الوحدة السورية: الضرورة والتحديات- الوحدة العراقية – الشامية، الحلقة الأولى –حسان يونس

image_pdfimage_print

تبدأ الفينيق اعتبارا من هذا العدد نشر سلسلة من المقالات حول الوحدة العراقية – الشامية والصعوبات التي تقوم في وجهها. إن هذا البحث الذي يعدّه زميلنا حسّان يونس، يعطي لمحة تاريخية عن المصاعب والعراقيل الداخلية والإقليمية والخارجية التي واجهت وستواجه هذه الوحدة. إن الوحدة السورية لن تحصل بمجرد الرغبة فيها. على أية جهة تريد العمل فعلا لتوحيد الوطن السوري أن تدرس هذه العقبات وإيجاد السبل للتغلب عليها.

في المثيولوجيا القديمة تتكرّر قصة ملك ظالم،يرى في أحلامه طفلا ينمو ليكون مصدر زعزعة لملكه كقصة سرجون الأكادي أو قصة هيرودوس مع يسوع وقصة الفرعون المصري مع موسى وقصة اوديب الملك. فينشب صراع يحاول من خلاله الملك القضاء على التهديد في المهد. وولكن القصة تنتهي دائما بولادة الطفل واكتماله نموه وقضائه على الملك الظالم. ربما تكون علاقة النظام الدولي منذ قرن من الزمان مع يقظة سورية الطبيعية، وكوابيسه جرّاء ذلك، إسقاطا مشابها، دفع بهذا النظام إلى ارتكاب كل ما يمكن لمنع حدوث هذه الولادة المهدّدة لسيطرته على العالم.

خريطة سايكس بيكو

تُعتبر سورية الطبيعية – منطقة الهلال الخصيب – منطقة جغرافية وديموغرافية واحدة، فلا حدود طبيعية أو إثنية أو تاريخية تفصل بينها، ولم تشهد انفصالاً عن بعضها منذ فجر التاريخ، حتى جاءت اتفاقية سايكس بيكو 1916، لتقسم هذه المنطقة إلى مناطق نفوذ بين كل من بريطانيا وفرنسا. هذا ما أنتج الكثير من التوترات والاضطرابات والسعي الإقليمي والدولي المحموم لضبط الواقع السياسي الجديد وترسيخه. وكان هاجس استمرار وإعادة تقسيم الوطن السوري قطب الرحى في نظرة النظام الدولي الحاكم إلى المنطقة. وبالتالي كان الفصل بين منطقتي النفوذ هاتين، وفق معاهدة سايكس بيكو ولاحقا مؤتمر سان ريمو 1920، هو فصل تعسفي غير منطقي، هدفه تحطيم أمل سكان الإقليم في استعادة مكانتهم بين أمم العالم المتحضر.

لم يقبل الشعب في منطقتي النفوذ هاتين بهذه الاتفاقية. فكان المجلس الاستشاري للملك فيصل الأول في دمشق يضم أعضاء من كل مناطق سورية الطبيعية وخاصة الجانب العراقي مثل نوري باشا السعيد، وطه باشا الهاشمي، وياسين باشا الهاشمي، وغيرهم. كما كان من قرارات المؤتمر السوري عام 1920، بند ينص على استقلال سوريا والعراق وتحقيق الاتحاد بينهما.

ظلت العلاقات بين هذين الجزأين كبيرة بالرغم من انتداب العراق من قبل بريطانيا، وانتداب سوريا من قبل فرنسا، حتى أن العراق أمد الثورة السورية الكبرى عام 1925، بمعونات سرية، وكان ملجأً للسوريين الهاربين من قمع الانتداب الفرنسي. كما أن المادة الثانية من الدستور السوري لعام 1928، تقول:” إن البلاد السورية المنفصلة عن الدولة العثمانية وحدة سياسية لا تتجزأ، ولا عبرة لكل تجزئة طرأت عليها منذ نهاية الحرب العالمية الاولى”. وتأثرا بالنموذج العراقي كان الوطنيون السوريون يطمحون إلى معاهدة مع فرنسا على نسق المعاهدة العراقية-البريطانية لسنة 1930، التي أنهت الانتداب. وفي العام 1936، ضغط العراق على بريطانيا لحملها على العمل لخدمة الوفد السوري المفاوض في باريس آنذاك، وكانت الأموال العراقية تسدد حساب الفنادق التي يقيم فيها السوريون خلال تلك المفاوضات.

