LOADING

Type to search

منزل الأمة / فضاء الحياة – باسل ناصر ناصر

أوضاع الحزب مقالات قومية

منزل الأمة / فضاء الحياة – باسل ناصر ناصر

Avatar
Share

مقالة ارتدادية على مقالة الأستاذ نزار السلوم بعنوان: الإقامة في/ أو تدمير منزل الأزمة، المنشورة في جريدة الأخبار اللبنانية ومجلة الفينيق بتاريخ 29 كانون الثاني 2021

عند تعرفي على فكر أنطون سعاده وقسمي اليمين في الحزب في بدايات تسعينات القرن الماضي كان الأستاذ نزار سلوم من المثقفين المهمين الذين كنا ننتظر كتاباتهم وتحليلاتهم بلهفة ونقرأها بشغف لما فيها من عمق ونظرة ثاقبة. اليوم وبعد مضي سنوات يعود إلينا بمقالة مميزة أرى شخصياً فيها – رغم كل ما كتب سابقاً من قبل مفكرين مهمين عن أزمة الحزب – أهم ما كتب في هذا المجال من حيث توصيف الأزمة بدقة وعمق وما تبعها من اقتراح للثورة على الواقع لتغييره بشكل جذري.

نحن السكان المقيمون في منزل الأزمة كنا منذ زمن طويل ننتظر المخلص/ القائد الملهم/ سعاده جديد ليقلب الطاولة ويطرد الكهنة من الهيكل. ثم يئسنا من هذا الحل فالكهنة كانوا قد ثبتوا أقدامهم وضمنوا توارث الهيكل. لم يعد أمامنا سوى الثورة، لكن كيف؟ بأي اتجاه؟ ومن القائد؟

استسلمنا لليأس وانشغلنا بأمورنا الشخصية التي هي بالأساس في أمة فاشلة بإدارة نفسها أكبر من أن تترك لأحد الفرصة بالتفكير بالعمل العام. لكن بقي فكر أنطون سعاده هاجساً وقيامة هذه الأمة والذي يعني حياتنا، لا يفارقنا.

هذه الرؤية/ المقالة بعثت فيَّ شخصياً الأمل لأنها تضع اليد على الجرح وتوصف بشكل دقيق الواقع فكانت حافزاً لي للمساهمة برأيي في الموضوع.

كما يظهر في العنوان يتبادر السؤال عن المستقبل. فقد علمتنا الحياة والتجارب أن المجهول أصعب من الواقع مهما كان مراُ ولا يغامر بالمسير إليه إلا قلة لديها بعد نظر وإيمان بالوصول. أما باقي الناس فتحتاج لرؤية واضحة وهدف محدد كي تبدأ المسير.

إذا هدمنا المنزل إلى أين نذهب؟

هل ننتقل إلى منزل آخر نسميه منزل اللاأزمة؟ ربما يكون أوسع قليلاً وهندسته أفضل تناسب الواقع المستجد.

وبما أن مفهوم الهدم هو مفهوم معنوي لأن العنف بالطبع مرفوض بالمطلق فإن الواقع يقول بأن منزل الأزمة سيستمر وسيبقى له مريدوه ومنتفعوه وداعموه الخارجيون. وسننشئ منزلاً آخر أحدث وفيه فاعلية أكبر ربما يستقطب عدداً كبيراً وربما يحقق إنجازات ما كانت لتتحقق في منزل الأزمة. لكن هل من ضمان ألاَّ تصبح جدرانه بعد بعض الوقت سجناً جديداً وعائقاً للتقدم ويصبح عندنا منزلين للأزمة بدل منزل واحد؟

بالنظر إلى تجربة حزبنا وتجارب الأحزاب الأخرى بالإضافة لكل المؤسسات المنبثقة من إيديولوجيات دينية أو وطنية أو غيرها، وبالرغم أن هذه المؤسسات لعبت دوراً مهماً في الحفاظ على الإيديولوجيات المنبثقة منها وجعلت لها في بعض الأحيان ثقلاً وقوة في الحياة ومؤسسات الدول وأحياناً ميزات لأفرادها بحسب قوتها، إلا أن هذه القوة بعد فترة من الزمن لم تعد تعبر عن فاعلية هذه الإيديولوجيات في نفوس أعضائها بقدر ما تعبر عن قوة المؤسسة التي تكون في أغلب الأحيان وصياً ومتحكماً بأعضائها رغماً عن إرادتهم و تفرض عليهم مفاهيم قديمة غير قابلة للتجدد كي لا تنهار جدران منازل هذه المؤسسات.

