خالد معماري

كثر الحديث في الآونة الأخيرة عن المتحور الجديد لفيروس كورونا (أوميكرون)، الذي يشهد انتشارًا سريعًا حول العالم، وقد اعتبرت منظمة الصحة العالمية أنه مثير للقلق، وطالبت جميع الدول، باتخاذ المزيد من الإجراءات، من أجل مواجهته. وفي المقابل أصدرت المفوضية الأوروبية توصيات بضرورة وقف الرحلات إلى جميع الدول التي يظهر بها (أوميكرون).

ولمزيد من المعلومات عن المتحور الجديد (أوميكرون)، وعن حالة الهلع التي سادت دول العالم، أجرت مجلة (الفينيق) حوارًا مع الدكتور بسام زوان، عضو الكلية الملكية البريطانية للجراحين، والباحث في وباء كورونا، الذي أكد قائلاً:

“متحور كورونا الجديد (أوميكرون)، حسب الدراسات، لا يستحق كل هذا الهلع حتى الآن. فالحقائق العلمية التي نمتلكها تؤكد أن هذا المتغير يمتلك 50 طفرة جديدة في تكوينه، 32 طفرة منها على البروتين الشوكي. وتوقعات العلماء، تشير إلى أن هذه الطفرات قد تغير من سلوك الفيروس، فقد يصبح أكثر انتشارًا، أو يَهرب من اللقاحات، وهذا ما لمسناه في بريطانيا، فالفيروس ينتشر، ويتضاعف بشكل يومي، حيث وصل عدد الإصابات اليومية المسجلة إلى 586 إصابة، وقد لاحظنا أن منظمة الصحة العالمية، وعلى غير عادتها، اعتبرت متحور كورونا الجديد (أوميكرون) مثيرًا للقلق، أي أنها تخطت مرحلة اعتباره مثيرًا للاهتمام، قبل أن يتم دراسته وتقييمه. يبدو أن خوف العلماء في منظمة الصحة، أدى بهم إلى الاستعجال في إصدار النتائج، وكل ذلك لا يستدعي حالة الهلع التي أصابات العالم، والانهيارات الاقتصادية التي حصلت. المتغير الجديد (أوميكرون)، انتشر في 52 دولة حول العالم حتى الآن، ويتوقع أن يحل سريعًا محل المتغير (دلتا)، كما يحدث الآن في جنوب أفريقيا.”

• أما عن قدرة اللقاحات المتوفرة على مقاومة المتحور الجديد، قال الدكتور زوان:

“ظهور المتحور الجديد (أوميكرون)، لا يعني عدم فائدة اللقاحات، أو عدم جدواها، فحتى في جنوب أفريقيا، أعلن وزير الصحة فيها، أن 80% من المصابين بالمتحور الجديد، هم من غير الملقحين، وهو ما يثبت فعّالية اللقاحات، إلا أن هنالك دول لم تتجاوز نسبة التلقيح فيها 5%، الأمر الذي سيؤدي إلى ازدياد أعداد الإصابات، وتمكين الفيروس من تشكيل متحورات جديدة بصورة أسرع، وهو ما يبرر تصريحات منظمة الصحة العالمية عندما قالت إن الدول الغنية التي لقّحت شعوبها، وخزّنت اللقاحات بأعداد كبيرة، لن تكون بمأمن، إذا لم تُلقح الدول الفقيرة شعوبها”.

وأضاف الدكتور زوان:

