الوحدة السورية: الضرورة والتحديات -هل يسمح قانون الأحزاب بالتعددية السياسية في الشام؟- آلاء دياب
مع بدء الأحداث في الشام، طُرحت سلسلة من القوانين الإصلاحية، فضلاً عن تعديل الدستور، فتمّ حذف المادة 8، “حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد في المجتمع و الدولة…”.
والمادة 84 “يصدر الترشيح لمنصب رئاسة الجمهورية عن مجلس الشعب بناء على اقتراح القيادة القطرية لحزب البعث العربي الاشتراكي ويعرض الترشيح على المواطنين لاستفتائهم فيه“، والمادة 7 والمادة 21.
كان قانون الأحزاب من أبرز القوانين الإصلاحية التي صدرت في 2011، فتضمن 38 مادة موزعة على ستة فصول، لكنه لم يتضمن إلغاء مفاعيل قوانين كانت ترمي بثقلها على الحياة السياسية في الشام، تلك القوانين التي تمّ تشريع أغلبها بموجب حالة الطوارئ التي تعود إلى المرسوم التشريعي رقم (51) الصادر بتاريخ 22 كانون الأول1962 ، وبموجب المادة الثالثة منه (يُسمي رئيس مجلس الوزراء حاكماً عرفياً، وتُوضع تحت تصرفه جميع قوى الأمن الداخلي والخارجي)، ومنها:
- قانون حماية أهداف الثورة الصادر بالمرسوم رقم (6) لعام 1964 وقد نصّ على تجريم ومعاقبة كل من يناهض أهداف ثورة آذار في (الوحدة والحرية والاشتراكية)، وكل من يقاوم تطبيق النظام الاشتراكي بالقول أو بالكتابة أو بالفعل بالسجن مدى الحياة وتصل العقوبة في حال التشديد إلى الإعدام. وكذلك يعاقب على “القيام بالتظاهرات أو التجمعات أو أعمال الشغب أو التحريض عليها أو نشر البلبلة وزعزعة ثقة الجماهير بأهداف الثورة” بالأشغال الشاقة المؤبدة، ويجوز الحكم بالعقوبة الأكثر تشدداً، وأحدثت لهذا القانون محكمة أمن الدولة العليا الاستثنائية بالمرسوم رقم 47 لعام 1968، والذي ينصّ بمادته الأولى على أنّ إحداث المحكمة يتم “بأمر من الحاكم العرفي، “وأنّ تعيين أعضائها ومن يمثل الحق العام فيها يتم من طرف رئيس الجمهورية. واختصّت المحكمة بالنظر بجميع القضايا التي يُحيلها إليها الحاكم العرفي أو نائبه، وكذلك في القضايا التي كانت من اختصاص المحكمة العسكرية الاستثنائية التي ألغيت لتحلّ محلها محكمة أمن الدولة. فالمرسوم ينصُّ على أنه “يشمل اختصاص محكمة أمن الدولة العليا جميع الأشخاص من مدنيين وعسكريين مهما كانت صفتهم أو حصانتهم”، وأنه “لا تتقيد محاكم أمن الدولة بالإجراءات الأصولية المنصوص عليها في التشريعات النافذة وذلك في جميع أدوار وإجراءات الملاحقة والتحقيق والمحاكمة”. كانت هذه المحكمة أول إجراء تنفيذي، يهدف إلى التوحيد بين السلطة التنفيذية والسلطة البعثية، فأمن الدولة هو أمن الحزب، هذا القانون كان له غطاء دستوري في دستور 1973، المادة 11: القوات المسلحة ومنظمات الدفاع الأخرى مسؤولة عن سلامة أرض الوطن وحماية أهداف الثورة في الوحدة والحرية والاشتراكية.”
- القانون (52) لعام 1979 الخاص بأمن حزب البعث العربي الاشتراكي، وقد نصّت المادة التاسعة على الاعتقال لمدة لا تقلّ عن خمس سنوات عن كل فعل يقصد منه منع حزب البعث من ممارسة مهامه المنصوص عليها بالدستور والقانون، وبالإعدام إذا اقترن الفعل بالعنف، يُضاف إلى ذلك تطبيق نظام “الموافقات والدراسات الأمنية” الذي خوّل الأجهزة الأمنية التدخل والبت في كافة الأمور الإدارية، وأحكم القبضة الأمنية على الحياة المدنية في الشام.
