LOADING

Type to search

اللغة الخشبية!

موضوع العدد يوميات مسخمط

اللغة الخشبية!

مي هديب
Share

إذن، علينا أن نبرر من الآن وصاعدًا، لماذا نقف قبالة خطاب التعايش والحدود المجزوءة والمرحلية بعداء. فلهذا الخطاب جمهور يحميه وفق مصالح الفرد، لا وفق مصالح الأمة. ستظهر هذه الجملة كنشاز مستتر بالخطابات الخشبية كما توصف، لكن، لنعرض الخشبية التي نملكها على الملأ، فهي على الأقل تستحق أن تعرض حتى لو وصفت بالخشبية.

ملاحظة في السياق: واحد من الذين أوغلو في السباب والاتهام ينسى قرمة أهله ماهي، وينسى كيف نصب رشاشًا على بيت جده كي يقتل أهله، لا ليدافع عن أهله، فهو رآهم كعبيد، ومازال يقف نفس الموقف في تحليله لمن عادوا رشاش قصره العميل.

“علينا أن نبرر من الآن وصاعدًا، لماذا نقف بعداء قبالة

خطاب التعايش والحدود المجزوءة والمرحلية؟”

المشكلة في كوننا فلسطينيين، في الخارج وفي الداخل وفي أي مكان كنا لنكون فيه. حارتنا ضيقة إلى أبعد الحدود، وإلى سابع جد، فنعرف القرميات جيدًا، ونعرف المآلات بالسنتيمتر. وهذا خطاب مزعج، وسيزعج كثيرًا، بحيث أن أحدًا سيخرج علينا ليقول: لا تزر وازرة وزر أخرى. على أن الأخرى لم تعتذر ولو لمرة عن وزر الأولى، فهي بذاتها اعتبرت، ومازالت تعتبر، ألا دخل لها، بخطيئة الجد، وجرمه الذي اقترف بحق تاريخنا.

لنخرج من الملاحظة وما تبعها من هامش طويل جدًا.

كتبت بشيء من الانفعالية، أننا نقفز عن المصطلحات وكأننا في سباق القفز عن الحواجز. دون الإيغال في التحليل والتدقيق وفهم المابعد الذي يحمله هذا المصطلح أيًا كان شكله. يقول أحدهم: لعبة وعلينا أن نلعبها جيدًا. ولكنه ينسى في ظل هذه اللعبة أن الأمر كلف دماء أبناء أمتنا جمعاء. فهو لا ينظر، صاحب اللعب، بأن العراقي الذي أريق دمه في سنين طويلة، كانت مقدمة إراقة دمه بإعلان ” إسرائيل دولة يهودية” وهو لا يرى بأن الشهيد البطل معمر القذافي قد قتل بِغُلٍّ، لأنه خلع السفارات الصهيونية من أفريقيا. هو لا يرى دماء اليمني الذي يهتف بصرخة جعلت السفارة الأمريكية تخاطب المأفون علي عبد الله صالح باعتقال أصحابها، وحركت دول الخليج لتشكل تحالف العدوان على اليمن ردًا على صرخة صدحت في عام 2003، المــوت لأمريكا.. المــوت لإسرائيل… اللعنة على اليــــهود.

“أمريكا حركت دول الخليج لتشكل تحالف العدوان على اليمن

ردًا على صرخة: الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل.. اللعنة على اليهود”

نعم هو لا يرى هذا كله، ولا يرى شيئاً سوى فتاة تقوم بالصراخ في وجه جندي ” إطلع من أرضي” إلى أين ليس مهمًا، كم منظمة تدخلت في حياتها، هذا أمر ليس في حسبانه، فرباط حذاء البنت أهم بكثير من كل الصورة الشاملة، من فقر المصري، ومن خراب ليبيا، ومن كارثة العراق، ومن مأساة اليمن، ومن الصفعات على وجه اللبناني، ومن دوخة رأس الأردني، ومن هول الحرب على سوريا، هو لا يرى ذلك، ولن يراه، فالبنت رباط حذائها أهم من كل الأمة، وجده ورشاشه وقصره العميل ليس حسبة تحسب،

