LOADING

Type to search

صهريج “الكرامة يفرغ حمولته في بانياس!

مقالات موضوع العدد

صهريج “الكرامة يفرغ حمولته في بانياس!

الفينيق
Share

يتابع السوريون أخبار ناقلة النفط التي رست في ميناء بانياس وهي تحمل 700 ألف طن من النفط الخام التي سيجري تكريرها مباشرة من أجل انقاذ قطاع الخدمات قبل التوقف عن العمل! وهي ليست المرة الأولى التي يتتبع فيها الناس أنباء الناقلات التي تتأخر أو تحتجز في الطريق، فالشعب أصبح يعيش على صهاريج الأمل التي يمكن أن تصله من أصقاع البلدان البعيدة، بعدما استعصت عليه ينابيع أرضه وثرواتها بسبب الاستعمار والفساد والإدارات الفاشلة.

الناس يتجمهرون جماعات في الشوارع بانتظار ما يقلهم إلى أعمالهم بسبب غياب المواصلات. محطات الكهرباء توقفت بسبب نقص الفيول، وكذلك أبراج الخليوي ومحطات الهاتف الأرضي.. الجميع ينتظرون صهريج الأمل الأخير في حفظ جزء من الحياة الكريمة التي تهشمت منذ سنوات بالفقر والذل، ليأتي مشهد الرجل المسنّ وهو يبكي عندما تسأله الإعلامية الشاطرة عن الأكلة التي يحبها كي تعزمه عليها! صحيح، هل يفضل اليبرق بالعصاعيص أم الشرحات المطفاية بالثوم، أم المحاشي؟ وقبل أن يجيب المسنّ المطعون باليأس من تأخر صهريج الأمل، يبكي وهو يتذكر طعم الكرامة! هل يقول للمذيعة المدللة إنه يريد أن يعيش عزيزاً مثل بقية البشر في العالم الثالث بعد المئة؟

الامتهان يبدو على أشده، والانتهاك تحول إلى استعباد بعدما هان كل شيء وأصبح حصول كل شيء أمراً طبيعياً. الحكومة التي باعت الصناعة السورية لتركيا قبل الحرب بأربعين اتفاقية اجتاحت السوق الاقتصادية السورية، لم يحاسبها أحد، مثلما هو حال أحد رؤساء الوزارة الذي اشترى منزلاً بمئات الملايين ووقع ضحية عملية نصب لا يتورط فيها طفل في البيع والشراء! هل سأله أحد من أين لك تلك المئات من الملايين؟ وهل فكر أحد بما فعلته سذاجته عندما كان رئيساً للوزراء يوقع اتفاقات مع الدول والحكومات؟

المشهد قاتم للأسف، ووزارة التجارة الداخلية لا تملك قدرة ملاحقة الأسواق السوداء التي تبيع جرة الغاز بـ175 ألف ليرة، بينما راتب الموظف 110 آلاف ليرة! ولأن الجميع محكومون بانتظار صهريج الأمل الذي سيملأ جزءا بسيطاً من سيرومات الشعب المنكوب، سيظهر كل شيء بسيطاً وقابلاً للتصديق والتمرير.. سيتحدث أحد المسؤولين عن فوائد الاستحمام بالماء البارد في كانون، وسيجود آخر بإمكانية الاكتفاء ببطانيات اليونيسف وشوادر المعونات لدرء العواصف الآتية هذا الشتاء. وسيصر المهرجون الكثيرون في سيرك البلاد على تحويل الجمهور إلى مسخرة حتى تضحك على جهلنا الأمم المشغولة بمتابعة مونديال قطر!

كل شيء أصبح قابلاً للتصديق، حتى المسؤولون الذين يسفّرون أبناءهم للخارج هرباً من الخدمة العسكرية، سيتحدثون عن ضرورات الصمود وهم يركبون سيارات المرسيدس التي يفترض أن يبرد الشعب كثيراً كي تمتلىء خزاناتها بالبنزين. ألم يصنعوا سيارة وطنية سمّوها “الشام”؟ ألم ينظروا بالاكتفاء الذاتي ودعم الصناعة الوطنية؟ فلماذا إذن تبدو سيارة المرسيدس وزجاج الفيميه أفضل من سيارات الشام؟

ربطة الخبز السياحي بخمسة آلاف ليرة! وربطة الخبز العادي المدعوم من الدولة بألفي ليرة. حليب الأطفال وأدوية السرطان والمرضى الذين يموتون في كاريدورات المشافي، جميعهم ينتظرون صهريج الأمل كي يفرغ حمولته من الحد الأدنى من الكرامة في مرفأ بانياس. وهل سبق أن عشنا فوق الحد الأدنى في كل شيء؟

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.