LOADING

Type to search

القوة وألغازها في الهلال الخصيب.. من الدولة الفاشلة إلى المفتتة.. سوريا نموذجاً 1

موضوع العدد

القوة وألغازها في الهلال الخصيب.. من الدولة الفاشلة إلى المفتتة.. سوريا نموذجاً 1

Avatar
Share

أثناء تنافس وصراع مدن الهلال الخصيب واستخدامها القوة من أجل بناء دولة واحدة، استطاعت لحظتان فقط بناء هذه الدولة الواحدة بالقوة، ولكن بخلفية مشروع حضاري ذاتي. كانت الأولى مع الإمبراطورية الأكدية وملكها شروكين الذي تخلص من فكرة المدينة الدولة، والثانية مع الإمبراطورية البابلية الأولى التي حكمها حمورابي، ومحاولته تكريس قانون مكتوب يحكم الجميع. نعم، استخدمت الإمبراطورية الآشورية القوة الحربية بعصبية الهضبة الآشورية، وخرجت رويداً رويداً من تلك العصبية بالثقافة الآرامية العالمية.

وجاء الإسلام المحمدي، وبالقوة أيضاً، حاملاً العصبية القبلية، وشيئاً من ثقافة أخلاقية نفسية أولية، ولكنه كالإمبراطورية الآشورية، تحولت دمشق وبغداد في ظل الإمبراطورية الاسلامية إلى امبراطوريات ثقافية وعالمية باهرة متبنية ً الثقافات المحلية السورية الوريثة للثقافات القديمة اليونانية والسريانية. ونلاحظ أن انهيار بغداد، ترافق مع عدم مقدرة المشرق العربي، على التعامل مع تدفق القوى واللاعبين الفاعلين على أرضه من الشرق والغرب، وهي احدى لعنات هذا المشرق الحزين، قبل الإسلام وبعده.

سوى ذلك، وداخل الهلال الخصيب، كانت تنافس المدن أوغاريت ودمشق وماري ويمحاض (حلب) وصور تنافساً لمشاريع محلية لم يكتب لها توحيد المشرق، وبل نستطيع القول إن النجاح في توحيد المشرق، كان تقريباً من نصيب الجانب الشرقي منه، سواء بواسطة مشروعه الحضاري أو مستنداً إلى القوة بمعناها المحض.

وسوى ذلك من الأمثلة التاريخية، كانت قصة القوة والدولة، ذات جانب حزين في المشرق العربي – سوريا الطبيعية. حيث خرجت الدولة بثقلها الحاكم والمقرر والمقاتل من المشرق (دمشق- بغداد) إلى القاهرة وثم استنبول وتوازنات علاقاتهم بالعالم المتنافس معهم.

تنفس الحرية للمرة الأولى والأخيرة:

استطاع المشرق تنفس الحرية أدبياً، للمرة الأولى، مع مقررات المؤتمر السوري ورجالاته، بعد قرون من فقدانه لسيادته. حيث كانت الثورة العربية الكبرى كجزء من سياق الحرب العالمية الأولى.

كانت مقررات المؤتمر السوري، وبكل سذاجتها وعفويتها، التعبير المعاصر الأول للمشرق العربي عن تأملاته للحرية و مصالحه وارادته بعد تاريخ طويل من عدم مقدرة المشرق على حكم نفسه.  وللأسف، كانت القوة التي تبنت الدفاع عن مقررات المؤتمر السوري، قوة مشاة ضعيفة تحت مقدرات ومالية الجيوش الانكليزية والفرنسية. ومن الطبيعي أن هذه الحرية والمقررات، انتهت كما تنتهي كل الثورات تعتمد على حسابات ومصالح القوى العظمى في الحصول على الاستقلال.

مشكلة القوة بعد استقلال دول الهلال الخصيب:

لقد رسم شكل الحدود بين دول الهلال الخصيب طبيعة مشاكل دوله الداخلية والخارجية وعلاقاتها البينية المتبادلة بين بعضها سلباً وايجاباً، ونوعية علاقاتها بمحيطها الإقليمي والدولي، خاصة أن دول الاستقلال دفنت مقررات المؤتمر السوري بعناية ناجحة جداً، وربما كانت تتنفس الصعداء.