العقيد صلاح الدين الصباغ

قبل الحرب العالمية الثانية كانت التطلعات العربية المشتركة آنذاك تتمثّل في تحرير سورية من الفرنسيين وتصفية الوطن القومي اليهودي في فلسطين ومن ثم توحيد الهلال الخصيب تحت حكم عربي مستقل. وفي عام 1940، شكّل سقوط فرنسا بيد الألمان بارقة أمل للسوريين في انتهاء قريب للانتداب، فكان أن أمدت سوريا ثورة رشيد عالي الكيلاني بالرجال والسلاح والمال، وهي الثورة التي دعمها الألمان في مواجهة الانكليز، وكان أحد أقطابها الأربعة العقيد صلاح الدين الصباغ، وهو دمشقي. وقد أدى فشلها إلى عودة الأسرة الهاشمية لتحكم العراق على يد الانكليز، كما أدى إلى احتلال الإنكليز لكل من الشام  والعراق منذ عام 1941. كما كان لفشلها انعكاس خطير آخر استمر طيلة عقود قادمة، وتمثّل في انقطاع شعرة معاوية بين الأسرة الهاشمية في العراق والنخب القومية في كل من الشام والعراق. واستطرادًا كان تدخل بريطانيا لوقف العدوان الفرنسي على دمشق في العام 1945، منعا لتدخل الجيش العراقي، وكانت معظم الحركات السياسية وتنظيماتها في الشام لها فروع في العراق والعكس صحيح، وآخر نماذج هذه التشاركية السياسية كان حزب البعث بشقيه العراقي والشامي، وتنظيم داعش العابر للحدود. واستكمالا لكل هذه الروابط ظهر بعد استقلال سوريا المبدئي عام 1941، عندما دخلت إليها قوات فرنسا الحرة بقيادة الجنرال كاترو مع الإنكليز، ظهر مشروع الهلال الخصيب ضمن ما عرف حينها بالكتاب الأزرق. وهو مشروع قدمه رئيس وزراء العراق نوري السعيد في أواخر 1942، إلى وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط ريتشارد كيس، وكان المشروع وفق مرحلتين:

  • المرحلة الأولى: توحيد سوريا ولبنان وفلسطين والأردن في دولة واحدة، ويقرر الشعب في هذه الأقطار شكل الحكم فيها جمهوري أو ملكي، رئاسي أم غير ذلك، مع منح الأقلية اليهودية في فلسطين شبه استقلال ذاتي بضمانات دولية، وتوفير الحماية اللازمة للمسيحيين في لبنان.
  • المرحلة الثانية: ربط سوريا الكبرى الموحدة التي تجمع هذه الأقطار بعد قيامها، بالقطر العراقي لتشكيل سوريا الطبيعية أو الهلال الخصيب، بحيث تصبح هذه الدولة نواة اتحادية لدول أخرى، وفق مشيئتها، من خلال جامعة تقوم على مجلس دائم تنضم إليه الدول العربية الأعضاء، ويرأسه أحد الحكام العرب المنتخب بأسلوب ترضى به الدول المعنية، ويكون المجلس مسؤولاً عن الدفاع الخارجي، والنقد والمواصلات والجمارك وحماية الأقليات.
  • في تلك المرحلة وجد مشروعا الهلال الخصيب وسورية الكبرى نهايتهما من خلال تأسيس ما يسمى بجامعة الدول العربية، التي مُنحت فيها الهيمنة لمصر، ووُقّع ميثاقها في آذار 1945. عقب إعلان الاستقلال في آب 1943، زاد نشاط دعاة الوحدة مع العراق. ومن التصريحات المأثورة في ذلك ما قاله النائب حلمي الأتاسي عام 1945:” يجب ألا يبلغ التمسك بالنظام الجمهوري حداً يقف في وجه توحيد البلاد ويكون حائلاً دون توسيع نظامها وضم شملها ضمن حدودها الطبيعية”، وقد وافق البرلمان السوري في جلسة 31 آذار 1945، على ميثاق الجامعة العربية، بشرط احتفاظ سوريا بحقها في تحقيق وحدتها الطبيعية بغض النظر عن رأي الجامعة العربية، وكان أكرم الحوراني أول المنادين بذلك. وفي عام 1946 بحث رئيس الحكومة السورية سعدالله الجابري مع رئيس الوزراء العراقي نوري السعيد مشروع سوري-عراقي وثيق كخطوة أولى نحو مشروع الهلال الخصيب، من خلال توحيد الجمارك والمواصلات، لكن المشروع أوقف بسبب رشوة سعودية لبعض أعضاء الحكومة، ولأن سعد الله الجابري لم يشأ إغضاب المصريين والسعوديين، الذين شكّلوا خلال عقدي الأربعينات والخمسينات مانعا اقليميا امام التئام جراح الوطن السوري.

