LOADING

Type to search

إبراهيم متري الرحباني.. السوري المتنوّر في مواجهة الانتداب

موضوع العدد

إبراهيم متري الرحباني.. السوري المتنوّر في مواجهة الانتداب

أسامة المهتار
Share

ننشر فيما يلي الفصل الثاني من البحث الذي بدأناه تحت عنوان “وعد كامبون، بلفور الفرنسي يسبق نظيره البريطاني بستة أشهر“. في هذا الفصل نبحث في كيفية تعاطي السوريين، خاصة في المهجر، مع أحداث تلك المرحلة عبر أحد أعلامهم، إبراهيم متري رحباني من بلدة الشوير. ينشر هذا البحث بالتزامن مع الزميلة الأخبار.

ماذا كان يفعل السوريون في المرحلة التي كان فيها أقطاب الحركة الصهيونية وحلفاؤهم البريطانيون يحتالون للوصول إلى وعود دولية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين؟ إن مراجعة وثائق تلك المرحلة جديرة بالبحث لاستخلاص العبر. فمع احتدام المعارك في نهاية الحرب العالمية الأولى، كان السوريون مقسومين حول من يجب أن يحكمهم بعد نهاية الحرب! فكان هناك معسكر قوي مع فرنسا، ومعسكر أضعف مع بريطانيا، ومعسكر ثالث، في الولايات المتحدة، يفضلها على الاثنتين. يمكن للقارئ المهتم مراجعة ما كتبه الباحث القدير الرفيق جان دايه في كتابه، “عقيدة جبران”، وكذلك كتابات الدكتور خليل سعاده من البرازيل عن تلك المرحلة وعن الصراعات التي كانت دائرة في الصحف السورية خاصة في المغتربات.

إبراهيم متري رحباني

في هذا البحث سوف نركز على شخص واحد عمل بجد وصمت ووفق رؤية متنورة وضعها في برنامج سياسي متكامل نشره سنة 1918، في كتاب تحت عنوان “أمريكا أنقذي الشرق الأدنى”. هذا الشخص هو القس إبراهيم متري رحباني.

ولد إبراهيم متري رحباني في بلدة الشوير، جبل لبنان سنة 1869، وكان والده بناءً كحال عدد كبير من الشويريين. انتقلت العائلة إلى بلدة بتاتر الشوف، سنة 1875، حيث استلم رحباني الأب إدارة مصالح شخص فرنسي اسمه Lafortune، ويعرف باسمه المعرّب، “الفرتوني.” في التاسعة من العمر بدأ العمل مع والده في مهنة العمار، ولكنه حين بلغ السابعة عشر من العمر قرر أن يتعلم، فالتحق بمدرسة البروتستانت في سوق الغرب سنة 1886، حيث درس فيها لمدة سنتين، وهناك تحول عن الأرثوذكسية الى البروتستنتية. ثم علّم فيها وفي زحلة لمدة ثلاث سنوات، قبل أن يهاجر إلى أمريكا سنة 1891.

في أمريكا، عمل لسنة ونصف في متجر، ثم عيّن رئيس تحرير صحيفة “كوكب أمريكا،” أول صحيفة تصدر باللغة العربية في الولايات المتحدة. بعد سنة ترك الصحيفة وتجول في الغرب الأوسط متحدثاً في الكنائس عن “الأرض المقدسة”، بلغة انجليزية ركيكة. في واحدة من تلك الجولات، عيّن مبشراً بديلاً في إحدى الكنائس ليستمر في حياة التبشير لحين وفاته سنة 1944.

ألّف رحباني عدداً من الكتب باللغة الإنكليزية هي” رحلة بعيدة”، سنة 1913، “المسيح السوري” سنة 1916، “أمريكا المتشددة ويسوع المسيح”، سنة 1917، “أمريكا أنقذي الشرق الأدنى”، سنة 1918، “حكماء من الشرق ومن الغرب”، سنة 1923، “سبعة أيام مع الله”، سنة 1926، و”الترجمات الخمس ليسوع”، سنة 1940. في أكثر كتبه شهرة، المسيح السوري، يشرح رحباني الخلفية الثقافية والفكرية والاجتماعية السوريّة لقرائه من الغربيين، كمدخل لفهم الانجيل، ويقارن بين أساليب التفكير والتعبير لدى الشرق والغرب ونقاط الالتقاء والافتراق بينهما.

