صدقية الفينيق
Share
رئيس التحرير
حين أرسلنا رسائل المقابلات مع رؤساء التنظيمات التي تحمل اسم الحزب السوري القومي الاجتماعي كتب لي أحد الرفقاء قائلا: “إن مشاعر التشكيك بصدقية الفينيق تزداد يوما بعد يوم في التنظيمات بسبب الهجوم المستمر عليها.” استوضحته ما إذا كان يقصد الهجوم على الفينيق. فأجاب بالعكس، إن الفينيق تفقد مصداقيتها لأنها، أي الفينيق، تهاجم التنظيمات باستمرار.
لا أعتقد أن رفيقي، وهو صديق حميم، توخى الدقة في عبارته. فهو سوري بامتياز ويتوقع من المستمع أن يفهم عليه دونما حاجة لوزن الكلمات بميزان الصائغ. غير أن في عبارته ما يحتاج إلى تصويب. فالحقيقة هي أن ثمة مشاعر وآراء متفاوتة حيال الفينيق تتراوح بين الإعجاب والغضب. ولكن “التشكيك بالصدقية” لا يمكن أن يكون بينها. فالتشكيك بالصدقية مردّه الكذب، والفينيق مجلة صادقة بامتياز.
نعتقد أن العبارة تكون أدقّ لو صيغت كما يلي: “إن منسوب الغضب لدى قيادات التنظيمات التي تحمل اسم الحزب السوري القومي الاجتماعي يتصاعد طردًا مع الهجوم الذي تقوم به الفينيق على مواقف هذه التنظيمات ممثلة بقياداتها.” فالصحيفة، أية صحيفة، لا تفقد صدقيتها بسبب هجومها على موقف ما لطرف ما، بل إذا أخلت بالقواعد المهنية للصحافة، وأهمها الصدق والدقة والعدالة والاحترام حتّى لمن تخالفهم الرأي. الفينيق مجلة ملتزمة عقيديا ومهنيا، وهي مجلة تلتزم التهذيب دائما.
تركّز الفينيق في العديد من مقالاتها على التناقض الواضح بين أداء التنظيمات وما هو مُتوقع منها. المُتوقع هو الانطلاق من عقيدة الحزب باتجاه تحقيق غايته وفق قواعد مناقبية أخلاقية تُبرزُ الحزب كنموذج صالح لكي يعتبره الشعب حركته العامة. الواقع يقول، وكذلك المسؤولون الصادقون الذين نحاورهم باستمرار في جميع التنظيمات، إن هذه التنظيمات تعاني من ثلاثة علل تشترك فيها كلها هي الفساد والصنمية والانحراف الكياني، وإن بنسب متفاوتة.
ولكن الأهم والأخطر من هذا كله أن هذه التنظيمات كلها تشترك في إهمالها الكلي لغاية الحزب.
إن الفينيق ملتزمة بالفكر القومي الاجتماعي الذي وضعه أنطون سعاده، ليس نظريا فحسب، بل في تطبيقاته العملية أيضا. والتطبيق العملي الوحيد لهذا الفكر في العالم العربي اليوم هو الحزب السوري القومي الاجتماعي. إن ما يراه البعض “هجوما”، ناجم عن دور الفينيق ومسؤوليتها، كما حُددا في افتتاحية سابقة: “دورها أن تكون المحفّز للحوار والمسهّل له. أما مسؤوليتها فأن تُبقي الضوء مسلطًا على الحقائق أمام جميع من تعنيهم قضية الحزب السوري القومي الاجتماعي وانتصارها، ووضعهم، جميعا أمام مسؤولياتهم بدون مجاملة أو محاباة.
”
من ناحية ثانية، يرى البعض أن هذه المسائل البديهية – التركيز على نظرة الحزب وغايته – هي “وجهة نظر” خاصة بمجلة الفينيق. إنهم ينظرون إلينا وكأننا جانحون في مجلس مهتدين. نعم، إنها وجهة نظرنا في الفينيق، ونحن نعمل ونروج وندعو لها. ولكن هذا لا يجب أن يكون الشواذ بل القاعدة التي دعانا سعاده إليها، وحذّرنا من التبدد إن لم نعتبرها مسؤوليتنا الأساس. إنها لقاعدة بديهية وأولى أن يعمل المنتمون إلى منظمة لها غاية، لوضع الخطط وحشد الطاقات لتحقيق غايتهم.
على فكرة، بالرغم من الوعود المتكررة، لم يقم أي من رؤساء التنظيمات بالإجابة على الأسئلة التي طرحتها الفينيق. هل هناك فعلا من “تشكيك متزايد” في صدقية الفينيق؟ كلا، هناك خوف متزايد من صدقيتها.
لا يوجد أي تشكيك في صدقية الفينيق الموضوع هو تبعثن التنظيمات و غياب المناقب