لا وجود لمشاريع سياسية أو اقتصادية للتعاون بين دوله، وبأي قضية تخص وجوده ومصالحه ككيان واحد، بل إن المشاريع التي كانت تطرح للتعاون بين دوله ظهرت إما على شكل فروض أو إملاءات خارجية، أو على شكل مؤامرات مخابراتية ومالية وانقلابات، مهمتها ليس تنفيذ خطة لإحياء قوة ما للمشرق، بل لتحقيق إرادة دولية أو تفاصيل اقليمية تمرر قضية بترولية ما، وهي مشاريع كان تساهم في خلق واقع أمثل لوجود دولة اسرائيل الناشئة والمحمية دولياً، فالواقع الأمثل لبقاء دولة اسرائيل كان يتطلب ببساطة أنظمة فاشلة وضعيفة ومتنافسة فيما بينها ومتعاونة بالمفرق مع القوى الإقليمية والدولية.

وكمثال عن الحلقة المفرغة في خطة تحقق مصالح دول المشرق، علينا أن نتذكر، ليس فقط، فشل البعثين السوري والعراقي في الوصول إلى وحدة ما بينهما، بل وفشل النظامين الملكين الهاشميين في العراق والاردن في الوصول إلى أي وحدة أو تعاون ما، والعبرة أن قضية تعاون دول المشرق ليست مشكلة عقائدية لأنظمة حزبية أو سياسات رسمية فقط، بل أيضا خطاً أحمراً عليه توافق دولي. وبالطبع إلا إذا كانت هذه الوحدة تؤدي إلى قضية عبثية (صناعة التخريب) كمثيل الوحدة السورية المصرية التي سُمح بتمريرها دولياً وبالتالي محلياً إلى زمن ما، وعُبد لها طريق السقوط محلياً ودولياً بعد انتهاء مهمتها التخريبية في جوانب الحياة السورية من اقتصاد وثقافة وحياة سياسية.

تم تعويض هذا الفشل في تحقيق خطة لتوحيد مصلحة دول المشرق، بتأسيس جيوش محلية قوية (في قضايا أمنها الكياني فقط) وتغلغلت هذه الجيوش في اخفاقات مجتمعات ونخب ما بعد الاستقلال لهذه الدول.

وجدت جيوش الهلال الخصيب في نفسها بديلاً لمعالجة مشاكل الدول الكيانية الفاشلة في السياسية الداخلية والخارجية والاقتصادية والاجتماعية، واستندت هذه الجيوش (وخاصة بعد الوحدة السورية المصرية) إلى أجهزة أمنية قوية تحافظ إما على الحزب القائد أو الملك الخالد أو مكتسبات الثورات، وبل عجزت هذه الجيوش أمام الخطرين الماثلين على كامل المشرق، التركي في الشمال والاسرائيلي في الجنوب، عن صياغة تعاون عسكري وأمني ولو بالحد الأدنى، وتمت معالجة هذين الخطرين ضمن سياق التوازنات الاقليمية والعالمية الهشة التي تستجديها دول المشرق دولياً في سوق المفرق وليس الجملة.

قامت دول المشرق العربي التي فشلت في فهم علة مشاكها الناتجة عن شكل تقسيمها السياسي بعد الاستقلال بتأسيس أنظمة اقتصادية فاشلة تعالج مشاكلها المحلية بحدود ضيقة وترقيعية عوضاً عن اعتبار مشكلاتها الاقتصادية هي مشكلة واحدة. فآلاف السنين من تاريخ اقليم ما بين النهرين التي تتحدث عن مصالحه في الوصول إلى شرق المتوسط والربط بين خليج البصرة والمتوسط، أصبحت تعني كلاماً نظرياً يقال في الجامعات لحساب اعتبار العراق جزء من دول الخليج العربي، وآلاف السنين من تاريخ بلاد الشام (الجمهورية السورية بالتحديد) المطلة على شرق المتوسط والتي كانت تصنع تاريخها القوي ببعد شرقي مع العراق، واستبدلت بمقولات الأمة العربية وأمنها القومي والسوق العربية المشتركة والتضامن العربي ومحور القاهرة الرياض دمشق و و.