“متحور (أوميكرون)، رغم طفراته الكثيرة، إلا أنه، حسب الدراسات والأبحاث، ليس أشد إمراضًا من المتغيرات السابقة، فعلى الرغم من تزايد أعداد الإصابات في بريطانيا مثلاً، نجد أنه لم يتم تسجيل أي حالة وفاة ناتجة عن (أوميكرون)، ولم تدخل أي حالة إصابة به إلى العناية المشددة، كما نُشرت اليوم، دراسة جديدة من جنوب أفريقيا، حول تأثير لقاح (فايزر) على (أوميكرون)، أكدت أن اللقاح لايزال فعالاً، على الرغم من انخفاض نسبة الفعالية، وأن الجرعة المعززة، تشكل حماية تامة ضد الإصابات المميتة، أو الشديدة، وهناك تصريح لمدير معهد (جماليا) المصنع للقاح الروسي (سبوتنك)، يؤكد بأن اللقاح الروسي، مع الجرعة المعززة، قادر على الحماية من المتغير (أوميكرون)، وأيضًا أوصت منظمة الصحة العالمية، بمتابعة التلقيح، لأن اللقاحات مازالت فعالة حتى ضد المتغير الجديد. أما عن تصريحات منظمة الصحة الأخيرة التي أعلنت خلالها عدم إلزامية اللقاح، فمن الناحية القانونية والأخلاقية، لا يحق إلزام المجتمع بأخذ لقاح تم ترخيصه بشكل طارئ، فاللقاحات تحتاج إلى دراسة لعدة سنوات، حتى تصل إلى مرحلة الترخيص الدائم، واعتبارها آمنة على المدى الطويل، وحينها يمكن اتخاذ القرار بإجبار الجميع على تلقيها، وقد اعتمدت منظمة الصحة العالمية على هذا المبدأ، ولم تقل إن اللقاحات غير مفيدة، فعلى الرغم من أنها لا تقي من الإصابة، إلا أن جميع الدراسات، أثبتت قدرة اللقاحات في الحماية من الإصابة الشديدة والموت.”

• وعن مستقبل اللقاحات، وصراع البشرية مع الوباء الجديد، قال الدكتور زوان:

“بدأت الدراسات والأبحاث على فيروس كورونا منذ عامين فقط، وهي مدة قصيرة نسبيًا، حيث إن النتائج ما تزال تظهر أمام العلماء، ونحتاج الكثير من الوقت لتبيان الحقائق كاملة، وهذا الأمر ينطبق أيضًا على اللقاحات، ومدة فعاليتها، ففي دراسة نشرت مؤخرًا عن (المناعة الهجينة)، أي إعطاء اللقاح بعد الشفاء من الإصابة بفيروس كورونا بشهر، إلى ثلاثة أشهر، وجد العلماء خلالها، أن الأضداد ترتفع بنسبة ألف ضعف، في أجسام الملقحين، كما وجدت الدراسة أن إعطاء الجرعة الثالثة لجميع الملقحين بجرعتين، ترفع نسبة المناعة لديهم بأضعاف. بينما وجدت دراسة ثانية أن خلط اللقاحات في الجرعات، أي إعطاء جرعة أولى من لقاح (أسترازينيكا) مثلاً، والجرعة الثانية من لقاح (فايزر)، قد أعطت نتائج أفضل بكثير من إعطاء جرعتين للقاح واحد، حتى إنها تحمي من الإصابة كلياً، بنسبة تتراوح بين 70%، حسب الدراسة السويدية، إلى 88%، حسب دراسة دانمارك، وتلك النتائج، أكدت عليها دراسة بريطانية مشابهة، واستنادًا على نتائجها، تم إعطاء جميع الملقحين في بريطانيا بجرعة أولى من لقاح (أسترازينيكا)، الجرعة ثانية من لقاح (فايزر)، كما أن جامعة (أكسفورد) تقوم بإجراء دراسة جديدة، تبحث في نتائج الخلط بين لقاح (أسترازينيكا)، واللقاح الروسي (سبوتنيك V).

أما عن علاج مصابي فيروس كورونا ببلازما المتعافين، فقد وجدت الدراسات أن الأضداد التي تولدها أجسام المتعافين من كورونا، غير كافية لحماية المصابين، وقد أوصت منظمة الصحة العالمية مؤخرًا بعدم استخدام تلك التقنية في العلاج، لكن في المقابل هناك علاجات حديثة، تم ترخيص بعضها، وينتظر بعضها الآخر إجراءات الترخيص، وتلك العلاجات قادرة على الحماية من الإصابات الخطرة والمميتة بنسبة ٨٠-٩٠٪؜، تعطى بشكل خاص لأصحاب الأمراض المزمنة، والحالات الخطرة.”