LOADING

Type to search

قمة جدة.. العرب وسوريا.. خطوة مقابل خطوة

الوطن السوري موضوع العدد

قمة جدة.. العرب وسوريا.. خطوة مقابل خطوة

شوكت أبو فخر
Share

اختُتمت القمة العربية، دورتها الثانية والثلاثين، في مدينة جدة السعودية، وكما كان متوقعاً، عكس البيان الختامي للقمة، الذي جاء في ٣٢ بنداً، الأجواء التوافقية العربية والاقليمية التي سبقت القمة.

وكالعادة تضمن البيان الختامي الإشارة لمختلف القضايا العربية الملحة، بدءاً من القضية الفلسطينية، التي حظيت بموقع الصدارة، إلى الأزمات المستجدة في السودان وليبيا، واليمن والوضع اللبناني، وصولاً إلى قضايا البيئة والأمن السيبراني، والملفات الاقتصادية والاجتماعية.

                           اقرأ أيضاً.. رغم المخاوف.. “يتعين على إسرائيل شن حرب ضد أعدائنا!”

 أما في الملف السوري، فقد شدد البيان على تجديد الالتزام بالحفاظ على سيادة سوريا ووحدة أراضيها واستقرارها، وتكثيف الجهود لمساعدتها على الخروج من أزمتها، وإنهاء معاناة الشعب السوري. وحاكى البيان، فيما يبدو الاوضاع في الشمال السوري، حيث شدد على الرفض التام للميليشيات والكيانات المسلحة خارج نطاق الدولة، فضلاً عن توحيد المواقف في علاقات الدول العربية بمحيطها الإقليمي والدولي.

 لا شك أن الحضور، والمشاركة السورية في أعمال القمة، بعد 12 عاماً من القطيعة، كانا مثار اهتمام واسع، وهذا أمر مفهوم ومبرر، حيث لا يمكن المرور على هذا الامر، مروراً عابراً، بعد المواقف التي أبدتها الجامعة، طيلة الفترة الماضية بخصوص الأزمة السورية.

ومع بقاء العديد من الأسئلة معلقة، بخصوص  مواقف الجامعة، ودون اجابات مقنعة، فإنه لا يمكن اغفال أن كل ما نحن بصدده، من العودة إلى عضوية الجامعة العربية،  ومشاركة الرئيس بشار الأسد، في القمة، جاءا نتيجة تطورات كبيرة، طرأت في الإقليم. والأجواء الإيجابية التي سادت، في أعقاب الاتفاق السعودي – الايراني، والنشاط الدبلوماسي الذي شهدته دمشق، وسلسلة الاجتماعات الوزارية والزيارات المتبادلة.

بمعنى ما، أن دمشق قد قطفت  اللحظة، وخطت  خطوتها، مع ادراكها أن الطريق ليس سهلاً،  أي ثمة طريق شائك صعب معقد تعتريه تدخلات إقليمية ودولية.. لكنه أيضاً لم يعد بالصعوبة التي كان عليها قبل قمة جدة 19 أيار 2023.

لابد من التحلي بالواقعية السياسية، عند مقاربة التطورات الحاصلة، وعدم الذهاب بعيداً في توقع حلول لأزمة عميقة تجاوزت عامها الثاني عشر، ومحكومة بتدخلات دولية وإقليمية واميركية وأوروبية وتركية. أي كما قالها وزير خارجية مصر : ” قرار عودة سوريا ،هو جزء من بادرة خطوة بخطوة. خطوة من العرب، وخطوة من السوريين  لإصلاح ما بينهم، بما ينسجم مع  قرار مجلس الامن 2254.

اقرأ أيضاً.. كيانات سايكس بيكو تستيقظ على التكامل الاقتصادي!

اليوم، وكما يقال بالعامية “راحت السكرة واجت الفكرة” بات الحديث من خارج الصندوق مهماً، كي لا نبقى في “العراضة” بمعنى اذا لم تكن عودة سوريا  إلى الجامعة العربية، بداية للإعلان عن حلول مرضية للجميع، وبداية تلمس السوريين انفراجاً داخلياً، فإن كل ما تم سوف يتبخر وندخل في نفق الخطوة بخطوة.

عودة العرب إلى سوريا، قرار مهم دون شك، لكنه للدقة، مجرد خطوة ضمن مسار طويل، والجزرة العربية التي أعدت على نار إقليمية، ليس من السهل ابتلاعها، فثمة نقاط تبدو واضحة، في قراءة تطورات المشهد العربي، ولابد من اخذها بالاعتبار، منها قرار الجامعة بعودة سورية جاء مدفوعا برغبة العرب في أن يكون لهم دور في حل الأزمة السياسية، لأهداف سياسية، أي مواجهة حضور وتأثير أطراف اقليمية وتحديداً إيران .

– له أهداف اقتصادية، لتخفيف آثار وارتدادات الازمة السورية، على العديد من الدول، ولاسيما قضية اللاجئين، وتبعات هذا الموضوع فيما يخص المسائل الاقتصادية واعباءها المالية، وحجز حيز في مشروع إعادة الإعمار.

– حديث واسع يتعلق بوقوف اليد الامريكية وراء القرار العربي، في إطار إعادة تموضع جيو- سياسي جديد للقوى في المشرق العربي، لمواجهة التمدد الروسي الصيني. وما الحديث عن “امتعاض أمريكي” ، سوى محاولة تمويه مكشوفة، فلو لم ترد واشنطن هذا، لا يستطيع العرب مجرد التفكير بالإقدام على مثل هذا القرار. أما بشأن التحفظات من بعض الدول العربية، فهي لن تؤثر في الوصول إلى الهدف المرسوم، أي لن تكون هذه التحفظات “عائقا” أمام الخطوة التي اتخذتها الجامعة العربية.

تطورات المشهد العربي والإقليمي، وعودة سوريا إلى “الحضن العربي” لا تعني قطعاً، أنه بالمدى القريب، سوف تتغيّر الخارطة السياسية والميدانية في المنطقة، إذ هناك أطراف أخرى يجب أخذها بعين الاعتبار، من روسيا وإيران إلى الولايات المتحدة التي تحتل أراض سورية وتدعم الميليشيات الكردية، وتركيا التي تحتل مناطق حدودية، وبدأت بدورها مباحثات مع سوريا حول استئناف العلاقات.

اقرأ أيضاً.. إبراهيم متري الرحباني.. السوري المتنوّر في مواجهة الانتداب

على أي حال، إن عودة سوريا إلى شغل مقعدها في الجامعة، بداية حركة وليست نهاية مطاف، حسب أمين عام الجامعة أحمد ابو الغيط الذي اعتبر أن مسار التسوية، في سورية سيحتاج إلى وقت وأن القرار “يُدخل الجانب العربي لأول مرة منذ سنوات في تواصل مع الحكومة السورية للبحث في كافة عناصر المشكلة”. بالختام يمكن القول؛ إن الباب فتح، ونحن أمام فرصة تبدل الوضع الدولي وكما قال الرئيس بشار الأسد، في كلمته أمام  القمة، هي فرصة تاريخية لإعادة ترتيب العرب لشؤونهم، وإعادة تموضعهم في هذا العالم مستثمرين في الأجواء الإيجابية الناشئة عن المصالحات التي سبقت القمة.

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.