- القانون (49)لعام 1981: أقرّه مجلس الشعب في 7 تموز 1980، هو قانون خاص استثنائي أصدرته الحكومة إثر أحداث حماه التي جرت مع جماعة الإخوان المسلمين، وقد نصّ أنه “يعتبر مجرماً ويعاقب بالإعدام كل منتسب لتنظيم جماعة الإخوان المسلمين”، كما نصّ “يعفى من العقوبة الواردة في هذا القانون أو أي قانون آخر، كل منتسب إلى هذه الجماعة، إذا أعلن انسحابه منها خلال شهر واحد من تاريخ نفاذ هذا القانون.” وقد جرى “التصديق على القانون من قبل رئيس الجمهورية بتاريخ 8/7/1980، أي صادق عليه الرئيس مباشرةً على خلاف العادة، كما لم يعرض على المحكمة الدستورية.
- القضاء الاستثنائي: الذي سوّغ وجوده المرسوم رقم (109) لعام 1968، الخاص بإحداث (المحاكم الميدانية) بناء على أحكام القيادة القطرية المؤقتة لحزب البعث العربي الاشتراكي رقم 2 تاريخ25/2/1966 وعلى قرار مجلس الوزراء رقم 109 تاريخ 14/8/1967.
- بعض مواد قانون العقوبات السوري: رقم 148 لعام 1949، كالمادة 285التي تُعاقب من قام بدعاوى “ترمي إلى إضعاف الشعور القومي” أو المادة 286التي تٌعاقب من ينشر أنباء “يعرف أنها كاذبة أو مبالغ فيها من شأنها أن توهن نفسية الأمة.”
لكن، ما مدى مشروعية هذه القوانين التي تمنع حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والاستئناف؟ والمادة الحادية والخمسون من الدستور النافذ، تتضمن “حق التقاضي وسلوك سبل الطعن والمراجعة والدفاع أمام القضاء مصون بالقانون و تكفل الدولة المساعدة القضائية لغير القادرين وفقاً للقانون” و”يحظر النص في القوانين على تحصين أي عمل أو قرار إداري من رقابة القضاء.”
ما مدى مشروعية المحاكمة بناءً على رأي أو معتقد؟ أين دور القضاء في حماية الحقوق والحريات العامة؟ والمادة الثانية والأربعون من الدستور النافذ، تتضمن “حرية الاعتقاد مصونة وفقاً للقانون و “لكل مواطن الحق في أن يعرب عن رأيه بحرية وعلانية بالقول أو الكتابة أو بوسائل التعبير كافة.”
وكان القاضي نصرت حيدر قد انتقد هذه القوانين في عدّة دراسات نشرها في “مجلة المحامون”، تناولت عدم دستورية المحاكم الاستثنائية التي تشكل خرقاً دستورياً وتفتقد أصلاً لمشروعيتها الدستورية؛ إذ لم ينص الدستور على تشكيلها، وعن مدى قانونية قرار الحاكم العرفي أو نائبه والذي يتجاوز فيه الصلاحيات المعطاة له في قانون الطوارئ، والتي يؤكد فيها على “أن سيادة القانون لا تعقد لمجرد فرض النظام أو استتباب الأمن إذا لم تحمل هذه السيادة في جنباتها معنى تقييد الحكام وإلزامهم باحترام القانون؛ إذ تغدو السيادة في هذه الحالة ذريعة لتبرير الاستبداد.”
بالعودة إلى قانون الأحزاب:
المادة2 من قانون الأحزاب، تضمنت: “لمواطني الجمهورية العربية السورية الحق في تأسيس الأحزاب السياسية والانتساب إليها وفقا لأحكام هذا القانون.” عادةً تأتي التشريعات بعبارة (المواطنون السوريون ومن في حكمهم)، لكن المادة 2 اقتصرت على مواطني الجمهورية العربية السورية، أي يمنع انتساب الفلسطينيين السوريين إلى التنظيمات السياسية في الشام، وقد تمّ إبلاغ أحزاب الجبهة بعدم قبول طلبات الانتساب من غير السوريين، وتعهد حزب البعث بنقل تنظيم الفلسطينيين البعثيين إلى فرع فلسطين، لكن هذا لم يحدث حتى الآن.
نصت المادة 5من قانون الأحزاب على ما يلي:
(يلتزم الحزب الذي يؤسس وفقاً لأحكام هذا القانون بالمبادئ الآتية:
ه- أن تتم تشكيلات الحزب واختيار هيئاته القيادية ومباشرته لنشاطه على أسس ديمقراطية.
و- ألا ينطوي نشاط الحزب على إقامة أي تشكيلات عسكرية أو شبه عسكرية علنية أو سرية أو استخدام العنف بأشكاله كافة أو التهديد به أو التحريض عليه.