إن المنازل هي أطر محددة لها ضوابط تفيد خلال مدد زمنية محددة لتحقيق أهداف محددة تكتيكياً لكنها على المستوى الاستراتيجي أثبتت فشلها ومنعت التقدم. للمنازل أعمار لا يجب أن تتجاوزها وهي لا تليق بكل الإيديولوجيات والعقائد الكبيرة التي تدعو للحياة ومن ضمنها العقيدة السورية القومية الاجتماعية.

العقائد الحية ولكي نضمن استمرارها وتجددها وعملها كدافع لمعتنقيها وبالتالي تحقيق غاياتها التي لا تنتهي بمدة زمنية محددة بل تطلب دائماً الأفضل يجب أن يكون مجالها الفضاء/ فضاء الحياة.

لتحقيق ذلك الفضاء فإن ثمة نقطتان أود ذكرهما هنا:

أولاً:فصل الفكر عن العمل المؤسساتي الحزبي من حيث السيطرة والسلطة.

فالفكر لا يتقيد ويجب أن يبقى له مدى وحرية لا يحده سوى الفكر ذاته. وهنا يكون تطوره وتقبله بمدى انتشار الحرية والثقافة عند مريديه. حيث إنه من الممكن لشخص واحد أو مجموعة صغيرة مؤهلة أن تنتج نقلات فكرية نوعية يستفاد منها لتحقيق أهداف العقيدة. لكن تطبيق هذه الأفكار يحتاج لثقافة عند متلقيها والعاملين على تحقيق الهدف وإلا قاوموها وأهدروا قيمتها الفكرية. الفكر القومي الاجتماعي يحتاج لمؤسسات فكرية حرة مستقلة تضمن تمويلها بطريقة لا تمس حريتها ولا تنتقصها ولا ترهنها لأية جهة وبالتالي تكون رافداً للأعضاء المثقفين المؤمنين في المؤسسات التنفيذية.

ثانياً:الحرية في العمل المؤسساتي:

يدافع الكثيرون عن وحدة الحزب وتفرده وقد تحدث بذلك أنطون سعاده وشرح مبرراته. لكن هل هذا الكلام لا يزال قابلاً للتطبيق اليوم بعد كل التجارب التي مرينا بها وبعد التغيرات الكبيرة بالمفاهيم والتطور الهائل في الحياة البشرية؟ هل هناك اليوم فعلاً إجماع على شخص مثل أنطون سعاده وثقة بشخص واحد يمكن فعلاً أن يلهم ويقود كل المؤمنين بالعقيدة القومية الاجتماعية؟

هل استطاعت القيادة الواحدة للعمل الحزبي أن تعبر عن القناعة وتلهم الرفقاء للعمل أم أنها اجتذبت الرفقاء المؤمنين وجمدت فاعليتهم وشتت باقي الأعضاء اليائسين من هذه القيادة وألغت فاعليتهم؟

من الناحية الشرعية، وقد تحدث عنها الأستاذ نزار سلوم، أضيف بأنه بعد استشهاد سعاده الذي تعاقدنا معه فنحن ملزمون بالعقيدة ولكننا غير ملزمين بالرضوخ لقيادة أشخاص يحتكرون سلطة في الحزب لم تنشأ من مصدر السلطات وهو القوميون الاجتماعيون.

