LOADING

Type to search

رُهاب المراجعات النقدية ومتلازمة الاستراتيجيا الفاشلة!

موضوع العدد نقد سياسي

رُهاب المراجعات النقدية ومتلازمة الاستراتيجيا الفاشلة!

Avatar
Share

أحزاب القومية العربية، لم تجر مراجعات نقدية لتجاربها في الفكر والسياسة! رغم أنها فشلت في إنجاز تحرير فلسطين وأخفقت في تحقيق “الوحدة” التي نشدتها من المحيط إلى الخليج، عدا عن تخليها عن “الاشتراكية” التي أصبحت في خبر كان، بحكم انتهائها كأيديولوجيا!

تناولنا للأحزاب القومية العربية، يأتي بسبب قيادتها للعديد من الكيانات السورية والعربية طيلة زمن طويل كان يمكن أن تنجز فيه الكثير على صعيد التنمية والتحرير وغيرها من الأهداف الاستراتيجية، لكن ما حصل هو تدهور في الحالة الاقتصادية وتشرذم في المجتمع وخسارة في المواجهة مع العدو “الإسرائيلي” وهذا ينسحب على الثقافة والتربية وبقية القطاعات.

خرجنا من الاشتراكية إلى “اقتصاد السوق الاجتماعي” ولم يتمكن أحد على تعريفه أو قوننته. وعوضاً عن مشاركة المجتمع في عملية الإنتاج، تم لاحقاً الاتجاه نحو الخصخصة وبيع جزء كبير من القطاع العام إلى القطاع الخاص بسبب الإفلاس والخسارات الهائلة التي مُني بها. معامل الأحذية كانت تستورد المواد الأولية الجيدة من الخارج، لكنها تصنع أنواعاً لا يشتريها الجمهور! المشافي كانت تحظى بالمعدات اللازمة، لكن المريض يموت فيها بسبب الإهمال. في التربية، لم تستطع المناهج المدرسية شق عصا الطاعة على أصحاب التفكير التقليدي في المجتمع، فبقيت المناهج رجراجة مشغولة بإرضاء التيارات الكلاسيكية على حساب تنشئة الجيل الجديد.

حتى فيما يتعلق بالمنطلقات النظرية، فإن عدم المراجعة النقدية للفكر القومي العربي، تسبب بخلل في الاستراتيجيات المتبعة على صعيد علاقات الكيانات السورية مع الكيانات العربية، فكانت دول بعيدة كالصومال وجيبوتي بمنزلة لبنان والأردن والشام، ورغم تمكن دول الخليج العربي من تأسيس مجلس التعاون فيما بينها، وفي فترة فعلتها دول المغرب العربي الكبير، إلا أن الأمر بقي محرماً على الكيانات السورية التي كان تقاربها خطاً أحمر بالنسبة للولايات المتحدة والغرب، وبالتالي بقيت كيانات متخاصمة متحاربة لم تفكر حتى بالتنسيق الاقتصادي أو بإيجاد سوق مشتركة فيما بينها تبعاً لمقتضيات البيئة وعدم قدرة أي كيان على الاستغناء عن الآخر!

الموقف من الدين، وعلاقته بالسياسة وتشكيل القومية، كان من الأخطاء الاستراتيجية في الفكر القومي العربي الذي قال إن الدين من مقومات نشوء الأمة ودليل على وجودها، فاصطبغت القومية العربية بالدين الإسلامي، وبات كل من هو غير مسلم خارج الإطار القومي العربي حتى في دساتير الدول وقوانينها!

في كتب التربية الوطنية يعرف الفكر القومي العربي “الصهيونية” بأنها “حركة سياسية استعمارية”، مع أن “إسرائيل” ترتكز إلى قاعدة عقائدية تستمدها من التوراة والتلمود، ويتوجها رأس المال الكبير الذي تمكن من توظيف الإمكانات والخبرات في خدمة أهداف القاعدة الفكرية. وهذا لا ينفي وجود منظمات أو أفراد يهود لا يؤيدون قيام دولة “إسرائيل” استناداً إلى تحاليل دينية مختلفة، لكن النص التوراتي واضح ومن يعتنقه لابد أن يكون مؤيداً لإسرائيل. هذا الخطأ الفكري الاستراتيجي في الفكر القومي العربي، عرقل بشكل كبير عملية التحرير، لأن المعركة في جوهرها ثقافية فكرية تمتد إلى الميادين الأخرى العسكرية والاقتصادية وغيرها.

سيقول البعض، إن المنطقة لم تهدأ من الحروب والضغوط الاقتصادية والحصار بمختلف أشكاله، وهذا الأمر صحيح لكنه ليس طارئاً، فمتى كانت هذه المنطقة هادئة ومستقرة لا تُشن عليها حرب ولا يحدق بها حصار؟ وهل تعتقدون أن الخطة المعاكسة للخطة اليهودية يمكن أن تكون نزهة؟

الأحزاب القومية العربية مطالبة بمراجعة نقدية كبيرة ومواجهة صريحة مع الأسئلة الصعبة التي أجلتها طويلاً. فإذا كان العالم يدخل اليوم في الثورة الصناعية الرابعة، كما يقول الباحثون، فإننا مازلنا نخوض بأسلحة الخمسينيات حروب الألفية الثالثة! المعطيات العلمية تقول إن رُهاب المراجعات النقدية لا يؤدي سوى إلى الاستراتيجيات الفاشلة!

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

1 Comment

  1. Avatar
    ناصيف رزق الله 1 سبتمبر، 2022

    توجه مناسب للنظام لتغيير العلاقة مع البعث

    رد

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.