في عام 1948، تجمعت الكتل السياسية المعارضة للرئيس القوتلي في حزب الشعب الذي مثّل المصالح التجارية في حلب والمنطقة الشمالية، وهي مصالح تمتد من حلب إلى بغداد إلى الموصل في وحدة تجارية مصرفية وثيقة الصلة ترتبط بسيطرة حلب لأجيال على الطريق التجاري العريق بين أوروبا والأناضول والعراق وإيران والهند. وهي سيطرة منحت حلب الازدهار في العصر العثماني حتى إقامة الحدود بين العراق والشام 1920، التي مثّلت طعنة كبرى لمكانة واقتصاد حلب، كما مثّلت إيقافا لمسيرة طويلة من الحياة الاقتصادية المشتركة العراقية الشامية. لذا ألقى حزب الشعب بثقله السياسي لإزالة الحدود السياسية التجارية بين العراق والشام، ومن أجل هذه الوحدة اندلعت المظاهرات في حلب بقيادة حزب الشعب، مطالبة بالوحدة الفورية بين سوريا والعراق، لكن قائد الجيش حسني الزعيم، الذي أصبح قائدا للجيش بعد حرب فلسطين 1948، قمع تلك التظاهرات ممارسا بذلك باكورة دوره في تعطيل الوحدة العراقية الشامية.

في تشرين الثاني 1948، رفع حزب الشعب مذكرة إلى الرئيس السوري شكري القوتلي دعا فيها إلى اتحاد عربي، في الحقيقة كان اتحادا مع العراق، كوسيلة وحيدة قادرة على مجابهة التهديد الإسرائيلي. إلا أن سياسة حزب الشعب المتجهة نحو العراق اصطدمت بتعلق الحزب الوطني، المتمخض عن الكتلة الوطنية والرئيس القوتلي، بمصر والمملكة السعودية. إذ كان الملك السعودي يعتبر الاتحاد العراقي – السوري تحت حكم هاشمي أمرًا بالغ السوء. لذا دفع بكل الثقل المالي السعودي لمنع التفاهم السوري العراقي خلال كامل عقدي الأربعينات والخمسينات. ومن الجدير ذكره انه بالإضافة الى العقبات المصرية السعودية فان سياسة حزب الشعب، ومن قادته البارزين رشدي كيخيا، ناظم القدسي، اتسمت بالخوف والتردد ولم تكن حاسمة بما يكفي للنهوض بمشروع خطير كإعادة اللحمة العراقية الشامية.

اكرم الحوراني

عام 1948، فضحت نكبة فلسطين أسطورة التضامن العربي وأسقطت ورقة التوت عن الانعزالية المصرية وأعادت التأكيد على ضرورة وحيوية الوحدة العراقية الشامية. يضاف إلى ذلك أنه بعد انقلاب حسني الزعيم على الرئيس شكري القوتلي، حليف المصريين والسعوديين، ظهر تقارب سوري عراقي، وتبادل للمبعوثين بوتيرة عالية لنقاش طبيعة العلاقة السورية العراقية. فابلغ رئيس الوزراء السوري عادل ارسلان السفير العراقي في دمشق في 3 نيسان 1949، أن “الوحدة مع العراق على أساس الاستقلال الداخلي لكل إقليم هي رغبة الرأي العام المتعلم في سورية.” وفي 9 نيسان دعا حسني الزعيم إلى عقد معاهدة دفاعية عسكرية حالا مع العراق، وبدأت مفاوضات سورية عراقية على صفيح ساخن في منتصف نيسان 1949، لبحث تفاصيل هكذا اتفاقية.