لا شك أن رحباني كان ذا ذكاء فطري كبير، فهذا رجل يصل نيويورك سنة 1891، دون أن يجيد كلمة من اللغة الإنجليزية، يبدأ بنشر قصة حياته في مجلة “أتلنتك منثلي” Atlantic Monthly، واحدة من أعرق المجلات الأميركية وأكثرها رواجاً، سنة 1913، فتلقى نجاحاً كبيراً، فيجمعها وينشرها في كتاب تحت عنوان “رحلة بعيدة”، A Far Journey. ثم يتابع الأمر نفسه فينشر مقالات فيها تحت عنوان “المسيح السوري”، The Syrian Christ، ليعود ويجمعها في كتاب تحت نفس العنوان. هذا العمل يدّل، ليس فقط على تمكنه من اللغة الإنجليزية، بل على إقامته شبكة من العلاقات بين مثقفين أمريكيين أتاحت له النشر في تلك المجلة العريقة. هذه الشبكة سوف يعود إلى توظيفها في خدمة مشروعه السياسي.

العمل السياسي

في “رحلة بعيدة”، نبدأ تلمّس خطوط اهتمامه بالعمل العام وبالمسألة السورية. فهناك نقرأ أن سبب قبوله العمل في الصحيفة كان إمكانية ان تكون منبرا يوصل فيه أفكاره عن الإصلاح في سورية. فكيف اختطّ هذا الطريق؟

كان رحباني يكره العثمانيين وحكمهم وسلطانهم كرهاً شديداً عبّر عنه في “رحلة بعيدة.” مع احتدام المعارك في الحرب العالمية الأولى، ينشر كتابه “أمريكا المتشددة ويسوع المسيح (1917) الذي يقدم فيه الحجج “المسيحية” لوجوب مساهمة أمريكا ليس فقط في التغلب على قوى المحور، بل في الاندفاع شرقاً وتحرير سورية، “وطن المسيح”، من الحكم العثماني.

أمريكا أنقذي الشرق الأدنى

في العام التالي، ينشر كُتيبًا بعنون “أمريكا أنقذي الشرق الأدنى” والذي يوظف فيه جميع قواعد فن اللوبي السياسي. منه، يتضح لنا أن رحباني كان ناشطاً سياسياً بامتياز في سبيل استقلال سورية عن العثمانيين وعدم السماح بوقوعها فريسة في يد الإنكليز والفرنسيين. فنراه يقدم أطروحة كاملة متماسكة، لجمهور أمريكي مسيحي محافظ ومؤيد للعزلة الأمريكية عن شؤون العالم الخارجية، حول ضرورة مبادرة أمريكا إلى متابعة زحفها شرقاً وإلى إنقاذ سورية من براثن العثمانيين. وبدبلوماسية فائقة، نراه يتوجه بالشكر لما قدمه الإنكليز والفرنسيون لسورية، ولكنه يدعو الى أن تتسلمها جهة “لا أطماع لها” بقواعد عسكرية أو بأسواق، بل تتولى مساعدتها من وجهة نظر بحت إنسانية.

كتب رحباني كتابه على ما يبدو بعد أحاديث مطولة مع أمريكيين وخصوصاً العاملين في حقل السياسة الخارجية ومن بينهم هنري كنغ، الذي سيصبح عضواً في لجنة كنغ – كراين – التي أوفدها الرئيس ولسن لاستفتاء السوريين حول مصيرهم بعد الحرب العالمية الأولى – فجاء كتابه وكأنه خلاصة لتلك الأحاديث. وعلى ما يبدو، فقد تعمّد الإجابة في هذا الكتاب الصغير على معظم الطروحات التي كانت قيد التداول آنذاك حول سورية ومصيرها فنراه يطلب:

  • الّا تبقى سورية تحت الحكم العثماني.
  • الّا تقع تحت أي من الانتدابين البريطاني والفرنسي مجتمعين أو منفردين.
  • الّا يقام فيها نظام ملكي.
  • الّا تقسم الى دويلات سياسية طائفية.
  • الّا تقع فريسة الحركة الصهيونية.

