نفديك يا بشير.. أمْ لكلّ خائن حبيب؟
Share
لم يخرج الشعب إلى الشوارع وهو ينادي: “بالروح بالدم نفديك يا بشير”، كما تمنّت يمنى بشير الجميل ومعها نعوم فرح وكريم بقرادوني، بعد حلقة برنامج “الرئيس” التي يعدّها سامي كليب على قناة الجديد! رغم ضعف الطرفين الممثلين للحزب القومي والجبهة الشعبية، وتصوير الخيانة كوجهة نظر ومشروع استراتيجي، فالشعب كان يعرف طريقه جيداً ويضحك في سره ويأسف وهو يشاهد صلاح صلاح لا يمانع في اعتبار بشير الجميل شهيداً، لأنه “صاحب قضية”، وهو ما جعل المشاهدين يعتقدون أن صلاح يمثل القوات اللبنانية في اللقاء وليس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين!
لم يخرج الشعب إلى الشوارع كي ينادي باسم بشير الجميل. لكننا خشينا أن يأخذ المتحاورونَ، يمنى الجميل، بالأحضان، ليعتذروا عن تاريخ كامل من التضحيات والدماء، باعتبارها حصلت نتيجة سوء تفاهم، ومن دون تنسيق مع القيادات الحكيمة التي لا يمكن أن تتورط في أفعال كهذه!
عطب هائلٌ ألمَّ بهذه الأمة أيها السادة. لقد ترحّم الشعب، على أنطون سعاده وسناء محيدلي ووسيم زين الدين وسعيد تقي الدين وحبيب كيروز وكمال خيربك، ولم ينسَ جورج حبش وأبو علي مصطفى وشهداء عملية نهاريا التي نفذها القومي مع الجبهة الشعبية عام 1986.
لا يوجد مسطرة على مقياس “ريختر”، يمكنها كشف مستوى الهزيمة التي أوصلوا الأمة إليها! حتى “قبّانات” سوق الهال، تعجز عن تحمّل الأسباب التي جعلت القومي والشعبية، يخلعان جلدهما ويستمران حتى اليوم خارج مسارهما الطبيعي الذي وُجدا من أجله، وكأن شيئاً لم يكن بالنسبة للمنضوين تحت هاتين اليافطتين. فالأعضاء تحولوا إلى أرقام أو منتفعين أو تابعين لقيادات غير موهوبة، نتيجة الجهل وقلة المعرفة في الأهداف والغاية التي تأسس لأجلهما هذان الحزبان. ويذهب البعض أكثر من ذلك عندما يقولون إن ما يجري من تدهور على صعيد الأحزاب الوطنية، ما هو إلا نتيجة اختراق خارجي واقليمي خطير تعرضت له هذه الأحزاب التي كان لها عزّ في يوم ما. فكلما قلنا إن هذه الأمة وصلت إلى الحضيض، ظهر درجٌ سريّ، يوصل إلى قبوٍ أشد عفونة ورطوبة. فمن حوّل المناضلين إلى قطعان، والأحزاب إلى جمعياتٍ، تعتاش على دماء الشهداء الذين قالوا يوماً: لأجل البلادِ، هذا القليل؟
كنت أودّ ألا يشارك حبيب الشرتوني برسالة مكتوبة في الحلقة. فهم أصغر من مداخلةٍ أو شرحٍ يقدمهما هذا الكبير والعالي، الذي تحمل ظلم ذوي القربى، ولم يتراجع أو يهن، لأنه متأكد أن الشعب يعرف طريقه جيداً، وأن ما يجري لا يمكن اعتباره نهاية الحضيض. فنحن متجهون للقعر، وقعر القعر والقاع، ولن تنتهي مسيرة الهبوط، حتى تقتنع تلك الجموع الحزبية أنها ليست “قرطة ناس مجمّعين” بحكم النظام والمصالح والاعتبارات الشخصية والولاءات للأفراد! بل هم أصحاب قضية، لا يغيرها ظرفٌ أو يعدّل مسيرتها أفرادٌ، غردوا خارج سرب الغاية الكبرى، وهي التحليق!
ترفّقت عشتارُ بدماء سعاده ووجدي الصايغ وميشيل الديك. ومحقَ بعلُ جميع المارقين اليوم، ومن مرقوا سابقاً، ومن شربوا من المرقة نفسها!
الشعب لم يخرج إلى الشوارع، كما تمنّت يمنى ونعوم وكريم. حتى الهُتاف المرتجى بخلود بشير الجميّل، يصل صداه إلى أرجاء هذه الأمة المثخنة بالفقر والبرد والخيانات، وهو يردد: لكل خائن حبيب! عرفتوا كيف؟