LOADING

Type to search

ما تتعذّبوا..

موضوع العدد

ما تتعذّبوا..

أسامة المهتار
Share

الفرّيسيّون انتصروا

“على غير المعمّدين وغير المسيحيّين الاّ يتقدموا لتناول القربان المقدس”.

هذه العبارة فاجأت الحضور في جناز في إحدى كنائس الاغتراب، بمن فيهم أحد المؤمنين المواظبين على حضور القداس والالتزام بتوجيهات الكنيسة. “هذا شيء جديد، أول مرة أسمعه في الكنيسة. هذا أمر لا يجوز.” همس المؤمن في أذن جاره الجالس إلى جانبه. ولكنه بعد لحظات، كان في صف المؤمنين المتناولين وكأن شيئًا لم يكن.

إن كنت غير مؤمن وغير مسيحي لا تتقدم، ولكن كيف لك أن تتقدم للتعرف على إيمان الكنيسة إذا كانت الكنيسة تميّز بين الناس وتصنفهم بين مقبولين وغير مقبولين؟ وهذا الأمر لا ينطبق على غير المسيحيين فقط، بل إننا نعرف عن حوادث جرت، منع فيها بعض الكهنة من هم من طوائف مسيحية أخرى من تناول القربان، ناهيك عن أولاد من كانوا من زواج مختلط، حيث أحد الزوجين ينتمي للكنيسة فيما الآخر هو من مذهب آخر.

نحن لسنا متخصصين في المسائل الدينية، ولكن ما نعرفه عن تعاليم يسوع ابن الانسان لناحية المحبة وعدم الإدانة، يكفي للدلالة على أن هذه العصبية الدينية المنغلقة لا علاقة لها بالتعاليم اليسوعية، بل هي أقرب إلى تعاليم الفريسيّين وممارساتهم، التي دانها يسوع حين قال: “لَكِنْ وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱلْمُرَاؤُونَ! لِأَنَّكُمْ تُغْلِقُونَ مَلَكُوتَ ٱلسَّمَاوَاتِ قُدَّامَ ٱلنَّاسِ، فَلَا تَدْخُلُونَ أَنْتُمْ وَلَا تَدَعُونَ ٱلدَّاخِلِينَ يَدْخُلُونَ. وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱلْمُرَاؤُونَ! لِأَنَّكُمْ تَأْكُلُونَ بُيُوتَ ٱلْأَرَامِلِ، ولِعِلَّةٍ تُطِيلُونَ صَلَوَاتِكُمْ. لِذَلِكَ تَأْخُذُونَ دَيْنُونَةً أَعْظَمَ. وَيْلٌ لَكُمْ أَيُّهَا ٱلْكَتَبَةُ وَٱلْفَرِّيسِيُّونَ ٱلْمُرَاؤُونَ! لِأَنَّكُمْ تَطُوفُونَ ٱلْبَحْرَ وَٱلْبَرَّ لِتَكْسَبُوا دَخِيلًا وَاحِدًا، وَمَتَى حَصَلَ تَصْنَعُونَهُ ٱبْنًا لِجَهَنَّمَ أَكْثَرَ مِنْكُمْ مُضَاعَفًا”. متّى 23: 13-15.

ملاحظة أخيرة. لم يكن الراحل يرغب بجناز كنسي أبدًا. بل هو وصّى بعكس ذلك. بالرغم من وصيته، تقرر عائلته إقامة الجناز من أجل بعض أفرادها “المؤمنين”. ولعلّه حين وصّى بذلك كان يتذكر جدّه، الذي نتف شعر لحية ابن عمه، خوري القرية، منذ قرن ونيف، لأنه كان شخصًا سيئ السمعة. نتفها شعرة بعد الأخرى ومع كل شعرة كان يقول له، “أفضل لي أن انتف لحيتك من أن يسبها الناس.”

تنتظرون ماذا؟

الحديث يجرّ حديثًا، والحديث الثاني كان مع مسؤول محلي في تنظيم عقائدي اتصل بي بعد سنوات من الانقطاع. الاتصال كان لمسألة خاصة، ولكنه تطور لبحث شؤون مؤسسته. لا أذكر كل التفاصيل، ولكن ما علق بذهني من مونولوج طويل وسريع هو “ثلاثين سنة من الفساد”، “إنهم يحاولون بأفضل ما يمكن”، “من تبقّى منا يحاول قدر الإمكان”، “في جميع الأحوال، نحن ننتظر لنرى ما سيكون.”

هذا هو لبّ المشكلة. الكل ينتظر ليرى ما سيكون. ولكن ما سيكون هو مزيدٌ مما هو كائن. وما هو كائن هو انهيار تام وشامل واضمحلال متسارع، الكل يتبارى في وصفه والتذمر منه والاستمرار فيه، بانتظار ما سيكون!

لسبب ما، لا أستطيع فكّ العلاقة بين المؤمن المطيع الذي ينتقد تصرف الكاهن ثم يقف بالصفّ خاشعًا للتناول من يده، والمسؤول المطيع الذي يقف في الصف متذمرًا من وضع غير مقبول، خاضعًا له، ومنتظرًا فرجًا لن يأتي.

نحن في زمن ينتصر فيه الفرّيسيون على يسوع، وينتصر الفاسدون على من جاء لخلاص بلاده من فسادهم.

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

1 Comment

  1. Avatar
    Hussein Bazzi 7 ديسمبر، 2022

    لانهم يدرون ماذا يفعلون فليس امامنا الا التصوف يا رفيق اسامه فاعطوا ما لقيصر لقيصر وما لله.. لله ..منذ زمن ليس ببعيد كنا نتسكع على حافة الطريق امام سينما جان دارك تحديدا لننتظر وصول سيارة الامين عصام المحايري القادمة دوما من دمشق ..وعند لحظة وصوله ننظر الى يديه ان كانت تحمل شنطة السامسونايت وهي دلالة على ان الدعم قد وصل اي معاش التفرغ وعلبة الدخان وطبخة ام سعادة وهي وجبة غداء مجانية توزع على المراكز لمدة محدودة من الشهر ..وان كان العكس هنا المصيبة لا بل الكارثة اي العودة الى سحب سلفة على معاش لم يصل ..هذا وضعنا الذي استمر لسنوات طويلة وحتى اللحظة ..اي رغم مشاعات الحزب وملكياته والاموال الطائلة التي وصلت ولم تصل لم ننجح ببناء مؤسسة او مدرسة او شركة او محفظة استثمارية تدر على خزينة الحزب ما يكفي ..بدلا من التذلل على ابواب قيادات ومكاتب عمد والاستزلام والانحناء والاستسلام ..انها صفة من امراض النظام اللبناني الذي توغل في نفوس البعض حتى اصبحت عرفا داخل كل مركز كما مراكز الدولة تماما …منذ زمن بعيد لم يحاكم احد على الاطلاق …حين يتم تفعيل عمل القضاء وتبدأ المحاكمات عندئذ ساذهب لتناول القربان واسجد الخمسة واسبح مئة مرة لربي واقربائه …اما الان فأنا ملحد حتى الكفر ..

    رد

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.