أمام هذا التبدد للطاقة عند القوتين الرئيستين في الهلال الخصيب (العراق وسوريا) أصبح من الطبيعي أن يتحول لبنان إلى منطقة تنافس قوى للجميع، ويتحول الأردن إلى محمية تحيا بالنفقة المالية الشهرية، والكويت صاحبة الإطلالة البحرية الهائلة على خليج البصرة (مقارنة بالعراق واطلالته المدروسة بريطانياً بعد الاستقلال). وبالتأكيد وبهكذا صورة (جيوش ضعيفة واقتصاديات مهترئة) سيكون طبيعيا أن يتخلى المشرق العربي عن حقه القومي في فلسطين لتصبح قضية للعرب، وبالتالي لأن فلسطين قضية العرب سيتم تمييع هذه القضية فتظهر منظمة منحها العرب دور الممثل الشرعي والوحيد لأخطر قضية في تاريخ المشرق.

حافظ الأسد والدولة السورية:

إذا اتفقنا اعلاه أن دول المشرق العربي كانت دولاً فاشلة عندما حاولت عبر عقود حل مشاكلها الداخلية بشكل ترقيعي، فقد جاءت الدولة السورية مع الرئيس حافظ الأسد بعد تاريخ طويل من فوضى الانقلابات العسكرية والانقلابات المضادة. والمحزن أن هذه الانقلابات “قبل البعث” كانت تتم بالشراكة بين العسكر والنخب الحزبية والمثقفة وليس كما يطيب لبعض المفكرين البهلوانيين الذين يعتبرون مشكلتنا ببساطة هي تدخل العسكر في السلطة.

حمل البعث الذي انقلب على  الحكومة الانفصالية عن مصر، فوضاه الخاصة ودخل في صراعات داخلية لا تنتهي استخدمت فيها العقائد الحزبية والتبعية اقليمية والانتهازية الفئوية. وقد استخدم جميع البعثيين في هذا الصراعات العائلة والطائفة والدين والقبيلة والصداقة الشخصية والمناطقية والمصاهرات، وليس كما يحلو للبعض التركيز على جانب منها دون آخر، وكنتيجة طبيعية لفوضى صراع البعث على السلطة خسرت سوريا الجولان 1967م

 هل أمسك حافظ الأسد بعنان السلطة في سوريا؟ لا، فالصورة الأقرب للواقع أن التوفيق أصاب الأسد في الإمساك بخيوط توازنات السلطة في سوريا. لقد فهم الأسد لعبة العرش السوري وتوازناته فأصبحت دولة فاشلة ولكن دون انقلابات، وبدأ يستعد بهذه الدولة الفاشلة للحرب ضد اسرائيل مع دولة فاشلة وترقيعية أخرى هي مصر، وكانت حرب تشرين التي جاءت في خلاصتها فشلاً عسكرياً استراتيجياً وفشلاً سياسياً جزئياً مع معاهدة فصل القوات التي خسرناها اليوم للأبد.

كان خروج مصر من حالة الصراع مع اسرائيل في اتفاقية سلام وبقاء سوريا وحيدة الدرس الأكثر قسوة بحساب عقيدة حافظ الأسد البعثية العروبية والتي كانت تعتبر فلسطين هماً يعني الأمة العربية. فها هي سوريا وحيدة وضعيفة أمام اسرائيل، والأكثر أهمية سوريا الفاشلة اقتصاديا أمام حرب استنزاف آلمت الاقتصاد السوري الترقيعي الفاشل منذ الاستقلال.

كان جواب الأسد على هذا الواقع هو التوجه التاريخي والمنطقي لسوريا نحو العراق (ما بين النهرين)، وعرض الوحدة مع العراق، يكون فيها حسن البكر رئيساً وحافظ الأسد نائب رئيس. كان هذا الاقتراح الذي بُدىء بتوقيع أفكاره الأولى، الخطيئة القاتلة أمام الخطوط الحمراء التي وضعها الغرب لما تم تقسيمه في سايكس بيكو.