علينا أن نبرر للحفيد العتيد، أن دماء الناس وحيواتهم، وكراماتهم، وحرماتهم، مسألة يغض الطرف عنها حين نتبختر في أروقة الأمم المتحدة. بالمناسبة الأمم المتحدة قبلة البنتان اللتان رباط حذائهما أهم من كل ما ذكر. فالأمم المتحدة مسلك قدم به رفاق “ركاح” سابقًا، والنقاط العشر لاحقًا، والمرحلية حاليًا، وفي المنطق هذا صائب عريقات مناضل رفيع المستوى، فما الفرق بين خطاب صائب عريقات ومنى الكرد وعهد التميمي؟

لا، نحن نخطئ في المساواة، فنحن مضطرون اليوم أن نبرر للحفيد وأمثاله ماذا يعني أن تتنازل ذهنيًا عن فكرة العدو لفكرة الاحتلال، وأن تتنازل ذهنيًا عن فكرة المقــاومة لفكرة التفاوض. فنحن رهن الأمم المتحدة، والقانون الدولي، و”الترند” الدولي كما يلزم الأمر.

نحن رهن اتهامنا بمطالبتنا التاريخية بالبقاء صوب الأمة باللغة الخشبية. فمازال هؤلاء يملكون من اللغة المهذبة شكليًا ما يظهرنا كمجرد عدائيين ( ييي علينا!! خليك رايق) فلا حاجة للانفعال تجاه هذا الخطاب، ولا مكان لقبول التخوين، منذ عام 1967 وهم يقولون لنا لا تخوّنوا، فالتخوين كارثة، حتى بلغوا بنا أوسلو، وقبلها كامب ديفيد، وبعدها وادي عربة، وما تقيّؤوا من اتفاق إبراهام وأخواته اللاحقات، لا تخوين في ذلك، فالأمر رهن الصوابية والواقعية والمرحلية وإنه نضال مفاوضات حتى النصر!

إنه نضال القانون الدولي حتى النصر، إنه نضال اللاعنف حتى النصر، وإنه نضال المؤتمرات حتى النصر، وإنه نضال المطلبيات حتى النصر. أما كل ماعداه، فهو لغة خشبية، قطاع يقطنه ما ينوف عن 2 مليون شخص هؤلاء ليسوا في الحسبان، أبناء السلاح الذين سلموا تسليم الأهالي للعدو ليسوا في الحسبان. تهديد المقــاومة بالتصفية من قبل محافظ جنين، ليس في الحسبان، ملايين اللاجئين في الخارج ليسوا في الحسبان، ولا يحق لابن لجوء منا أن يقول لمنى الكرد وعهد التميمي ” اخرسن” اخرسن فنحن أبناء قهر، وأبناء لجوء، وأبناء بركيات الوكالة، اخرسن فلنا شهداء في الداخل لو حدثنا عنهم لما كفانا التاريخ صفحات كتبه كلها لتلم قصصهم ووجعنا. اخرسن فلنا أسرى يلوكون صبر الدنيا كلها على أمل ما، اخرسن فالدولي والقانون الدولي وأروقة الأمم المتحدة تتاجر بنا يوميًا جهارًا نهارًا. وتسلمنا لأروقة أمنية تلعب فينا وفي مستقبلنا وفي خياراتنا. اخرسن فما تستظللن به باع كل شيء لنا، لا يحق لنا، نحن أبناء اللجوء، أبناء المخيمات، يأتي ابن صاحب الرشاش على قصره العميل، ليقول لنا رباط حذائهن أشرف منا جميعًا، وعلينا أن نبلع سد الحنك حتى يكمل مهمة صائب عريقات على أكمل وجه بحجاب وبدون، بتحويل الغضب إلى ابتسامة بلهاء ماسخة، لا يحق لنا أن نقول لهن اخرسن، فأنتنّ ولا أحد سواكن، أداة لعزمي بشارة وشركات النهب العابرة للقارات، لا يحق لنا، فالحق لهن فقط عبر الأمم المتحدة والقانون الدولي والنضال اللاعنفي والتعايش والتعامل حتى النصر، أما بقيتنا فيلعن أبونا بكندرة لصالح عدم القول اخرسن.

يرجى لكل من يقول لنا “لا تخونوا” مغادرة صفحتي بسلام يعطيه اعتباره الذي يبحث عنه”

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.