نحن لسنا مؤسسة حكومية تحتاج لمدير وبيروقراطية لتسييرها ولا يهم من يقوم بالعمل. نحن قوة تغيير عليها مهام كبيرة ويسيّرُ أعضاءها دافعهم الشخصي وهم بالغالب الأعم إذا لم نقل بالكامل متطوعون لا يتلقون أجراً لعملهم وبالكثير من الأحيان يدفعون من جيوبهم وأحياناً دماءهم نفسها ثمناً لما يقومون به، لذلك لا تنفع نفس الآلية.

الحرية هي الأكسجين الذي يتنفسه العمل التطوعي وهنا تنشأ التباينات والاختلافات في الرؤية للوصول للهدف. يجب ألّا ننظر لذلك على أنه شيء سلبي بل هو طبيعة الحياة وهو أمر صحي إذا استطعنا إدارته وتنظيمه ويقع على عاتق المؤسسات الفكرية بهذه الحالة تحديد الأطر الفكرية والرؤى ونشرها بين المؤمنين بالفكر والإقناع والعمل الثقافي وليس بالإكراه. كما يمكنها تولي تعريف معنى الانتماء وحدوده. بالطبع لا يجوز أن يكون لهذه المؤسسات الفكرية سلطة على المؤسسات التنفيذية إنما تأخذ منها تلك الأفكار بحرية.

كلما كانت الحرية والثقافة عالية عند المؤمنين بالفكر كلما استطاعوا إنشاء مؤسسات تنفيذية تسير باتجاه تحقيق الغاية.

من الأكيد أن هذا التنوع يحتاج لهيئة تنسق عمله وتضمن الالتزام بأسس الفكر القومي الاجتماعي. هذه الهيئة تنشأ بتوافق المؤسسات وتكون إطار تنسيق وليست سلطة عليا عليهم.

تقوم المؤسسات التنفيذية بتطوير أنظمتها وتحديد غاياتها المرحلية بوضوح وتسعى لاستقطاب القوميين الاجتماعيين الذين يجدون عندهم القناعة بالأهداف والإدارة ولديهم الطاقة والامكانيات للعمل بهذا الاتجاه.

بهذا الشكل يكون القوميون الاجتماعيون مصدراً للسلطات من خلال منحهم الثقة للمؤسسات التي تعبر عن قناعاتهم. وكلما استطاعت مؤسسة من المؤسسات العاملة اكتساب ثقة عدد أكبر من القوميين وتفعيل طاقاتهم وبالتالي تحقيق خطوة في سبيل الوصول للغايات العليا للعقيدة القومية الاجتماعية كلما كانت الأكثر تعبيراً عن العقيدة.

إن هذا المفهوم يعبر عن الحرية ولا يتعارض مع مفهوم الديمقراطية التعبيرية التي يمكن للمؤسسات التنفيذية تطويره بداخلها ليكون نقلة نوعية في آلية عمل هذه المؤسسات وتميزها.

إن ما سبق هي أفكار إطارية لبعض المفاهيم التي تحتاج لنقاش عميق كجزء من مشروع البناء الجديد كي تنفتح الأفق أمام العقيدة القومية الاجتماعية وتضمن لها الاستمرار والنجاح بتحقيق غاياتها.