أما الحل الذي يقترحه في آخر فصل من الكتاب فهو “قيام دولة فدرالية في سورية عاصمتها دمشق، مع نوع من اللامركزية في الولايات او المحافظات: فلسطين، لبنان، دمشق وحلب، التي يقوم كل منها بانتخاب حاكمها ومجلسها التشريعي فيما هي متحدة فيما بينها كأعضاء في دولة واحدة كبرى.” (صفحة 138)

في هذا الكتاب أيضاً نجد فصلاً كاملاً، وقد يكون الأول من نوعه، في نقد الحركة الصهيونية الفتية آنذاك. من قراءتنا لهذا الفصل يتضح لنا سعة إطلاع رحباني على دقائق البرنامج الصهيوني إذ يعرض لعدد من الحجج التي يقدمها بعض الكتاب الصهاينة أمثال Richard J. H. Gottheil  و Lewis Brandeis، القاضي في المحكمة الأمريكية العليا، والذي أتينا على ذكره في الحلقة الأولى من هذا البحث، ليعود ويفند دعاوتهم بقوله:

إن السوريين يعتقدون أن هدف الصهيونية هو إقامة دولة يهودية مستقلة في فلسطين، أو على الأقل، إقامة دولة حكم ذاتي يهودي تحت حماية قوة أجنبية. نتيجة الحكم الصهيوني هذا ستكون إما فصل فلسطين عن سورية، أو وضعها تحت دائرة نفوذ أجنبي. إن أياً من هذين الاحتمالين مكروه من قبل السكان غير اليهود في “أرض الوعد” بالإضافة إلى الواعين من السوريين في أمريكا..” (صفحة 114)

ويتابع رحباني فيما يبدو الآن وكأنه نبوءة بالقول: “.. إن السوريين الواعين يدركون أن الاستقلال القومي ليس هو ما يصر عليه الصهاينة في الوقت الحاضر. ولكنهم يبدون واثقين من أن ما من شيء دون ذلك يمكن أن يجعل من البرنامج الصهيوني حقيقة.” (صفحة 116، مع العلم أن التوكيد بالحرف المائل من وضع رحباني في النص الأصلي.)

ويختم رحباني هذا الفصل بالنبوءة التالية: “لا يمكنني أن أتخيل كيف يمكن لليهود أن يعيشوا بسلام واطمئنان في “أرض آبائهم” إذا ما فصلت البلاد استبدادياً عن سورية وأُعطيت لهم. فعمل كهذا سيزرع اليهود بين أعداء لدودين مما سيزيد في مشاكل اليهود عوضاً عن المساهمة في التخفيف منها.” (صفحة 123)

على ما يبدو فإن هذا الكتاب كان له وقع مميز في أوساط الجاليات السورية في أمريكا وجمعياتها التي كانت ناشطة سياسياً، بالإضافة إلى أصدقاء رحباني الأمريكيين. فقد أعيد طبع الكتاب ثلاث مرات سنة 1918، وبعد سنة واحدة من نشره أي سنة 1919، يُوفد رحباني الى مؤتمر الصلح في فرساي بصفته مندوباً عن الجمعيات السورية العاملة في أمريكا والتي على ما يبدو تبنت برنامجه المنوه عنه أعلاه. (مع الأسف ليس لدينا معلومات عن هذه الجمعيات، ولكن أكثر من مرجع يذكر أن رحباني كان مندوباً عنها).