دخل المصريون والسعوديون على الخط معتبرين أن اتفاقا من هذا النوع هو عدوان عليهما، فأصبح العراقيون، ممثلين بنوري السعيد، أكثر حذرا وترددا. وانتقل هذا التردد وعدم الاهتمام إلى حسني الزعيم، خاصة مع تدخل الفرنسيين الذين أقلقهم اتحاد شامي – عراقي يُدخل الشام ضمن دائرة النفوذ البريطاني. وهكذا فان هذه المفاوضات والتجاذبات الإقليمية والدولية التي تخللتها انتهت إلى إعلان حسني الزعيم في 26 نيسان 1949، رفضه لمشروعي الهلال الخصيب وسورية الكبرى، معتبرا أنها مشاريع من “إيحاء الأجنبي”. فدخلت العلاقات السورية العراقية في مرحلة من التوتر والحملات المتبادلة. وبعد انتخاب حسني الزعيم رئيسا (باعتباره المرشح الوحيد) في الاستفتاء الذي أجراه في 27 حزيران 1949، أعاد التأكيد على معارضته مشروع سورية الكبرى ونيته التحالف مع مصر والعربية السعودية، فارتفعت وتيرة التوتر بين الشام والعراق.

إن العلاقة الشامية العراقية لا تحتمل الحياد أو المقاطعة، فإما ان تكون علاقة تلبي منظومة المصالح المشتركة التي يفرضها التاريخ والجغرافية أو أن تكون توترا تتغير حرارته وفق المعطيات المتبدلة. لم يكتفِ حسني الزعيم بذلك، بل دعا القائد العراقي رشيد عالي الكيلاني الذي كان يقيم في السعودية، ودعمه لتشكيل حكومة عراقية مؤقتة في الشام تعمل من أجل إسقاط الحكم الهاشمي في العراق. بالمقابل عمل العراق على إسقاط حسني الزعيم، من خلال قائد اللواء الأول سامي الحناوي ذي العلاقة الوثيقة بالسفير العراقي في دمشق. وقد أُسقط حسني الزعيم بالفعل بعد الغضب العارم الذي حصل في الشارع السوري نتيجة تسليمه لأنطون سعاده، زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي إلى الحكومة اللبنانية التي قامت بإعدامه.
في الخامس من تشرين الأول 1949، جاء الوصي عبد الإله والملك فيصل الصغير إلى سوريا، وقد استقبلهما الرئيس هاشم الأتاسي وقائد الجيش سامي الحناوي، والشخصيات السورية البارزة كفارس الخوري وصبري العسلي، وهكذا أيدت جميع الأحزاب وخاصة الحزبين الرئيسيين الوطني والشعب الوحدة مع العراق. ولكن حزب البعث، ممثلا بميشيل عفلق وأكرم حوراني، والحزب الشيوعي وتنظيم الإخوان المسلمين عارضوا الوحدة كما عارضها الجيش السوري، خوفا من “طغيان الجيش العراقي” عليه. في المقابل، أيدت الأحزاب العراقية الوحدة، خاصة بعد أن قام نوري السعيد بإنشاء حزب الاتحاد الدستوري في تشرين الأول 1949، والذي هدف، بالدرجة الأولى، للوحدة مع سوريا.

على المستوى الإقليمي كانت مصر والعربية السعودية تعارضان الوحدة بقوة وتدفعان الأموال وتحيكان الدسائس. دوليا، كانت فرنسا تعارض بشدة وكذلك الأمريكيون الذين كانوا قد بدأوا بالظهور على مسرح الشرق الأوسط، وعارضوا الوحدة تماشيا مع موقف حليفهم السعودي. أما بريطانيا فكانت كعادتها تمسك بالعصا من المنتصف، وتحرص على عدم استفزاز الفرنسيين في سورية دون أن تعارض الوحدة صراحة. في 15 تشرين الثاني 1949، جرت انتخابات في سورية لتشكيل برلمان يملك شرعية اتخاذ قرار بخطورة الوحدة مع العراق وفاز حزب الشعب بأغلبية كاسحة وانتخب رشدي كيخيا زعيم حزب الشعب رئيسا للبرلمان كما انتخب هاشم الاتاسي، العضو البارز في حزب الشعب، رئيسا للجمهورية.

