LOADING

Type to search

في هذا الأول من آذار

الوطن السوري شؤون حزبية

في هذا الأول من آذار

ماهر يعقوب
Share

ماهر يعقوب

رفيقاتي رفقائي المحترمين .. تحيا سوريا، ويحيا صاحب الذكرى المعلم والزعيم سعاده.

إنها الذكرى السادسة والثمانون لذلك اليوم الذي ذهبت فيه ثلّةٌ من القوميين يعايدون حضرة الزعيم بعيد ميلاده، فكان منه يومها أن حوّل المناسبة من نفحة شخصية فردية لتصبح محطة كرّس فيها سعاده نفسه للحزب والأمة، فنقلها لتصبح تاريخًا حزبيًا ذا عمق أخلاقي وإرادي وسلوكي، شكّل عبره مدرسة لكل من انتمى أو سينتمي لهذا الحزب عمومًا، ولكل مسؤول أولته السلطات المخولة ثقتها.

نعم الأول من آذار هو يوم ذو بُعدٍ حزبيّ عميق، لا يقاربه أبدًا احتفالُ أعضاءِ أيّ حزب بعيد ميلاد مؤسّسه، من هنا علينا أن نعتبر ما قام به سعاده في هذا اليوم من عام 1935 معيارًا ونموذجًا نطبقّه على ذواتنا وسلوك المسؤولين الحزبيين الذين نتعامل معهم والذين أوصلوا الحزب لما هو فيه بعد قرابة تسعين عامًا على تأسيسه، ولنتحسّس من خلاله مقدار الهوّة الواسعة بين ما كان عليه سعاده وبين كلّ من تعاقبوا على قيادة الحزب سيّما في العقود الأخيرة!

طبعًا لا أعتقد أن مقاربة كهذه تكفي لإشباع النَّهم الذي يشدّنا للحديث عن معاني الأول من آذار، وأترك هذا الهدف لمرة أخرى، لكن ما أرغب بقوله اليوم أن الأول من آذار كأيّ محطة حزبية هو مناسبة لجردة حساب، لتقييم ما كلّ منّا عليه، وما قدّمه لهذا الحزب وأيّ صعوبات أعاقت عمله، وما الجهد الذي فعله كي يتجاوز هذه الصعوبات! نعم في كل عمل صعوبات خاصة وعامة، علينا أن نعمل فرديًا وجماعيًا لحلّها وتذليلها. فبالتأكيد لا يجوز الاكتفاء بأن نعمل من محطاتنا الحزبية مناسباتٍ طقسية باردة نكرّرها ونجترّها كل عام، ونقنع أنفسنا بأنّ هذا هو ما يمكننا فعله.

من هنا علينا أن نبحث عن دور، عن واجب يُضفي علينا أنّنا لسنا أعضاء نعيش الرتابة ونرمي المسؤولية على من هو المسؤول، وكفى الله المؤمنين شرّ الجهاد! علينا دائمًا أن نفكّر بواقع أمتنا وواقع حزبنا، فهل واقعنا الحزبي على الأهلية التي أنشأه المؤسس لها، وهل هو قادر أن يعمل لتحقيق الغاية التي تنكّبها؟ هل ما حقّقه الحزب في هذه السنوات يتناسب مع عمره التأسيسي؟

لو دقّقنا بكل ما تعتبره قيادات الحزب المتعاقبة أنها أنجازات سياسية له في بعض كيانات الأمة سيّما في الشام ولبنان، نراها تتراجع سنة بعد سنة، حتى بما يُمنح من حصص وزارية أو نيابية فيهما، وأنه فاقد لأيّ أثر قومي يذكر، أو أيّ نفحة لفعل حزبي في النظام السياسي أو الاجتماعي أو حتى التربوي عدا عن الخدمي والشعبي البسيط… بل أصبحنا نرى الحزب في المناسبات الانتخابية في هذين الكيانين يجهد للدخول بلعبة المحاصصة ولو على حساب معاني النهضة والتحلّي بأخلاقها ومعاييرها!

هذا الضعف الحزبي المريع أمام عظمة الغاية، وصغر وتدني مستوى الأهداف المرحلية، اللذان يتبدّيان في كلّ التنظيمات المنشقّة عن بعضها، ما زاد ضعفها ضعفًا وهزالتها هزلاً، ألا يستدعيان منا نحن القوميين أن نبحث عن دور نساهم فيه بإنقاذ الحزب من حالة الانحدار المتسارع معنويًا وشعبيًا؟ ماذا ننتظر، وأيّ فرصة سانحة نرنو إليها؟

أكُتِب لهذا الحزب أن يَقبل بما هو مفعول ويُزيّنَه وكأنّه دوره المنشود، ويتخلى عن العمل النوعي الذي أنشئ لأجله؟ ألم نلحظ أننا أصبحنا كدول العالم المتخلف بدساتيرها وقوانينها وطرق انبثاق السلطة فيها؟