في مؤتمر الصلح

في فرنسا، يلتقي رحباني بالأمير فيصل مندوب الثورة العربية الى مؤتمر الصلح ويبقى معه لمدة ثلاثة أشهر وتقوم بينهما علاقة مودة وصداقة. ولكن المؤتمر كان مخيباً لآمال رحباني، فنراه يصف خيبته، بل مرارته، في رسالة سوداوية ومتشائمة جداً يوجهها إلى صديقه، هنري كنغ، عضو لجنة كنغ – كراين التي أرسلها الرئيس ولسن لاستفتاء السوريون حول مستقبلهم، في حين كان قد تعهد للحركة الصهيونية سراً، بدعمها. يقول رحباني لهنري كنغ في رسالة تاريخها، 17 أكتوبر 1919:

“… وصلتني رسالتك فائقة اللطف قبيل مغادرتي لندن إلى هذه البلاد، وسافرت أنت إلى الشرق قبل أن أتمكن من الإجابة عليها. لقد تابعت أخبار رحلتك وتقدمها من خلال الصحف العربية في نيويورك، وكانت هذه التقارير تشجعني على التمسك بالأمل. أما الآن، فإني أخشى أن الظلام ينسدل على الشرق، وليس لدي أي أمل أن أمريكا سوف تكون هي المنتدبة على كل تركيا. كما أن تطور الاحداث في تلك البلاد يزيد خيبة أملي.

أما بالنسبة لسورية، فما لا جدال حوله أن مصيرها قد ختم. لقد “وافق” البريطانيون أن يحتل الفرنسيون قسماً كبيراً من شمال شرق سورية، ولا أخالهم يتركونها أبداً.

يعود رحباني إلى ما حدث في مؤتمر الصلح في كتاب آخر ينشره سنة 1923، تحت عنوان “حكماء من الشرق ومن الغرب”، وفيه يخصص فصلاً كاملاً عن الحركة الصهيونية انطلاقاً من الأحداث التي وقعت بين 1918 وتاريخ الكتابة. فيصف احتلال اليهود لفلسطين كما يلي:

لو تم التفاوض على هجرة اليهود الى فلسطين بين حكومة سورية حرة واليهود، لكان من الممكن التوصل الى حلٍ يرضي الطرفين. ولو قام الصهاينة بالهجوم على فلسطين كقوة عسكرية لكان السيف هو الحَكَمُ في تقرير مستقبل الأحداث بين الغازي والمغزية أراضيه. وفي كلتا الحالتين، تكون النتيجة هي ما يقرره رجال أحرار سواء على طاولة المفاوضات، أو في ميدان المعركة.

ولكن في هذه اللحظة يبدو الغزو أبعد ما يكون عن عملية تدعو الى الفخر؛ فقد حصل في الظلام، ولم يكن للفلسطينيين أدنى معرفة به. فالصهاينة لا يأتون الى فلسطين كغزاة بيارقهم مشرعة ولا كأصدقاء مدعوين. إنهم يدبون الى فلسطين خلسة، وعلى وجوههم ضحكة صفراء، فيما الجيش البريطاني يضغط على عنق الفلسطيني ويخنقه.” (صفحة 257)

ويسهب في الدفاع عن حق السوريين في فلسطين ويفند ادعاءات اليهود والمسيحيين المتهودين في أن “إسرائيل”، إذا قامت ستكون التمهيد للمجيء الثاني للمسيح، فيقول:

ماذا ستعني عودة اليهود الى فلسطين اليوم؟ هناك العديد من المسيحيين الذين يعتقدون أن في ذلك تمهيداً للمجيء الثاني للمسيح. لكن ليس هذا ما يتوقعه اليهود الأرثوذكس. فبالنسبة إليهم، لم يأت المسيح للمرة الأولى بعد. إن مسيحهم لم يأت بعد. فالذي أتى ورُفض بالكلية منهم لم يكن المسيح الحقيقي. إن المسيح الذي ينتظرونه هو الذي سيجعل منهم حكاماً على جميع الأمم وبضمنها تلك المسيحية.” (صفحة 254)