احتدم الصراع الداخلي حول الوحدة مع العراق بين مؤيد ومعارض، وبدأت مفاوضات سرية شابها التردد والعرقلة بسبب الخوف من دخول سورية في دائرة النفوذ البريطاني في حال الوحدة، وكذلك الخوف من إراقة دم النظام الجمهوري في سورية على يد الملكية الهاشمية في العراق، بالإضافة إلى قلق الجيش السوري من طغيان الجيش العراقي عليه. يضاف إلى ذلك عامل بالغ الأهمية، تمثّل في عدم اخذ حساسية دمشق، التي لا يمثل حزب الشعب برجوازيتها، بالاعتبار. وهكذا وجد أنصار الوحدة في الشام والعراق، رغم امتلاكهم الشرعية والإرادة، وجدوا أنفسهم أمام قضية خطيرة تتجاوز مقدرتهم على التقرير في شانها رغم الفرصة التاريخية السانحة التي انتظروها أكثر من عقد. بعبارة أخرى كانوا أمام لقمة لا يستطيعون ابتلاعها رغم اشتهائهم العميق لها. فأصاب التردد الموقف، وكان هذا التردد حاسما لان كثيرا من القوى الإقليمية والداخلية والدولية كانت تسابق الزمن لارتكاب ما يمكن ارتكابه بغية عرقلة مسيرة الوحدة التي كان يحوم حولها كثير من التساؤلات دون إجابات فيما يتعلق بالبريطانيين والنظام الجمهوري وسوى ذلك.

اديب الشيشكلي

كان ملف الوحدة بين العراق والشام في الأربعينات والخمسينات مِفصلا تدور حوله كافة السياسات الداخلية في العراق والشام، وكذلك السياسة الإقليمية والدولية المرتبطة بالإقليم. هذا الملف كان أحد أسباب الإطاحة بحسني الزعيم، وعودة النظام الجمهوري برئاسة الاتاسي، كما كان السبب في انقلاب أديب الشيشكلي الذي أطاح بجمهورية هاشم الاتاسي 19 كانون الاول 1949. وبناءا عليه، تم كذلك تغيير الحكومة العراقية، باقتراح من السوريين، في كانون الأول 1949، وإقالة نوري السعيد، رجل بريطانية المتهم بالتردد وعدم الجدية في مسالة الوحدة، والمجيء بعلي جودت المتحمس للوحدة مع سورية رئيسا للوزراء. ووفقا لهذا الملف كذلك أجرى البرلمان السوري في 17 كانون الأول 1949، تصويتا على إعلان دستوري يدعم الوحدة مع العراق، وأقره رغم معارضة الحوراني وعفلق والإخوان المسلمين، فأصبح الطريق سالكا إذ ذاك لتوقيع اتفاق وحدة مع العراق.

في ليلة التصويت كان الحوراني ينسج خيوط انقلاب أديب الشيشكلي من خلال اتصالات مع ضباط سبق أن شاركوا في انقلاب سامي الحناوي مثل امين ابو عساف وفضل الله ابو منصور وهو ضابط سوري قومي أشرف على اعتقال حسني الزعيم والاقتصاص منه. تركّزت دعاية الانقلابيين على أن الوحدة هي ضم لسوريا إلى العراق، وإيجاد عرش جديد للأمير الهاشمي عبد الإله الوصي على عرش العراق، وتوسيع للنفوذ البريطاني في الشرق الأوسط.

يتبع –

المراجع :

باتريك سيل ، “الصراع على سوريا: دراسة للسياسة العربية 1945 – 1958″، ترجمة: سمير عبده ومحمود فلاحة، (بيروت: دار الكلمة للنشر، 1980).
بشير فنصه، “النكبات والمغامرات: تاريخ ما أهمله التاريخ من أسرار الانقلابات العسكرية في سوريا”، (دمشق: دار يعرب، 1996).
أكرم الحوراني، “مذكرات أكرم الحوراني”، 4أجزاء، (القاهرة: مكتبة مدبولي، 2000).
– عبدالسلام العجيلي، “ذكريات أيام السياسة”، ج2، (لندن: رياض الريس للكتب والنشر، 2000).
شبلي العسيمي، “الوحدة العربية من خلال التجربة”، (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1971).
– محمد حسنين هيكل، “ما الذي جرى في سوريا”، (القاهرة: دار الخيال، 1962).

في هذا العدد<< المدرحية علمٌ وفلسفة-شحادة الغاويالشام – في حرية الصحافة والإعلام- نورس ديب >>
0 0 votes
Article Rating

You may also like...

Subscribe
نبّهني عن
guest
1 تعليق
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
trackback
4 سنوات

[…] عرض ومراجعة نقدية لمشاريع الوحدة التي مرت على بلادنا؛ […]