“بدعات” كهنة الحزب!
Share
زيكار الحمصي
دأب كثير من القوميين، على تقبل “بدعات” بعض القوميين، حتى القدامى منهم، على استخدام عبارات واصطلاحات مستعارة من الدين وخصوصًا المسيحي. مثل كلمة فادينا وغيرها من العبارات الطقسية التي هي بدورها أدخلت على المسيحية والمحمدية إدخالاً من أديان سابقة ذات طابع طقسي. وقد أطاحت هذه الطقسيات الشكلية بجوهر تلك الأديان وأفرغتها من مضمونها الذي جاءت به ومن أجله.
فقد أدرج بعض “المستبدعين” على المسيحية أن يسوع الناصري قد جاء ليفدي البشر من غضب الله. ذلك أن الله حانق على البشر بسبب “الخطيئة” الأولى وكانت: أن أبا البشر وأمهم (آدم وحواء) أكلا من شجرة المعرفة والحكمة و”صاروا” مثل الآلهة. بمعنى أن الله يريدهم “جهلة” لا يعرفون الخير من الشر ولا يتمتعون بالحكمة والمعرفة. هذا المفهوم لا يليق بيسوع ابن مريم الناصري ولا بالله طبعًا. فالله – حسب يسوع – محبة، وهو حسب محمد بن عبد الله رحمن رحيم حكيم ويدعو للحكمة والتفكر. ولا يليق بالله أن يحقد على البشر ﻷي سبب، فكيف إذا كان هذا هو السبب. ولا يليق أن يحقد على أجيال لم تكن موجودة يوم “ارتكب” جدهم وابوهم “جريمة المعرفة والحكمة وبيان الخير من الشر”
فما علاقة هذه العبارة “الفادي” بالشهيد انطون سعادة؟
وهل مكتوب عليه أن يفدينا؟ وعند من؟ وبدلاً ممن؟
يبدو أن “كهنة” “الحزب” الذين حولوه الى مؤسسة طقوس عبودية ميتة، ثم جعلوه مطية لأهوائهم ومصالحهم ونوازعهم الخاصة المريضة، أرادوا أن يُفهموا “القوميين” العاطفيين الطيّعين أنه كان “مقدرًا” عليه ومقررًا له اغتياله. لكن فداء عمّن ومن أجل ماذا ومن أجل من؟ فهنا تركوها “للحزب” “الدين” الطقسي الجديد. استنادًا غبيًا على مقولة المعلم الشهيد: (لقد شهدت هذه الارض أديانًا تنزل من السماء الى الأرض لكنها ستشهد دينًا يرتفع من الأرض الى السماء).
لم يقصد الزعيم إنشاء دين طقسي اتباعي يغلق العقل والادراك. فقد ماتت تلك الأديان وفسد مقصدها وتحولت الى عكس غاياتها عندما أصبحت طقسية عبودية اتباعية تغلق العقل والفهم والابداع. وسعاده هو فيلسوف العقل وقائد قوات العقل الحية والادراك الحر باتجاه السمو والارتقاء به بالعقل الحر الشجاع والمستقل عن الاتباعيات والأهواء.
هل كان من الضروري واللازم أن يستشهد الزعيم المعلم أنطون سعاده؟
من يقول هذا هو إما غبي وتافه، أو إنه مشترك في جريمة الايقاع بأنطون سعاده.
زعيم كان حزبه يضم آلاف الضباط في الجيوش السورية، الشامي واللبناني والأردني، وكان ولي عهد دولة فيه وهي الأردن عضوًا فاعلاً في مؤسساته، وكان قائد موقع بيروت العسكري عشية محاكمته الصورية واغتياله إعدامًا، عضوًا في حزبه. ومع ذلك ذهب وحيدًا ليواجه أبشع مصير وأبشع تخلّ عرفه التاريخ. ولا تخجلون من هذه الحقيقة وترددون أنه فداكم. فداكم ممن أيها “الجهابذة” المتعبدون عند كهنتكم الكذبة؟
لكن من أجل عدم فتح هذا الحساب الذي ما زال أبطاله وصنائعهم الجدد يغتالونه كل لحظة من حياة هذه الأمة، بتحويل حزبه الى جثة هامدة ومطية لخدمة دناءاتهم. مرّروا هذا المفهوم الطقسي العاطفي وكأنه كان لزامًا عليه الموت المبكر غيلة وخذلانًا.
فاديكم؟ وفادينا؟
عودوا إليه بضمائركم، إذا بقي عندكم ضمير وحس مسؤولية، واستدركوا الزمن والوقت الذي تضيعونه من ذخيرة وقت هذه الأمة وهذه القضية و”انتصارًا له وانتقامًا لموته غدرًا وخيانة مفجعة”.
أعلنوا البلاغ رقم واحد واسحقوا مغتصبي الحزب وخاطفي قيادته وقراره وهويته، هكذا تنتصرون للزعيم الشهيد وليس بالخطابات والتفجع والتبرير الديني السخيف على أنه فاديكم.
لم يَفْدِكم، لكنكم خذلتموه سابقًا وتخذلونه اليوم وكل يوم، إلى أن تنتفضوا ثورة مدمرة على غرار ثورة الحبيب الشهيد الحي حبيب الشرتوني ورفيقه البطل نبيل العلم ضد عبيد إسرائيل. وهؤلاء وأولئك سواء.
هكذا تحيا سوريا. وعندها ستشاهدون مدى احترام السوريين جميعًا لكم. ولن تضطروا لن تتسولوا هذا الاحترام.
ستنهض من أجل الانتصار لك والانتقام لاغتيالك، أجيال لم تكن قد ولدت بعد، أيها الزعيم المعلم، الذي استفرد خذلانًا وتقاعسًا وبلادة، ممن كنت تظن أنهم “جميعا” جنود فدائيون.
“كتب هذا المقال سنة 2020”
Ts