوليك فاتيكانيون، أرثوذكس يونان أو روس. هذه هي النظرات الطاغية في مجتمعنا المتناحرة فيما بينها أديانا ومذاهب ضمن الدين الواحد؛
- واستتباعا، العلاقة الملتبسة بين حاجتنا إلى حلفاء بعضهم يحتل أرضنا وبعضهم يطمح للسيطرة على مواردنا؛
- الاحتلالات وانعكاساتها الاقتصادية والاجتماعية؛
- الفساد، أسبابه وسبل مكافحته؛
- ثغرات في دساتير الكيانات السورية وقوانينها تفتح المجال لظلمٍ اجتماعي أو لاستبدادٍ او لفئات خارجية للتدخل في شؤوننا تحت ذريعة حماية “الأقليّات؛
- الهجرة، الخسائر، التحديات والفرص؛ وهلم جرا.
ثم، إذا كان الحزب السوري القومي الاجتماعي قد تأسس بسبب نظرة عالية إلى الحياة ملخّصها السعي لحياة أفضل في عالم أجمل وقيم أعلى، وَوَضَع لنفسه غاية تتضمن استقلال سوريا وسيادتها على نفسها وإقامة نظام جديد لها، فما هي الشروط الضرورية لتحقيق هذه الغاية، الحزبية منها والمجتمعية والدولية؟ كيف نصل إلى الأجيال الجديدة؟ ما هي المنطلقات الفكرية التي لا بد من التركيز عليها؟ ما هي التحديات القانونية في ظل ما يسمى بـ “الشرعية الدولية” وقراراتها منذ عصبة الأمم لليوم؟ كيف نتعامل مع الأراضي المحتلة؟ ما هو القاموس الذي نستخدمه؟
رب سائل، هل هذا هو الوقت المناسب لفتح هذا الملف؟ أليس من الأجدى معالجة التحديات الآنية من وضع مالي متردٍ واقتصادات منهارة ومظاهرات في الطرقات؟ جوابنا هو، إن لم يكن اليوم فمتى؟ لقد أهملنا النظر في الأساس وتلهينا بالقشور عنه. إن لم ينهض السوريون ويضعوا ملف وحدتهم القومية الاجتماعية بكل ما ينطوي تحت ذلك من مسائل على بساط البحث والتنفيذ، فلن نتمكن يوما من التغلب على العوارض الجانبية الناجمة عن تشرذمنا.
نختتم هذه الافتتاحية بعبارة للأمين الجزيل الاحترام سيمون حاجوج ننقلها بتصرف من توطئة كتابه “قبرص، حصن سورية في البحر”، المنشورة في مكان آخر من هذا العدد: “…إن طرح هذه المسائل في هذه الظروف ليس غريباً بقدر غرابة أن تغيب هذه المسائل الهامة عن وعي واهتمام البعض من شعبنا لعقود طويلة.” ونضيف، إن الخطر الأخطر هو في غياب هذه المسائل المهمة عن وعي واهتمام السوريين القوميين الاجتماعيين، قيادات وأعضاء، لعقود طويلة.
إن الفينيق إذ تفتح هذا الملف، تأمل ان يتجاوب المفكرون والباحثون فيُغنوا صفحاتها بأفكارهم، النظرية منها والتطبيقية.