كان جواب الغرب على نقلتين، الأولى: سريعة جداً وتمثلت في انقلاب الرئيس صدام حسين على البكر وقيام حفلة من التشاتم بين البعثين السوري والعراقي. والثانية: على المدى الطويل، وتمثلت بتحريك الاخوان المسلمين في سوريا من قبل القوى الإقليمية المحيطة بسوريا والتي لم تدعم انقلاباً عسكرياً ضمن مؤسسة الجيش هذه المرة، بل دعمت حزباً دينياً.

أستطيع أن أقدم رأيا شخصياً يرى أن تفاصيل حيوية المجتمع كنتيجة لأي حدث هي الجانب الأكثر أهمية للعبرة والدرس من الحدث ذاته، وأقول بصراحة سيكرهها البعض. كما خربت الوحدة بين سوريا ومصر نسيج المجتمع السوري من نواحي الفعاليات المحلية والثقافة والحياة الأمنية والحزبية والاقتصادية حيث كانت الوحدة نقلة تغير هائلة في هذه الجوانب نحو الأسوأ، كذلك جاءت أحداث الإخوان المسلمين في الثمانينات لتنقل سوريا نقلة هائلة نحو الأكثر سوءاً وفي جميع مناحي حياة المجتمع، ولتتركب قبضة سياسية وأمنية وفكرية عنيفة في سوريا ولتستغني سوريا، بسلطتها ومجتمعها واحزابها، عن البقية الباقية من حرية التعبير التي كان يتمتع بها المجتمع قبل ظاهرة صراع الاخوان المسلمين مع الأسد.

ولأننا نتحدث عن الحقائق الكريهة أسجل حقيقة أخرى كنت أخشى كتابتها في ظل الدولة السورية السابقة. فأمام كل سلبيات وايجابيات الدولة السورية في عهد الرئيسين حافظ الأسد أو بشار الأسد، ما هو السر الغريب في الكراهية التي كانت وما زالت تكنها النخب السورية والعربية لشخصية حافظ الأسد بالتحديد، وأتحدث عن النخب وليس الجماهير لأن الجماهير هي انعكاس غوغائي للضخ الإعلامي والثقافي. أسأل ولا أظن أن أحد سيخالفني في الإجابات:

  • هل حافظ الأسد كان دكتاتورية فريدة بين جمهوريات وممالك العالم العربي؟ بالتأكيد لا.
  • هل كانت الأجهزة الأمنية وسجون سوريا في عصره مميزة بدمويتها عن محيطها من الممالك والجمهوريات؟ أيضا لا، فما نعرفه عن سجون بعض الممالك العربية لا اتصور له مثيلا في العالم. وطبعاً علينا أن نتذكر أن النخب السورية والعربية التي تتحدث بهذا الكراهية وبعضها يعيش في أمريكا، ويعلم أن هذه الدولة مع اسرائيل هما الدولتين الوحيدتين في العالم اللتين أقرتا التعذيب واشكاله في نصوص قانونية، وأن امريكا أيضاً، وأمام إحراج عدم كفاية مستوى التعذيب الذي أقرته قانونياً، أوجدت  سجوناً مستأجرة حول العالم، تتفلت به من نصوصها القانونية لتمارس التعذيب كما يلزم.
  • هل كانت الأحداث الدامية حماه في الثمانينات نقلة غير مألوفة في الحكم على نظام الرئيس حافظ الأسد باعتباره مجرماً؟ حسنٌ، ربما لأن ما جرى في حماه كان فظيعاً حقاً، ولكن النخب التي تستخدم هذه السردية لإدانة حافظ الأسد تعلم أن من قام بهذه المجزرة بشكل مباشر هو سيىء الذكر أخوه رفعت الأسد، وهو رجل السعودية المحبوب في سوريا، وهي إحدى أهم الدول العربية التي كانت وراء دعم الإخوان المسلمين! وتعلم النخب العربية أيضاَ، أن ما جرى في حماه، ليس فريداً من نوعه مقارنة بأحداث شبيهة تماماً قامت بها الأنظمة الجمهورية والملكية العربية، بل إن للملكية العربية في هذه النقطة سجل فائق التميز. وأكثر من ذلك، تعلم النخب نفسها، أن الدولة المسلمة التي تقع شمال سوريا “تركيا” لديها سلسلة من أخوات أحداث حماه التي استمرت لعقود بحق الأكراد شرق تركيا!.