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

0 Comment

  1. Avatar
    ايلي عون 3 فبراير، 2021

    ارجو المعذرة للدخول على خط الحوار دون استئذان. بعد التحية للأمين نزار سلوم الذي نعتز بمسيرته النضالية والثقافية وبعد التحية للرفيق باسل ناصر اقول: مقالة الرفيق باسل ملؤها العاطفة الصادقة والاخلاص انما أنا لا اؤيد الطروحات التي ذهب اليها. بالمناسبة فقد كثرت ، في الآونة الأخيرة، الأصوات التي تعتبر أن الانشقاق “حالة صحية ” وان التنافس بين المؤسسات يجعل كلا منها تجتهد اكثر من الأخرى، وان اطلاق عمل ” الحريات ” يغني الثقافة ويمكن لهذه المؤسسات ان “تنسق “في ما بينها. بل ذهب الرفيق باسل ،كغيره، لاعتبار ان الشخص الوحيد الذي يمكن له ان يقيم اجماعا ويبقي الحزب موحدا هو سعاده بحضوره الجسدي، وهذا أمر اصبح خارج الممكن. بالمقابل أنا اعتبر ان الانشقاقية خيانة بامتياز. اولا القوميون الاجتماعيون مجمعون على ايمانهم بعقيدة سعاده وان الحوارات الثقافية والفلسفية بينهم تتم تحت سقف ذلك الايمان الواحد. الاختلافات التي يمكن ان تكون بارزة اكثر من غيرها هي في المسائل الدستورية وهي في حقيقتها آراء استنسابية لم تكن سببا يوما في شق الحزب. كل انشقاقات الحزب قاطبة حكمتها ظاهرتان: الأولى ان لا اختلافات عقائدية وراء اي من الانشقاقات والثانية انها حصلت في الادارات العليا للحزب وفرضت على الصف الحزبي تحت تهويلات ب” الخروج العقائدي” والاسراع الى ” الحفاظ على العقيدة ” وخلافه. الادارات المختلفة في السلطة وعليها استعانت بالتهويل العقائدي وبتعظيم اي ” خطأ” عقائدي او سياسي او سواه من اجل استقطاب الصف الحزبي المؤمن ايمانا قويا بعقيدة سعاده. لهذا وجدنا المنشقين بعضهم في هذا التنظيم او في ذاك يغير موقعه ، من هنا الى هناك او بالعكس ، دون اي حرج عقائدي او تنظيمي.القناعة بقيادة احد التنظيمين كانت وراء الانتقال . أما القول ان الحفاظ على وحدة الحزب ليس فقط امرا صعبا وجسب بل لم يعد امرا مطلوبا او ضروريا. اكثر من ذلك ربما اصبح مطلبا عند البعض للتخلص من الاحتقانات والمشادات وما الى ذلك. القول ان وحدة الحزب غير ممكنة والانشقاقات هي قدرنا قول يطعن فكر سعاده في الصميم ويحول العقيدة الى تراث فني وسياسي وثقافي وفلسفي جميل في المكتبات والمؤمنين بها لا رابط بينهم غير الايمان. غير انه من حق هؤلاء علينا ان نجيب على سؤال مشروع لهم: اليست تجربة 64 عاما من الانشقاقات كافية للقول ان الانشقاقات بعد غياب سعاده، هي امر حتمي بل هي قدر لا مفر منه ؟ اذا تقرر ان الانشقاقات هي امر حتمي فعلينا ان نقر بأن غاية الحزب سقطت بسقوطه وتخليه عن مهمته التي اناط نفسه بتحقيقها. لا يمكن لشراذم انشقاقية ان تفعل و” تغير مجرى التاريخ “. لو كانت الانشقاقات ذات اسس ايديولوجية او فلسفية لسلمنا انها- أي الانشقاقات- امر حتمي بل لسلمنا أكثر بأن لا مبرر لحزب واحد بعقيدتين مختلفتين. عندها يصبح الانشقاق مطلبا وقدرا حميدا. اسباب الانشقاقات صراعات على السلطة وجدت في الخلل الدستوري او في عدم اكتمال النصوص الدستورية التي آل سعاده على نفسه اتمامها الا أن الاستشهاد حال دون ذلك. هذه الدول الراقية تختلف اداراتها العليا بشكل دائم الا ان القوانين المرعية الاجراء تتكفل بحل الخلافات وتحول دون انقسام الدولة وشق الوطن. هذا اذا كان هناك ،اساسا، ايمان واحد بالمسلمات القومية للوطن. ولا نريد ان نقلل من عامل الأخلاق في مسألة ممارسة السلطة وتطبيق القوانين ولا يفوتنا قول سعاده العظيم في ” ان الأخلاق هي في صميم كل نظام يمكن ان يكتب له النجاح “. ومسألة الأخلاق هي مسألة تربوية عقائدية وتثقيفية مقرونة بالروادع القانونية. حين يصطلح الخلل الدستوري لا نقضي على الانشقاقات انما نكون قد قللنا او أضعفنا من عوامل حدوثها. الانشقاقية خيانة بامتياز. لتحي سورية.

    رد

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.