الانتظار

image_pdfimage_print

لعل القوميين ينتظرون “غودو”. وغودو هو الشخصية المنتظرة التي لا تأتي في مسرحية صمويل بيكيت الشهيرة “في انتظار غودو“.  ننصح بقراءتها.

في مقال سابق بعنوان “القضية أولا“، نشرناه في العدد الماضي من الفينيق، تطرقنا لعملية اختطاف المؤسسات وردود فعل الأعضاء إزائها. وقلنا “إن عددًا كبيرًا من أعضاء المؤسسة يرى ان في انقسامها خطرًا أكبر من خطر الفساد الذي ينخرها. إنهم يرون معالجة الفساد ضمن الأطر القانونية أفضل بكثير من كسر هذه الأطر، بغض النظر عن كونها – الأطر – هي التي تحمي الخاطفين وتُستخدم سلاحا يقمع الإصلاح.”

بالأمس اجتمع المجلس القومي فيما بات يعرف بتنظيم الروشة للحزب السوري القومي الاجتماعي، ليستمع إلى تقريري كل من السلطتين التشريعية والتنفيذية. وما بودنا الإشارة اليه هو ان هذه الاجتماعات هي من الأطر التي تحمي الفساد الذي ينخر عظم تلك المؤسسة.

أولا، في الشكل: مع أن المجلس القومي هو الذي ينتخب المجلس الأعلى الذي بدوره ينتخب رئيس الحزب، فليس من صلاحيات هذا المجلس محاسبة أي من السطلتين على أي تقصير. إن دوره ينحصر في الاستماع الى ما يتلى وإبداء الرأي. إن دوره هو كدور ذكر النحل، ينتظر حظه بالمجامعة ثم يموت.

ثانيا، في المضمون: نصَّ البيان الصحفي الذي وُزِّع في أعقاب الاجتماع على أن رئيس الحزب حنا الناشف تلا “تقريراً عن أعمال السلطة التنفيذية (مجلس العمد) واشتمل على قراءة للأوضاع العامة والموقف منها”. ولكن قراءة متأنية لذلك البيان المطول تجده خلوا من أي ذكر عن أعمال تلك السلطة. إنه موضوع إنشاء طويل يسرد الاحداث التي يمكن لأيٍ كان قراءتها في الصحف، مع إضافة تأييد هنا وشجب وهناك.  لم نقرأ كلمة واحدة في ذلك البيان عن خطط الحزب لمواجهة مشاكل البلاد. لم نقرأ كلمة واحدة عن وضع الحزب، نموه او ضموره، انقساماته وتشرذمه، مناكفات سلطاته بين بعضها بعضا، والمستوي المتدني للأداء.

إن هذه الاجتماعات، عدا كونها مضيعة للوقت، فإنها اجتماعات خدّاعة للقوميين والناس. إنها تعطي الانطباع ان الدنيا في ألف خير، وأن الحزب هو حزب مؤسسات نشيطة تقوم بدورها وتقيّم الأداء وتراقبه وتحاسب المقصرين وتكافئ المنتجين. هراء. إنها دجل على الناس، إنها خلطٌ بخلط.

والقوميون ينتظرون.

“استراجون: دعنا نذهب

فلاديمير: لا نستطيع

استراجون: لماذا؟

فلاديمير: إننا في انتظار غودو…

 استراجون: يجب ان يأتي إلى هنا

فلاديمير: إنه لم يقل إنه سوف يأتي على وجه اليقين

استراجون: وإذا لم يأت؟

فلاديمير: سوف نحضر إلى هنا في الغد

استراجون: ثم بعد غد؟

فلاديمير: ربما

استراجون: وهكذا باستمرار؟

فلاديمير: المسألة هي…

استراجون: لقد جئنا إلى هنا بالأمس”

….

وهكذا.

في هذا العدد<< افتتاحية العددطبول الحرب تقرع.. بالخليج وقائد أوركسترا مكسور اليدين – د هشام عوكل* >>
0 0 votes
Article Rating

You may also like...

Subscribe
نبّهني عن
guest
3 تعليقات
Oldest
Newest Most Voted
Inline Feedbacks
View all comments
Raymond El Jamal
4 سنوات

Dear Oussama as much as I love to follow your thoughts and ideas that relate to this party and your criticism to each & every one of the organizations that carry the same name ,yet it has not done any positive effect on members to revolt and buck the trend and call for a change,. on the contrary it drive lots of people to frustration and resignation? why don’t we change the the approach and go back in History and see how Saadeh handled the corruption at his time ? what approach again we have to get into fact and… قراءة المزيد ..

Oussama El-Mohtar
Oussama El-Mohtar
4 سنوات

شكرا رفيقي العزيز ريمون، وأعتذر عن التأخر في الرد. أعتقد ان الاحباط سابق لمقالاتنا في هذه المجلة، بل أنه أحد أسباب إصدارها. أما أن المقالات لم تؤد إلى ثورة بين القوميين، فثمة مسافة بين التوعية والثورة، كما أن للثورة على الفساد والظلم شروط ضرورية يجب ان تقوم. في هذا الجو المكفهر نحن نكتب لمن يقرأ، لمن يرغب. إننا نحاول ان نضيئ شمعة في هذا الليل الطويل، وهذا أضعف الإيمان.
محبتي واحترامي لك،
ولتحي سوريا.

trackback
4 سنوات

[…] مقالتنا السابقة، “الانتظار“، عَرَضْنا لمسرحية “في انتظار غودو” ومفهوم […]