 إن تدمير قرى وبلدات على رؤوس أصحابها وتشكيل مليشيات محلية متطرفة دينيا وقوميا وبممارساتها التي تشبه ما جرى في سوريا عبر 14 عاماً، هو حدث مستمر في تركيا كمجزرة مستمرة منذ عقود! المبكي أن هذه النخب العربية والسورية تمتدح ومنذ عقود أيضاً وحتى اللحظة، العلمانية التركية بوصفها نجاحاً اجتماعياً، بينما واقع الحال يتحدث عن اقليات مضطهدة كمواطنين من درجة ثانية وثالثة.

  • هل نموذج الدولة الفاشلة اقتصادياً كان خلف الكراهية الخاصة التي ظهرت من النخب السورية لشخصية حافظ الأسد؟ الحقيقة كما استعرضناها أعلاه أن جميع دول المشرق العربي هي نموذج للدولة الفاشلة اقتصاديا، بل إن الدول التي تعتبرها النخب السورية والعربية ناجحة اقتصادياً (ممالك النفط)، هي فاشلة بناء على جحم ثروتها الهائلة وما ينفق وكيف ينفق.
  • هل كان كم الأفواه والحريات في سوريا سبباً لهذه الكراهية؟ ربما! ولكن هذه النخب تعلم أن كم الحريات في سوريا، ليس مميزاً عن جميع أنظمة الدول العربية ودول العالم الثالث. وليس عليك عزيزي القارئ، إلا أن تطلع على أي مجلة ثقافية أو سياسية أو اقتصادية لأي مملكة أو جمهورية عربية حتى ترى كم اغتراب موادها عن واقع أزمات مجتمعاتها الخاصة.

تقول الحقيقة الكريهة أن ما يجعل شخصية حافظ الأسد مكروهة تدور حول نقطتين، هما فعلاً تميزان حافظ الأسد عن بقية الأنظمة العربية. الأولى: تتعلق بإسرائيل، وإذا صدقنا النخب نفسها أن الأسد صديق اسرائيل وهذا العداء هو وهم! تبقى لدينا نقطة واحدة تميز الرئيس حافظ الأسد عن بقية الرؤساء والملوك العرب، وهي قضية مذهب الرئيس. يبدو أنه أمر لا يمكن تحمله، وهو السر وراء هذا الكم من الرياء غير المبرر. فهو لو كان سنياً وبجميع توجهاته السابقة لكن محتملاً ومبرراً، وربما هذا ما يفسر رفع صور صدام حسين في سوريا منذ اسابيع في احدى فعاليات الاحتفال بنجاح هيئة تحرير الشام، فهذا الرجل وبكل دكتاتوريته قضية مقبولة وينظر إليها باحترام وبتبرير مسبق.

نحن أمام سنية سياسية مبطنة، لا تتحدث صراحة ولكنها فاعلة في ابتكار الأفكار، ولها تصوراتها التي تجعل من تحريض معين مقبولاً ومبرراً وممولاً، وتحريض آخر مرفوضاً وهامشياً. تحيا هذه السنية  السياسية  بجدلياتها، على نفقة قنوات اعلامية ومنصات مدروسة بدقة، لصياغة تصوراتها المشوهة عن الواقع ومن يدفع ثمن هذه التوجهات هو تلك الكلمة المنسية “المجتمع”.

ببساطة، تخيل معي لو كان حافظ الأسد سنياً، لكانت ستجد الكثير من تصرفاته مقبولة ومبررة ولو بحرج ظاهر، كما تم الحديث ماضياً ويتم حاضراً وسيتم مستقبلاً عن أعتى الدكتاتوريات العربية، من الرئيس صدام حسين إلى جمال عبد الناصر إلى محمد بن سلمان إلى الملك حسين إلى القذافي.

هل ثمة مبالغة في فكرة السنية السياسية؟ ربما! ولكنها بالتأكيد تستحق النقاش وتحتاج إلى مقال منفرد.

يبقى أمامنا توصيف الدولة – القوة، في سوريا أيام الرئيس بشار الأسد، وواقعها السياسي بعد 8-12 مع الجولاني.     

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0
Previous Article
Next Article

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.