نهاية وبداية
Share
تجاوز حزب السلطة نكبة الانتخابات اللبنانية والنتائج المزرية التي أسفرت عنها. وها هو يطل علينا برؤسائه الأربعة لتنظيماته الثلاثة ولسان حال كل منها “أنا رئيس(ة) الحزب السوري القومي الاجتماعي ولا أحد سواي! وحزب السلطة لم يتمكن من تجاوز تلك النتيجة المزرية لمسار من الافشال يمتد على سنتين عند البعض، وعقود عند البعض الآخر، إلا لأن الأعضاء يسمحون بذلك. وهم يسمحون بذلك بلا مبالاتهم، أو استكانتهم، أو تأييدهم الأعمى، أو هروبهم من مواجهة الحقيقة المرّة. والحقيقة المرّة هي أن الحزب الذي أسسه سعاده قد التهمه حزب السلطة وقضى عليه.
ليس سهلاً علينا الاعتراف بهذه الحقيقة، ولكن لا بد من مواجهتها إذا أردنا النظر للمستقبل وليس الاستمرار في الوضع الحالي أو البقاء في الماضي. ولن يردعنا استهجان مُستهجنٍ يقول “إن حزب سعاده لا ينتهي”، وإن سعاده نادى وينادي “أجيالاً لم تولد بعد.” نحن، يا رفيقي العزيز، المستهجن، من تلك الأجيال التي كانت لم تولد حين أطلق سعاده نداءه الشهير. ونحن أمضينا عمرنا مثلك في حزب، اعتقدنا أنه حزب سعاده، فإذا به حزب تكالبٍ وتذابحٍ على السلطة، أودى بمعظمنا.
لا ليس الاعتراف سهلاً، إنه محزن، ولكن لا بد منه. ذلك أننا أذا شئنا أن نترك شيئًا لمستقبل الأجيال القادمة فإن هذا الشيء لا يمكن أن يشبه حزب السلطة بتنظيماته ونزعات أصحابه الفردية القاتلة، ولا مبالاة أعضائه أو استكانتهم أو هروبهم.
المستقبل؟! وهل من مستقبل لهذه البلاد التعيسة وللحزب الذي أراد مؤسسه أن يكون أداة انقاذها وتأسيس حياة جديدة لها؟ نعم، هناك دائمًا مستقبل. فالمستقبل هو اللحظة التي تلي هذه. واللحظة مفتوحة لنا نصوغها كما نشاء، أملاً أم يأسًا، عملاً أم كسلاً، استكانة أم إبداعًا.
إن انتهاء حزب سعاده بالشكل الذي نعرفه لا يعني تناسي القضية التي أسس سعاده من أجلها حزبه. وإذا انفضّت أكثرية عن تنكب مسؤولياتها، فهذا لا يعني أن الكل قد انفضّ. كل ما يعنيه الأمر هو أن وعيًا جديدًا سوف يستولد أشكالاً جديدة – الفكرة للأمين الراحل هنري حاماتي – تكون قادرة على حمل أعباء القضية، مستفيدة من أخطاء الماضي والحاضر. وأول هذا الوعي هو اعتراف بالواقع.
سوف يبقى هناك احتفالات بالمناسبات، وحلقات ومهرجانات شعرية وثقافية ومواسم انتخابات يكثر فيها القبض من تحت الطاولة بغض النظر عن النتائج، وكلها ستكون باسم سورية وسعاده. ولكنها ستكون طبقات ضجيج تعلو فوق طبقات ضجيج.
نحن، بعد اليوم لن نكتب عن حزب السلطة، ولا عن الاستكانة والهروب، أبدًا. سوف نكتب عن القضية السورية ومتطلبات مواجهتها والتنكب لتحمل مسؤوليتها. عفوًا، ربما يقتضي الأمر الكتابة عن حزب السلطة من حيث هو حجر عثرة في سبيل انتصار القضية السورية.
ربّ قائل، لماذا هذا التشاؤم؟ غدًا تنجلي الغيوم، يتوحد الحزب، وتعود الأمور إلى مجاريها. في الحقيقة، إن هذا هو أكثر ما نخشاه.
إننا لسنا بمتشائمين أبدًا. بل هناك وضوح هادئ لصفحة لا بد من طيّها، وتطلع إلى بدايات جديدة لا بدّ منها.
بعد التحية.وقراءة مقالك الذي اربكني بين البداية والنهاية ..وعدت بالذاكرة الى الوراء قليلا .حيث البداية والاندفاع والتٱثر .رغم عدم وعينا الفكري التام لكننا كنا وما زلنا مؤمنون بالحزب عن قناعة وحب ودفاع مستميت .كنا حين يرفرف علم الزوبعة على سيارة او نعش او مدخل قرية ينفتح القلب ونبحث عن بيت رفيق كمن يبحث عن اهله .هذا القليل من نبش للذاكرة ولم نرى الحزب يوى كذلك ..اما بعد كل هذا الانعطاف المؤلم وهدر الوقت والدم والعمر وكل ما صنعته ايدينا وايدي من قبلنا قد ذهب مع الريح فلا ثقافة سوى الانا ولا شعرا الا على الاضرحة ولا مواقف سوى على عواميد انارة صدئه .لك ايها العزيز والرفيق اسامة خاصية من التفاءل .ونادرا امثالك رغم الموت البطئ الذي يعيشهالحزب بكل فروعه .انها مرحلة من العبثية التي تشبه جدا مدينة بيروت كما هي الان تحديدا
شكرا رفيقي.