ز- ألّا يكون الحزب فرعاً أو تابعاً لحزب أو تنظيم سياسي غير سوري.)
انطلاقاً من هذه المادة، قامت معظم أحزاب الجبهة بما فيها حزب البعث بالدعوة إلى إجراء انتخابات بعد إلغاء آلية التعيين، كما تمّ تحويل مرجعية (كتائب البعث) إلى الأمن العسكري، وتمّ حل القيادة القومية في حزب البعث، وانتخاب قيادة مركزية، على الرغم من أن بعض أحزاب الجبهة تملك فروعاً خارج أراضي الجمهورية، كحركة الاشتراكيين العرب التي لها فرع مُعلن عنه في لبنان.
بالإضافة، نصت المادة 9من قانون الأحزاب على ما يلي:
(أ- “اسم الحزب وشعاره ويجب ألا يكون مماثلاً أو مطابقاً لاسم حزب قائم أو شعاره.“
هناك أكثر من تنظيم سياسي في العالم العربي، يحمل اسم حزب البعث، أهمها في (العراق ولبنان)، أمّا بالنسبة لـ “يجب أن تكون جميع مقار الحزب داخل الجمهورية العربية السورية”، فهذا أمرٌ لازمٌ في مثل هذه الظروف. فالسماح بإقامة أحزاب خارج الشام، يمنح شرعية لتنظيمات ولأفراد، ربما لا يمثلون أحداً. أما “وألا يكون أي منها ضمن أبنية إحدى الجهات العامة أو المؤسسات الخاصة أو التعليمية أو الأماكن الدينية أو الجمعيات الخيرية”، فمعظم مقرات حزب البعث داخل موجودة المؤسسات العامة. لكن حزب البعث لا يعامل معاملة الأحزاب السياسية، إنما كيان من كيانات الدولة. فالمتفرغون فيه هم موظفو القطاع العام، منشآته هي منشآت حكومية وضمن الأبنية الحكومية، كما يحق لحزب البعث (حق نزع الملكية الخاصة()) تحت مسوغ (تحقيق النفع العام)، وذلك خلافاً للمادة/15/ من الدستور،التي تنص
على: “1_ الملكية الخاصة من جماعية وفردية، مصانة وفق الأسس الآتية: أ- المصادرة العامة في الأموال ممنوعة.” وقد حاولت بعض التشريعات تحديد مضمون فكرة النفع العام من خلال تعداد بعض المشاريع ذات النفع العام، وهذا ما فعله المشرِّع من خلال المادة /3/ من المرسوم التشريعي رقم /20/ لعام 1983، المتضمن قانون الاستملاك عندما نصت على أنه ” يقصد بالمشاريع ذات النفع العام كل ما يتعلق بالأعمال الآتية:
ب. إنشاء دور العبادة والثكنات العسكرية والمطارات والمرافئ والسكك الحديدية والمخافر والمستشفيات والمراكز الصحية والمدارس والمعاهد والجامعات والمذابح ودور الأيتام وملاجئ العجزة وأبنية المراكز الثقافية والأندية الرياضية والمنشآت الخاصة بحزب البعث العربي الاشتراكي والمنظمات الشعبية التي يتطلبها تحقيق مهام هذه الجهات وبشكل عام جميع المباني والإنشاءات التي تخصص للأعمال العامة أو المنافع العامة.”
إذاً، معظم مقرات حزب البعث قائمة على مبدأ الاستملاك سواء كانت أبنية حكومية تمّ نقل استملاكها أو أبنية خاصة، على الرغم من أنّ اجتهاد القضاء الإداري في الشام يقول: “خروج الاستملاك عن غاياته المقررة بصك الاستملاك يعتبر عيباً جسيماً ينحدر بصك الاستملاك إلى درجة الانعدام”، لكن محكمة القضاء الإداري السورية في إحدى قراراتها أكدت: “الأصل أن يقع الاستملاك من أجل المشاريع التي صدر بخصوصها لكن هذا لا يمنع من تحويله إلى مشروع آخر من مشاريع النفع العام عائد لجهة إدارية أخرى تملك حق الاستملاك ولغرض يتعلق بالنفع العام”، فحزب البعث يعامل معاملة الجهة الإدارية.
