LOADING

Type to search

الخسارة في الأجيال القادمة!

غير مصنف مقالات موضوع العدد

الخسارة في الأجيال القادمة!

د. زهير جبور
Share

أضعُ هذا المنشور أمام ناظريكم مرّة أخرى، لأنّ النَّزفَ مفتوحٌ بلا توقُّف!

أفكار ساخنة على صفائح البرودة واللامسؤولية وعدم التنبّه للخطر!

تنبّهوا، فالخسائر في الأجيال القادمة، تفوق ما خسرته سوريا في كلّ حروبها (واعذروني على الإطالة.. وإنما!)

وأنا أسمع مسؤولينا في التعليم العالي والتربية ومعالجاتهم للكارثة (التي لا يشعرون بها لأنّ كراسيهم لم تهتزّ بعد!).. الكارثة التي تهدّد التربية والتعليم وكل ما يمت للمعرفة والعلم والثقافة عموماً في سوريا.

 الكارثة التي تهدد مستقبل سوريا لعقودٍ قادمة (وربما سيتذكّر هذه الكلمات أحفادنا) وأنا أسمعهم تنتابني أمواج من الضحك المرير (وهو ضحك كالبكا بلغة المتنبي )، لأن هكذا عقول ورؤى وأساليب تقودنا إلى هاوية سحيقة جداً!!

ربما تستغربون وبعضكم ستنتابه الهبّةُ الوطنية مستنكراً ما أكتبه.. لابأس، فلا أهمية لأية أثمان يدفعها الواحد منّا، مادامت الغاية إيقاف الانهيار في مؤسساتنا التعليمية بالمعنى الحرفي للكلمة!

لم نصل طيلة أربعة عقود، إلى هذا المستوى الكارثي من الأداء عند طلبتنا سواء بالمستوى اللغوي الذي بلغوه في التعبير عما حفظوه أو تلقَّنوه، ولا بالمستوى التحليلي للمعارف والمعلومات التي يبعثرونها خبط عشواء في كل الاتجاهات، دون هَديٍ معرفي ولا محاكمة منطقية، والمؤسف أنَّ بعضهم حاز علامات شبه تامة في امتحانات الثانوية!!

أيها المسؤولون عن التربية والتعليم العالي في سوريا.. يا أصحاب القرار.. إذا بقي لديكم ثمّة قرار.. كفّوا عن الجدل البيزنطي، وكل أشكال هدر الوقت في لغو وهذر لا يجديان نفعاً بعد اليوم، وتعالوا إلى كلمة سواء بيننا، اليوم قبل الغد، فما نشهده كارثيٌّ، ومن يجمّل الوقائع يزرع ألغاماً مزمنة ستنفجر في وجوهنا يوم نحسبُ أن الأمور بخير!!

فلا جدوى من مناقشة المناهج لوحدها، دون الكوادر التي ستدرّس هذه المناهج!!

لا جدوى من تطوير الكوادر، دون منحهم رواتب تليق بوجودهم وحياتهم وكرامتهم!!

لا جدوى من الحديث عن تطوير التعليم العالي، دون البدء بتطوير التعليم الأساسي في مدارسنا!!

لا جدوى من الحديث عن تطوير التعليم المدرسي، دون تحفيز عودة الطالب السوري بفرحٍ إلى مدرسته، وعودة المعلم السوري مرفوع الرأس، وليس مكسور الكرامة، وهو يتواطأ مع طلابه للدخول في مهانةِ الساعات الخصوصية!!

لا جدوى من مناقشة السنة التحضيرية للكليات الطبية في الجامعات السورية دون الحديث عن أسس القبول الجامعي بشكل كامل وشامل في الاختصاصات كلّها!!

لا جدوى من مناقشة الاختصاصات إلاّ وفق الحاجة الحقيقية للمجتمع السوري ومتطلباته التنموية!!

ولا جدوى من مناقشة متطلباته التنموية الحقيقية، إلاّ بترسيخ وتبييء وتوطين العلوم الإنسانية، وإيلائها أهمية كبرى وخاصة علوم الاجتماع والفلسفة والنفس والآداب.. وهي تتعرّض لإهمال كبير يتجلّى في المستوى الرّث والضَّحل للذهنيات التي تقود وزاراتنا ومؤسساتنا بذهنية الموظفين الصغار، الذين يفتقرون إلى الرؤى البعيدة المدى والتفكير الخلاّق  القادر على رؤية اللوحة بكليتها وبتفاصيلها الدقيقة!!

لا جدوى من مناقشة مفهوم التعليم العام والخاص، ولا الفروق بين الجامعات الحكومية والخاصة، وإنما مناقشة الجدوى والأهداف والغايات من هذه المؤسسات، وأيها أفضل أداء وفق أي نهج قياسي أو منظومة أداء، والعمل دون تردُّد على إقفال وإغلاق أية مؤسسة تعليمية حكومية أو خاصة تحوّلت إلى عبء يثقل كاهل المواطن السوري!!

ولا جدوى من كل ما كتبته، ومن كل ما كتبه الآخرون، إذا لم تتحوّل هذه الأفكار وبعد التداول والحوار والتنقيح والتصويب إلى برنامج عمل يحكمه التطلّع إلى بناء سوريا الجديدة، بعيداً عن كل أنانية أو غرضية نفعية عاجزة وقاصرة! وبعيداً عن كل مهاترات الماضي… امتلكوا ياسادة الشجاعة – ولو لمرة واحدة- وأعطوا الخبز لخبّازه، وليس لمن يريد تهريب الطحين، أو لمن يستخدم خميرة فاسدة، أو لمن يلعب بالمكاييل!!

فأزمتنا في التعليم في سوريا بنيوية وعميقة!!

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.