LOADING

Type to search

عندما تكون التحولات حلاً!

العالم العربي غير مصنف موضوع العدد

عندما تكون التحولات حلاً!

الفينيق
Share

تغيرات كبيرة عربية وإقليمية ظهرت ملامحها بشكل واضح خلال الفترة الأخيرة، منها الاتفاق السعودي الإيراني برعاية صينية، وزيارة الرئيس بشار الأسد إلى الإمارات واستقباله بحفاوة لافتة مع زوجته والوفد المرافق له. وأيضاً الحديث عن وجود اتصالات سعودية سورية قد تفضي إلى لقاء على مستوى وزراء الخارجية قريباً. وعلى المستوى الدولي، زيارة الرئيس الصيني لموسكو والإعلان عن مبادرة صينية لوقف الحرب في أوكرانيا، إضافة إلى المناورات الروسية الصينية الإيرانية في بحر العرب، وتصاعد حدة التوتر بين الغرب وموسكو. تطورات متلاحقة لا يمكن النظر إليها بشكل منفصل، يقابلها إعلان عدة بنوك أميركية إفلاسها، واتهام واشنطن لبكين بأنها وراء صمود الاقتصاد الروسي حتى اليوم رغم العقوبات والحرب.

يتحدث المراقبون اليوم عن صفقة تلوح في الأفق فيما يخص القضية السورية، لكن الثابت بالنسبة لدمشق، أنها لن تقبل بتقديم شيء لم تستطع الحرب أخذه منها، وفي مقدمة ذلك الاتفاق مع المعارضة المفككة والمخترقة من قبل الأجهزة الغربية. رغم ذلك، من الواضح أن جميع الأطراف تعبت من ملف الحرب وتريد الوصول إلى صيغة جديدة لا يمكن التكهن بها حالياً لكن الاتصالات العربية والإقليمية تشير إليها بشكل ما.

الاقتصاد السوري منهار والجيش منهك، والأرض مقسمة لأجزاء تسيطر عليها عدة دول محتلة منها أمريكا وتركيا، وبعض الأجزاء تسيطر عليها ميليشيات عرقية كردية أو ميليشيات متطرفة مدعومة من الخارج. وبالتالي لا يختلف أحد على المصلحة السورية الملحة في موضوع التقارب العربي والعودة إلى الجامعة العربية، فهذا الأمر سيعني تنفساً اقتصادياً والحصول على بعض الدعم بغض النظر عن حجمه.

على الجانب الآخر، فإن الوضع الدولي وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، دفعت العرب إلى إعادة النظر في الأولويات والتحالفات في ظل وجود تبدلات دولية في إعادة التموضع، وقد سبق للعرب أن جربوا أميركا كثيراً، خاصة في دول الخليج، وكانت تجربة الانقياد الكامل مع المحور الأميركي الغربي، غير ناجحة سواء في حماية هذه الدول عسكرياً أم اقتصادياً. فالخليج في هذه المرحلة يريد أن يستقيل من دور البقرة الحلوب باتجاه خيارات أخرى مبنية وفق منطق التوازن بين المحور الغربي والمحور الجديد الذي تسعى روسيا إلى تشكيله ويضم الصين وإيران وغيرها من الدول. إذن تبدو العودة إلى سوريا طبيعية لأنها تفصيل في البانوراما العامة اقليمياً وعالمياً، والأهم من ذلك كله، انتفاء الأهداف التي نشأت من أجلها الحرب.

إعادة النظر بالعلاقات الإقليمية تشكل مصلحة للجميع في هذه المرحلة، أولاً للعرب الذين يخشون ألا يكون لهم حضور مناسب في التشكلات الجديدة، وثانياً للدول الإقليمية وفي مقدمتها إيران وتركيا، وأيضاً على المستوى الدولي بالنسبة لروسيا والصين على نحو خاص.

من الوجهة الداخلية، لا مشكلة لدى سوريا من تقديم بعض المرونة على صعيد الحل الداخلي السوري، خاصة إذا توفرت المساعدات المالية والإغاثية ومشاريع إعادة الإعمار التي يمكن أن تقوم بها دول الخليج. لأن الوضع الاقتصادي السوري يعتبر نقطة الضعف المحورية في هذه المرحلة، خاصة بعد غياب أي مؤشرات لامكانية انسحاب أميركي من منابع النفط والغاز وأراضي زراعة القمح، التي تشكل الدعامة الأساسية في الاقتصاد السوري. السوريون مضطرون للتعامل بإيجابية في المرحلة المقبلة، ويدفعهم إلى ذلك القناعة الروسية الصينية بضرورة بلورة منطقة خالية من التناقضات استعداداً لما هو آت دولياً.

بغض النظر عن فحوى التبدلات المقبلة، فهي أفضل، سوريّاً، من حالة السكون والثبات تحت الحصار الاقتصادي والسياسي وشح الموارد الذي تعانيه البلد. لهذا من المرجح أن تستقبل دمشق المبادرات العربية بإيجابية خاصة الخليجية منها، رغم القيود التي تضعها واشنطن على تلك الدول في موضوع التقارب مع دمشق، لكن خروج الرياض عن الطاعة الأميركية في الاتفاق الذي وقعته مع طهران بمبادرة صينية، يؤكد أن العلاقات مع دمشق يمكن أن تأخذ بعداً ايجابياً غير متوقع من الناحية الاقتصادية والسياسية. فهل تكون المنطقة أمام انفراجات في المرحلة المقبلة؟ ذلك ما يأمله السوريون.

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.