LOADING

Type to search

عقيدة الحياة الجديدة.. صراع

موضوع العدد هذرمة

عقيدة الحياة الجديدة.. صراع

غين عين
Share

كثر في الآونة الاخيرة تناول مسألة الحزب السوري القومي الاجتماعي في وسائل الاعلام، حتى إنه يكاد أن يكون الحزب الوحيد في هذه المنطقة التي يتم التداول بقضيته كتنظيم وفكر. هذا الاهتمام إن دل على شيء فإنه يدل على مدى القحط التي تعيشه المنطقة كما الجوار.

كلنا يعلم ان ما بعد سايكس بيكو ليس كما قبله، فتركة الرجل المريض وزعت بين المنتدبين بحيث قبض الانكليز على منابع النفط والفرنسيون كونهم هادنوا النازية أخذوا لبنان وسورية كجائزة ترضية، مع عدم إغفال زرع الكيان الغاصب في فلسطين إن بوعد بلفور أو لاحقا بإعلان دولة الاغتصاب.

انطلاقاً مما ذكر، يمكن الدخول إلى تناول تأسيس انطون سعاده للحزب السوري القومي الاجتماعي. إن العقيدة التي حاول إرساءها بين شعبه ومريديه، لم تكن متداولة من قبل. فأن تتكلم بأمة دون زج الدين بين ثنايا الفكرة، شيء مستهجن لدى أهل البلاد. وهم الذي عاشوا مئات القرون في ظل الايدلوجيات الدينية بين يهودية ومسيحية ولاحقا محمدية. ورغم أن الفكرة لم تنبذ الدين من حيث كونه علاقة عامودية بين الانسان وخالقه، فقد واجهت حرباً شعواء من قبل رجال الدين على مختلف منابتهم. ولم تكف محاولة سعاده زعيم الحزب بتصويب المسائل في رده على رشيد سليم الخوري حول طبيعة الاديان في كونها إرثاً ثقافياً روحياً له في صدور أهل سورية على مختلف توزعهم الاثني والعرقي والجغرافي مكانته الخاصة. ولتظهير الفكرة أكثر حول صعوبة عدم الزج بالدين في أية مسألة، يكفي ان نتذكر ما يروى عن قول أنيس فريحة لسعاده حول استحالة جمع اربعة او خمسة افراد من ديانات ومذاهب مختلفة. فهل استطاع انطون سعاده فعل ذلك الأمر؟ الإجابة لكم.

بعد الدين نأتي إلى الصراع الذي بدأت معالمه تتكشف إثر سقوط السلطنة في استنبول، بتفتيت الامة تمهيدًا لوضع اليد على مواردها وإلهائها بالنازحين اليهود الهاربين من ديمقراطية الغرب وحنانه الكنسي بعد قرون من الاضطهاد، توج بما يقال له المحرقة النازية. قام سعاده بزج تنظيمه الجنيني بذلك الصراع منذ اللحظة الاولى لوعيه له، بخلاف سائر العقائد التي ظهرت في حينه، هذا الوعي جعل الغرب يرج الوعاء كما في حالة تجربة النمل الاحمر والاسود، ولمن لا يعرف التجربة قام احد العلماء بوضع قبيلتي نمل مختلفتي الالوان في وعاء وكانت الامور تسير بينهم على ما يرام، إلى أن قام برج الوعاء ليبدأ قتال ضروس بينهما بحيث اعتبر كل منهم انه مستهدف من الاخر. رجّ الوعاء من قبل الغرب أودى بنا الى حروب الداخل لا سيما بعد اعلان الدويلات أو ما سمي بإمارات وجمهوريات.. الخ. وذلك بعد فشله في إقامتها على أساس عرقي كما حال الاكراد، أو مذهبي: دروز، علويين.. أو ديني الخ.

