LOADING

Type to search

الخراب في السياسة.. والكارثة في الاقتصاد!

الوطن السوري موضوع العدد

الخراب في السياسة.. والكارثة في الاقتصاد!

الفينيق
Share

رغم إلغاء المادة الثامنة من الدستور السوري التي تقول إن حزب البعث العربي الاشتراكي هو الحزب القائد، إلا أن ذلك بقي حبراً على ورق! ففي التعديلات الدستورية التي جرت عام 2012، أصبحت المادة الثامنة تقول: “النظام السياسي للدولة يقوم على مبدأ التعددية السياسية وتتم ممارسة السلطة ديمقراطيا عبر الاقتراع”، لكن على صعيد قيادة المؤسسات والنقابات وأعضاء مجلس الشعب، بقي البعث هو المتحكم وصاحب الأغلبية في مجلس النواب، وقد يقول قائل إن عدم حصول التطبيق الحقيقي لتعديل هذه المادة على الأرض، يعود إلى تصاعد الأحداث ونشوب الحرب ضد سوريا، الأمر الذي استدعى التريث باعتماد تغييرات قد يكون لها تداعيات سلبية. لكن في المقابل، فإن الأداء الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، شهد تراجعاً كبيراً بغض النظر عمن يجلس في سدة السلطة ويمتلك صلاحية اتخاذ القرارات. فقد تفاقم الفقر وتمت خصخصة الكثير من مؤسسات القطاع العام وانخفض الدخل بشكل كبير وتراجعت الليرة، ولم يكن هناك أية خطة ناجحة لمواجهة الانهيار الحاصل، وبالتالي فمن الطبيعي أن يتم سؤال الإدارات عن سبب فشلها حتى اللحظة في التغلب على الظروف وإيجاد الحلول.

يقول خبراء الاقتصاد إن المشكلة الاقتصادية مرتبطة بالسياسة، فرجل الاقتصاد المسؤول لا يمكنه اتخاذ قرارات أو إحداث تغييرات في الاستراتيجيا العامة، بمعزل عن القرار السياسي، وبالتالي يبدو الاقتصادي مجرد موظف عند السياسي، ولابد من معالجة القضية عند الساسة قبل تحميل الاقتصاديين تبعات ما يجري! هذا الأمر صحيح بالمقياس الاستراتيجي العام، لكن على صعيد انهيار المعامل وخسارة المؤسسات الاقتصادية وإفلاسها، يرتبط بالإدارات المحلية المغرقة بالفساد بلا محاسبة.

من الناحية الاستراتيجية، يتحمل القرار السياسي تبعات البانوراما العامة للانهيار، لأن المواجهة تتم بلا استراتيجيا محددة وواضحة ولا يتم التركيز على دعم الانتاج الزراعي والصناعي بشكل كاف، ولا يتم إطلاق يد وسائل الإعلام في مكافحة الفساد وكشفه. منذ أيام قامت الشاحنة التابعة لمؤسسة التجارة الداخلية بنقل عدة أطنان من السكر إلى فرع حمص، وتم تفريغ الكمية، لكن اكتُشف بعدها أن الأكياس كانت معبأة بالملح وليس السكر! وقد لاذ السائق بالفرار بعد افتضاح الأمر. ما هو المبرر لخسارة المؤسسة العامة للمباقر مثلاً أو ضعف انتاجها، وهي المؤسسة التي يمكن أن تلعب دوراً كبيراً في الأمن الغذائي؟

من الأسئلة الهامة التي يطرحها الجميع، يتعلق بوجود سوق سوداء دائماً لكل شيء! وغالباً ما تمر السلعة بمرحلة الفقدان من السوق ثم التوفر بسعر أعلى في السوق السوداء ومن ثم تقوم الحكومة برفع سعرها، وهذا الأمر ينطبق على المحروقات بشكل خاص! فإذا كان هذا الأمر يتم بناء على خطة تتبعها الحكومة كي تمهد الطريق لرفع الأسعار برضا المستهلكين الذين يريدون التخلص من المعاناة في البحث عن المواد، فإن ذلك يعتبر بؤس التصرف لأن التهكم العام على مواقع التواصل الاجتماعي يؤكد أن الناس تعرف تماماً ما يجري وتدرك خبايا الأمور على عكس ما تتخيل الحكومة.

نقلتنا الحكومات المتعاقبة من بؤس الاقتصاد الاشتراكي إلى وحشية الاقتصاد الرأسمالي إلى التهجين بين الاقتصادين، ولم تحدّث القوانين بشكل يضمن تطور القطاع الخاص وزيادة انتاجه لصيانة مصلحة الدولة، بل بقيت الثغرات كثيرة على صعيد النصوص القانونية فكبر الفساد وشبكات التهريب والتهرب الضريبي وتم افقار القطاع العام من أجل إفساح المجال لعمليات الاستيراد التي يقوم بها القطاع الخاص! وعندما قامت الحكومة بتوقيع اتفاقيات اقتصادية مع تركيا قبل الحرب وصل عددها إلى أربعين اتفاقية، لم يضعوا فيها مصلحة الاقتصاد السوري كأولوية، فخسرت الصناعات السورية الكثير بسبب اكتساح البضائع التركية ولم تتم محاسبة القائمين على هذا الأمر مع أنه يعتبر جريمة بحق الوطن.

الخراب في السياسة أم الكارثة في الاقتصاد؟ السؤال مركب ومعقد، لكن من المتفق عليه أن الجانبين مرتبطان ببعضهما ولا يمكن تطور جانب بمعزل عن الآخر، فالوزير يقول إنه موظف لا يملك ناصية القرار الاستراتيجي، وفي حين يتدخل حزب البعث بمفاصل المؤسسات وتعيين المديرين تبعاً لحسابات سياسية لا تتعلق بالخبرات والمؤهلات والأخلاقيات. الانهيار يبقى قائماً ومستمراً لا يمكن تداركه، وإلا كانوا أفسحوا المجال لوسائل الإعلام كي تكشف عمليات الفساد ولم يقوموا بإصدار القوانين التي من شأنها الحد من حرية الصحفيين ومعاقبتهم بشكل قاسٍ إذا ما تجاوزوا الخطوط المرسومة.

الواضح أن الحكومة ذاهبة باتجاه رفع الدعم عن جميع المواد الاستهلاكية على مراحل، لكنها للأسف لا تعمل على إيجاد البديل الذي يستطيع رفع الدخل ليستطيع المواطن مجاراة الأسعار المرتفعة في السوق السورية أكثر من الأسواق العالمية! المواطن السوري يدفع أعلى مستوى من الضرائب، ويحصل على أقل مردود من الرواتب، وفي الوقت نفسه لا تقدم له أية خدمات من الحكومة! فهل يستطيع أحد حل تلك الأحجية؟

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.