المادة 13 من قانون الأحزاب، تضمنت: “يقبل الحزب في عضويته من يحقق الشروط الآتية”:
أ- أن يكون المنتسب متمتعاً بجنسية الجمهورية العربية السورية منذ خمس سنوات على الأقل ويستثنى من هذا الشرط المشمولون بأحكام المرسوم التشريعي رقم /49/ لعام2011 )، المرسوم (49)
مرسوم
منح الجنسية العربية السورية للمسجلين في سجلات أجانب الحسكة. هذا الاستثناء يوحي بجدية الطرح الحكومي، أما (ب- متمماً الثامنة عشرة من عمره بتاريخ تقديم طلب الانتساب) حزب البعث هو التنظيم السياسي الوحيد الذي يسمح له بالدخول إلى المدارس، إذ يتم تنسيب طلاب المدارس الثانوية قبل الثامنة عشرة، فضلاً عن إلزام طلاب الجامعات والمعاهد والدراسات العليا بتقديم تصريح عن وضع الطالب الحزبي مع أوراق التسجيل الجامعي، وهذا ينفذ حتى الآن رغم اعتراض بعض الأحزاب.
نصت المادة35 من قانون الأحزاب على ما يلي: “تعد أحزاب الجبهة الوطنية التقدمية مرخصة حكما وتودع وثائقها خلال ستة أشهر لدى اللجنة بما يتوافق مع أحكام هذا القانون”. بدايةً، تأسست الجبهة الوطنية التقدمية في العام 1972، بدعوة من الرئيس حافظ الأسد، لكنها حقيقةً لم تكن مؤسسة جامعة للأحزاب، بل كانت محاولة جدية لبسترة الفكر السياسي الشامي وتجميده. فميثاق الجبهة يلتزم بالأيديولوجية البعثية ويمنح القيادة المطلقة لحزب البعث الذي يتعامل مع الأعضاء الآخرين في الجبهة كأتباع له وليس كشركاء في عملية صنع القرار. وهذا يتضح في قيام حزب البعث بتجميد عضوية حركة الاشتراكيين العرب وهي عضو مؤسس في الجبهة. وقد جاء في ميثاق الجبهة: “إن حزب البعث العربي الاشتراكي، من خلال الدور التاريخي الكبير الذي أداه في حركة النضال العربي على المستوى القطري، وعلى امتداد الوطن العربي، ومن واقع تحمله مسؤولية قيادة الدولة والمجتمع منذ ثورة الثامن من آذار، وما حققه من إنجازات في مختلف المجالات، السياسية والاجتماعية والاقتصادية، هو الذي يقود جبهة وطنية تقدمية تعمل على توحيد طاقات جماهير الشعب ووضعها في خدمة أهداف الأمة العربية، وتتجسد قيادة حزب البعث العربي الاشتراكي للجبهة بتمثيله بالأكثرية في مؤسساتها جميعاً وبأن تكون قيادة الحزب للجبهة على أساس الثوابت الوطنية والقومية واستناداً إلى ميثاق الجبهة وموجهاً أساسياً لها في رسم سياستها العامة، وتنفيذ خططها.”
إذاً، هل يسمح قانون الأحزاب بالتعددية السياسية في الشام؟
كل ما سبق ذكره، هي نقاطٌ يمكن تجاوزها، لكن مشكلة الحياة السياسية في الشام أكبر من قانون ودستور:
- ازدواجية السلطة التنفيذية بين البعث والدولة: بناءً على المادة الثامنة في دستور1973، التي تمّ إلغاؤها نصًا، إلا أن العمل بها مازال مستمراً، تمّ استصدار مجموعة من التعاميم الإدارية، التي تمنح لحزب البعث صلاحيات تنفيذية. فأمين فرع الحزب في المحافظة أعلى من المحافظ، ورئيس اللجنة الرباعية في فرع الحزب أعلى من مدير التربية، وأمين فرع الجامعة أعلى من رئيس الجامعة وهكذا. إن جميع الأوامر الإدارية تمرّ عن طريق حزب البعث، وهذا يخالف المادة الثامنة من الدستور النافذ، التي تنص على: “لا يجوز تسخير الوظيفة العامة أو المال العام لمصلحة سياسية أو حزبية أو انتخابية.”