ماذا كان رد سعاده؟ لم يرفض الاوضاع الجديدة وإن كان قد ندد بها، من حيث كونها عملية تفتيت وتجزئة، بل حاول من خلالها، إن بدمشق أو بيروت أو فلسطين أن يحشد الطاقات أولاً للتصدي لهجرة اليهود. ثانياً لتوعية الكيانات الحديثة العهد بوحدانية المعركة لإفشال ما يحاك لهم في الأروقة الدولية ومواقع الرجعة في البلاد وعلى الأطراف، كالخطر الوهابي أو الصفوي والتركي.

ولإعطاء جدية للصراع، طالب من أعضاء حزبه النزول الى ساحاته منذ اللحظة الاولى في فلسطين. وقد توج الاعضاء قتالهم بإطلاق ما سمي بالأجساد المتفجرة، عندما تصدوا للاحتلال الصهيوني للبنان، وما تعيشه الأمة اليوم من حالة مقاومة يرجع الفضل الأكبر فيه، لذاك الوعي المبكر الذي قرع نفيره سعاده منذ بداية عمله العام. فهل استطاع حزب سعاده قرن القول بالعمل؟ أيضاً الجواب لكم.

 نأتي لعملية تناول الحزب، التي كما قلنا، لا تمضي فترة، إلا ويتم الاضاءة على عقيدته وما يجري بداخله. هنا علينا التمييز بين من يتداول بالموضوع من غيرته عليه ومن يتناوله غيرة منه. فالذين يغارون عليه، وهم قلة، يحاولون الدفع باتجاه تنشيطه بعدما أعيتهم الخيارات بين المذاهب والاقطاع السياسي وحكام لا يأبهون إلا بالسلطة ومنافعها، حتى لو لبسوا لبوس الحداثة، أما الذين يغيرون منه وهم في تنظيمات أخرى أو يحملون عقيدة مغايرة، فما عليهم الا مراجعة ما هم به. فالعروبيون مثلا أقاموا أنظمة في دول لها مكانتها ولم يصلوا لنتيجة تذكر فما عليك إلا ان تسأل العربي في المغرب أو مصر أو سورية أو.. أو.. ما هو موقفه من دولة الجوار؟ طبعاً الكيان الغاصب ليس ولن يصبح جاراً.

والاسلاميون منهم، حدث ولا حرج، فبين تورا بورا وأكل أكباد عناصر الجيش السوري دون رفة جفن من مراجعهم الدينية والعقدية، تعرف ما هم عليه. أما أهل اليسار، ولنا بينهم أصدقاء كثر، فهم بحالهم غارقين خصوصاً بعد أفول المركز في موسكو، وبدل أن يراجعوا مسيرتهم برمتها، قاموا بالتوزع بين العروبي والاسلامي ووصل البعض منهم لطرق أبواب واشنطن!

لن نتناول أهل الانعزال، بمختلف مشاربهم، فهؤلاء بالأساس فيروسات للعبث بكل ما هو تقدمي. فلا يفقهون بالدين إن كانوا متدينين، وليس لديهم عقيدة واضحة المعالم تستحق الجدال. جلّ همهم أن يعيشوا حتى بظل كافور الاخشيدي فيما لو أقر لهم بالأمان معتقدين أنهم بذلك يحفظون النوع.

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

1 Comment

  1. Avatar
    فادي خوري 18 أكتوبر، 2022

    لو قدر لنا أن نسأل سعاده وهو على قيد الحياة “هل أنت الآن تحاول إرساء عقيدة ما بين شعبك ومريديه؟” لكان جوابه حاسمًا ولا يقبل الشك “أنا لا أحاول. أنا أفعل وأؤمن بأن فلاحي مضمون”. لماذا اذن استعمل الكاتب هذه العبارة.؟” إن العقيدة التي حاول إرساءها بين شعبه ومريديه، لم تكن متداولة من قبل”.
    ثم يعيد الهفوة ذاتها حين يقول “ولم تكف محاولة سعاده زعيم الحزب بتصويب المسائل في رده على رشيد سليم الخوري”. سعاده لم يحاول تصويب الخوري، بل صوّبه.

    رد

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.