LOADING

Type to search

إذا لم يتحسن الاقتصاد.. اصمتوا!

الوطن السوري موضوع العدد

إذا لم يتحسن الاقتصاد.. اصمتوا!

الفينيق
Share

ينظر السوريون بيأس إلى المستقبل. رغم الحركة العربية النشطة تجاه دمشق، والتعاطف الذي حصدوه بعد الزلزال، بغض النظر عن درجته وأثره. فالتجارب التاريخية التي مروا بها تقول إن أي شيء لا ينعكس على الوضع المعيشي والخدماتي في البلد، يبقى مجرد أوهام لا يمكن التعويل عليها، حتى لو جاء ممثلو جميع الدول العربية إلى سوريا وأمضوا أوقاتهم فيها بشكل دائم، فهم يريدون الكهرباء والماء والخبز وارتفاع الدخل بما يوازي ارتفاع الأسعار، وكل ما هو دون ذلك يأتي في إطار الأوهام والعلاقات السياسية التي لا تشبع بطناً ولا توفر تأميناً صحياً كما أنها لا تشعل لمبة كهرباء!

حان وقت الحلول الجذرية في سوريا، فالمواطن الذي لا يتعدى دخله عشرين دولاراً في الشهر، لم يعد يؤخذ بالكلام بل يريد أفعالاً تغير هذا الواقع أو على الأقل تضعه على سكة التغيير، سواء جاءت بطريقة الانفتاح العربية أو رفع العقوبات الدولية أو تقديم المساعدات العاجلة، فالشعب السوري يريد أن يلتقط الأنفاس، وهو يستحق، بعد هذه المعاناة الطويلة، ولهذا لن يؤخذ بالتصريحات والوعود والاستعراضات إذا لم تنعكس على واقع الحال اليومي عند الشعب. ولأن الناس حفظوا المعادلة وأصبحوا محللين سياسيين من كثرة الإدمان على نشرات الأخبار، فهم يقولون عند أي حدث: إذا لم يتحسن الاقتصاد.. اصمتوا!

فكرة تغيير قناعات الشعوب عبر الحصار والتجويع، ليست جديدة، فقد فعلتها الولايات المتحدة في الكثير من دول العالم التي اعتبرتها خطرا على السياسة الأميركية. صحيح أن هذه السياسة لم تنجح بالشكل المطلوب في إحداث انقلابات داخل وعي الناس، لكنها في الوقت نفسه، أكدت الأفعال هي المقياس عند الشعب وليس الكلام والوعود التي لن تتحقق في المستقبل القريب أو البعيد.

المشكلة الجوهرية أن الإدارات ليست صريحة وشفافة مع الشعب، لهذا تنتشر الإشاعات والتأويلات للمساعدات الدولية وحجمها ومصيرها، كما تنتشر التخمينات حول المبادرات التي يجري طبخها من وراء الكواليس، لكنها تتضح عبر الحركة الدبلوماسية النشطة تجاه دمشق. ولو أن هناك ناطقاً رسمياً يطل بشكل يومي على الشاشة ليخبر الناس بواقع الحال والتطورات التي تجري، ضمن ما يسمح به العمل السياسي والاقتصادي ولا نعني بذلك فضح الأسرار. فالناس يريدون أن يعرفوا إلى أين يسيرون، وما هي الاحتمالات المنتظرة، وكم عليهم احتمال هذه الظروف الصعبة التي تداهمهم، هل هو الوقت عشر سنين أم خمسة أو بضعة أشهر؟ فالشعب لم يعد يبني الآمال في الفراغ، وقد بات يعتمد مقياساً واحداً للحكم على أي شيء، وهذا المقياس هو الاقتصاد.

حسّنوا الوضع الاقتصادي ثم توجهوا للناس كي تشرحوا وجهات نظركم، فالتجربة تقول إن الإدارات الاقتصادية تورطت بالكذب والوعود العشوائية ولم تفعل شيئاً حقيقياً على الأرض. وفيما يخص الشعارات الكبيرة التي يتم رفعها مثل تحرير فلسطين والمقاومة، فهي لم تعد تكفي لتبرير حالة الفقر التي يعيشها الناس الذين يطلبون من الإدارات أن تنجح في توفير لقمة الخبز طالما لم تتمكن من تأمين الانتصارات الموعودة. هكذا يبدو تحميل الجائعين أكثر من طاقتهم، مضحكاً في هذا الوقت، فالناس جربت وطبخت وعجنت كل التيارات والأحزاب وإدارات الدولة، ولم تعد تقتنع إلا بالفعل والانجاز على الأرض.

في حالة السوريين، الوضع الاقتصادي هو الأساس وهو المعيار. وإذا كانت أمريكا تطمح لإجراء تغييرات في وعي الناس، يجب ألا نساعدها على فعل ذلك، عبر الشفافية والتواصل معهم عبر ناطق رسمي يخبرهم ما يجري على الأرض وما هو منتظر أو قيد التخطيط.

إذا لم يتحسن الوضع الاقتصادي في سوريا، ولم يعش الناس في الحد المطلوب للكرامة البشرية، لن يتحقق شعار ولن يسمع الناس إلى أي تنظير سمعوه آلاف المرات خلال تاريخهم ولم يتحقق منه شيئاً للأسف.

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.