- قوانين حماية الأجهزة الأمنية: المرسوم التشريعي رقم (14) الخاص بإحداث إدارة أمن الدولة والصادر بتاريخ 25 كانون الثاني لعام 1969، وقد تضمن منح الحصانة والحماية لعناصر هذا الجهاز، فنصّ في مادته 16 على أنه: “لا يجوز ملاحقة أي من العاملين في الإدارة عن الجرائم التي يرتكبونها أثناء تنفيذ المهمات المحددة الموكلة إليهم أو في معرض قيامهم بها إلا بموجب أمر ملاحقة يصدر عن مدير الإدارة”. وجاء في المادة 30 من هذا المرسوم بأنّه “لا ينشر هذا المرسوم ويعمل به اعتباراً من تاريخ صدوره”، والمرسوم رقم (549) لعام 1969، إذ نصت المادة 74 على: “لا يجوز ملاحقة أي من العاملين في إدارة المخابرات العامة أو المنتدبين أو المعارين إليها أو المتعاقدين معها مباشرة أمام القضاء في الجرائم الناشئة عن الوظيفة أو في معرض قيامه بها قبل إحالته على مجلس التأديب في الإدارة واستصدار أمر ملاحقة من قبل المدير. ويبقى استصدار أمر الملاحقة واجباً حتى بعد انتهاء خدمته في الإدارة.” المادة 101– لا ينشر هذا المرسوم ويعتبر نافذاً من تاريخ نفاذ المرسوم 14 تاريخ 15/1/1969. فضلاً عن المرسوم رقم (64) لعام 2008 الذي حظّرَ صراحة ملاحقة مرتكبي الجرائم من العاملين في الأمن الداخلي وشعبة الأمن السياسي والجمارك دون موافقة رؤسائهم.
- تكبيل الرأي العام من خلال منظمات شعبية ليست إلا أذرع لحزب البعث: بدءاً من منظمة طلائع البعث حتى اتحاد شبيبة الثورة ثم الاتحاد الوطني لطلبة سورية، مروراً بالنقابات والاتحادات والجمعيات، مثلاً: (نقابة المعلمين) ورد في الباب الأول – الفصل الأول: “في أهداف النقابة: المادة 1- نقابة المعلمين منظمة شعبية مركزها مدينة دمشق وتتمتع بالشخصية الاعتبارية. المادة 2- تعمل النقابة على تحقيق الأهداف الواردة في قانون النقابة الصادر بالمرسوم التشريعي /82/ لعام 1970 وتعديلاته وهي : أ- النضال من أجل تحقيق المجتمع العربي الاشتراكي الموحد بقيادة حزب البعث العربي الاشتراكي”. مثال اَخر هو قانون اتحاد الصحفيين رقم 1 لعام 1990، والذي جاء في المادة 3 منه أن اتحاد الصحفيين “هو اتحاد مؤمن بأهداف الأمة الوحدة والحرية والاشتراكية ملتزم بالعمل على تحقيقها وفق مقررات حزب البعث العربي الاشتراكي وتوجيهاته“، والاتحاد العام لنقابات العمال: “انطلاقاً من مبدأ الديمقراطية الشعبية الذي أقرته مؤتمرات حزب البعث العربي الاشتراكي سبيلاً لتنظيم المجتمع الاشتراكي وإطاراً علمياً لتجميع طاقات الجماهير الكادحة وتفجيرها، وزج هذه الطاقات في معارك التحرير القومي والتحويل الاشتراكي.”
- أسهم التنسيب الإلزامي والنفوذ الإداري البعثي في خلق تضخم وهمي (ما يقارب 10 مليون عضو) قبل الحرب، فتحدثت بعض القيادات البعثية عن الترهل في الحزب وعن الانتهازيين في صفوف الحزب! لذلك تمّ الطلب إلى الأعضاء القيام بـ “إعادة ارتباط” في 2013، فوصل عدد الأعضاء إلى 3 مليون فقط. لكن هذا الرقم في معظمه ليس إلا موظفي القطاع العام وطلاب الجامعات؛ لذلك فهو لا يعكس أرضية شعبية، والدليل على فقدان الثقة والجماهيرية هو ما حدث في انتخابات مجالس الإدارة المحلية ومجلس الشعب في الدورة الانتخابية الماضية.
- القوات المسلحة: لا أحد ينكر أن الجيش حمى الشام وشعبها في أصعب المواقف، لكن لماذا لا يبقى الجيش بعيداً عن التنظيمات السياسية حتى يكون جيشاً عقائدياً كما نرغب وكما يقولون؟ حقيقةً، لا يسمح لأي طالب بالتقدم إلى الكليات العسكرية دون (ورقة بيان حزبي)، تثبت أنّه مرّ عام كحد أدنى على انضمامه إلى صفوف حزب البعث.
التعددية السياسية في سوريا، تحتاج إلى قرار قبل أن تحتاج إلى قانون، كما تحتاج أن يؤمن حزب البعث بأنه حزب سياسي وليس الدولة.