ألم نتلمس بعدُ مدى تقلّص إرادتنا وفعل زوبعتنا لأدنى الحدود؟ وبأن معظم أهدافنا وتطلعاتنا أصبحت منفعية تصبّ بمصالح أشخاص باعدتهم الخلافات الخاصة، ما أدى لحدوث انشقاقات متتالية في الحزب؟

أغَفِلنا عن أولى المهام التي وضعها حضرة الزعيم على نفسه حين عاد إلى الوطن في الثاني من آذار عام 1947 وهي إصلاح مسيرة الحزب وتخليصه من المفاهيم الغريبة عنه، والتي استغلّت قياداته حينها اغتراب سعادة القسري لتدخلها إلى دوائره، وسكت القوميون عليها بعامل الانضباط والنظام؟

صحيح أن هذا التصويب تم من قبل حضرة الزعيم بما يملك من صلاحيات، إنّما لا يعني أن بعد غيابه الدائم لا توجد جهة قادرة على تصويب الانحرافات في الحزب! هذه الجهة أيها الرفيقات والرفقاء هي أنتم بفهمكم لمعنى حزبكم، وعمق قضيتكم، ولحقوقكم الدستورية والنظامية، وبقوة انتمائكم وشدة دفاعكم عن سلامة الحزب بكل ما أوتيتم من وعي وإرادة.

فإلى متى سنبقى نحن القوميين في رتابة مملّة ممجوجة لا تليق بحزب جديد ناشئ في بلدة نائية حتى؟ أهذا هو الحزب الذي انتمينا إليه، وتعاقدنا مع سعادة لنيل شرف عضويته؟ ورهنّا دماءنا تحت تصرّفه حين تطلبها الأمة؟

لا أيها الرفيقات والرفقاء، هو ليس ذاك الحزب، ولن يصبح إن بقينا ننتظر قوة خارجية تعيد ترتيب بيته وأولوياته ونظام عمله. ويكون من الجهل إن اعتقدنا ذلك، أو إن تأملنا من أي جهة أن تصلحنا وتصوّب بينتنا وتعيد هيكلتنا. لا بل هو العار الأكبر إن اعتقدنا أو انتظرنا ذلك، ونحن من وُجِدنا لنصلح ونصوّب ونعيد الوعي والعصبية وخطة العمل لأمة بأكملها يدأب العالم كله لدفنها!

إن بقيت هذه أحلامنا وهذه قدرات تحركنا فلنعلم أننا نسير من ضعف إلى ضعف ومن هزالة إلى زوال، ومن فعل إلى ذكرى. أيُعقل أنّ كلّ ما يمكننا فعله في مناسباتنا هو كتابة الخطابات واستعارة عبارات من مقالات سعاده في وقت لم نعد نتحلى بما علّم وزرع فينا؟

في كل دول العالم (ونحن نعتبر حزبنا هو دولة الأمة السورية) للشعب دور أساسي في عمل الدولة، رقابة وإدانة وتغييراً ومحاسبة مع الحفاظ على سلامتها ووحدتها. إلّا في دولتنا (حزبنا) أصبحنا عدة دول وعدة رؤساء ومجالس. والشعب مستكين بمعظمه، متنافر، فاقد لأي بعد تغييري ثوري يعيد لهذا الحزب وحدة تنظيمه وبنيانه ودوره الحقيقي.

أما آن لنا أن نعلنها ثورة على مواطن الضعف والخلل والفساد في هذا الحزب الذي نتفق جميعنا أن مشكلته ليست في عقيدته ولا في نظامه.. بل في غياب الأخلاق الصحيحة عن هذا النظام وتجييره لصالح أفراد ومتسلطين فيه، فإلى متى سنبقى مستكينين ونحن نشهد ونتلمس تراجعَه يوماً بعد يوم وسنة بعد سنة؟

نعم إني أدعو لحالة مقاطعة إدارية (إنفضاض من الوحدات الحزبية) لحين إعلان القيادات المتعددة استعدادها للانضواء في عملية تصويبة نعيد فيها الحياة الحزبية إلى ما يجب أن تكون محقّقة مصلحته فكرًا وغاية وأخلاقًا وإرادة عمل، وإلّا لا ينفع تباكينا على وضعه ونحن بعامل النظام نستمر بإعلان حالة الطاعة والاستجابة لقيادات لم تفلح إلا في زرع العصبيات الشِقاقية وتهجير الطاقات وتكريس سياسة الاستجداء السياسي.

نعم وبكل وضوح إننا في مرحلة تستصرخنا فيها الأمة لانقاذها من واقعها الخطر على حياتها واستمرارها، وينادينا حزبنا فيها لنقف وقفة أعضاء مدركين متحابين نابذين لكل عصبية انشقاقية أو ولاء لغير من وما تعاقدنا معه وعليه، وفي ذات الوقت معلنين أن مشكلاتنا تكمن في ضعف وفساد إداراتنا، وإننا نعلن عنها الإنفضاض لغاية شريفة خلوقة أبعد ما تكون عن فساد لعبة السلطة، ألا وهي العودة بالحزب لساحة الجهاد لإنقاذ ما يمكن إنقاذه من أمتنا.

ولتحي سوريا

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.