مع كنغ وهاورد بلس

قلنا إن رحباني أقام شبكة من العلاقات عبر الكنيسة البروتسنتية المشيخية Presbyterian، التي أسست مدارسها في عبيه وبيروت، وتبدو لنا ذروتها مع هنري كنغ، دون أن يكون لدينا معلومات حول تشعباتها أكثر. ولكن ما نعرفه أن هنري كنغ كان على علاقة صداقة شخصية مع الرئيس الأمريكي، ودرو ولسون، الذي عيّنه عضواً في لجنة كنغ – كراين. أما الرئيس ولسن فكان كذلك على صداقة شخصية مع “هاورد بلس”، ابن “دانيال بلس”، أحد مؤسسي الكلية البروتستنتية السورية، التي أصبحت الجامعة الأمريكية في بيروت. هاورد بلس، كان رئيس تلك الكلية غداة انعقاد مؤتمر الصلح في فرساي، وهناك ألقى كلمة مهمة مطالبا فيها نفس المطالب التي طلبها رحباني في كتابه، أمريكا أنقذي الشرق الأدنى، بما فيها بعض المفردات مثل “السوريون المتنورون.”

ختام هذا الفصل

لقد تشرفت بترجمة كتابين من كتب رحباني إلى العربية، هما “المسيح السوري” و”الترجمات الخمس ليسوع”، ووضعت في كل منهما نبذة طويلة عن حياة رحباني. حين انتهيت من كتابة تلك النبذة، وجدتني أمام عدد كبير من الأسئلة التي تبقى لليوم بدون جواب. وإني لآمل فعلا أن يتابع من يستطيع البحث من أجل جلاء أكبر قدر من المعلومات عن هذا العلامة السوري، ابن الشوير، التي أنجبت عدداً كبيراً من الشخصيات الفذّة. هذه هي الأسئلة كما وردت في تلك النبذة.

“…لماذا لم نسمع برحباني من قبل؟ كيف يمكن لكتاب كالمسيح السوري، يطبع إحدى عشرة مرة في ست سنوات أن ينطفئ ذكره؟ لقد عاصر رحباني جبران خليل جبران والريحاني تاريخياً وجغرافياً، وعمل في الخط الوطني نفسه، بل كان هو مندوب الجمعيات السورية الى مؤتمر الصلح في فرساي سنة 1919، والتقى هناك بالأمير فيصل وكتب مذكرات تفصيلية عن تلك المرحلة، فلماذا لم يرد ذكره بين أدباء المهجر وناشطيهم؟ هل يمكن ألاّ يكون رحباني قد التقى بجبران؟ لماذا وقع الاختيار عليه بالتحديد لأن يكون هو مندوب الجمعيات السورية؟ إن جميع كتب رحباني التي وجدناها مكتوبة بالإنكليزية، فهل نشر أي كتاب بالعربية؟ هل يعقل وهو العامل في سبيل وحدة سورية واستقلالها وعدم وقوعها تحت الانتداب الفرنسي والبريطاني الاّ يكون قد شارك في النقاشات التي كانت دائرة في أوساط السوريين في نيويورك بين مؤيد لفرنسا ومعارض لها؟

وأضيف اليوم أسئلة جديدة، هل يعقل ألا يكون هناك اتصال بين الدكتور خليل سعاده وإبراهيم متري رحباني، وكلاهما من الشوير، ويعملان في الخط الوطني نفسه؟ (كان الدكتور سعاده أكبر من رحباني باثتني عشرة سنة.) هل سمع رحباني بأنطون سعاده وبحزبه؟ هل هناك في مكان ما، رسائل أو مذكرات مكتوبة بالعربية؟ قد يعرف أحد مصير عائلته، هل بقي منهم أحد في بتاتر، هل هناك من أقرباء له يمكن الاتصال بهم؟

قد تكون الكتابة بهذه الحرارة وهذا العنف هما السبب في طمس ذكر رحباني، يرافقهما التغيير الجذري والسريع الذي أصاب المجتمع الأمريكاني ما بين الحربين الكونيتين ومن ثم بعد قيام دولة اسرائيل والعطف الذي لقيته في أمريكا، والعداء الذي انصبّ على مواطني رحباني بشكل عام. وفي الوقت نفسه، لا ننسى أن فرنسا التي حاول رحباني بكل جهده منعها من السيطرة على سورية، نجحت وسيطرت قسمّت واستبدت وقتلت الأبرياء في لبنان والشام، وأقامت نظاماً موالياً لها ولحكمها. (يرجى مراجعة مذكرات المرحوم إسكندر رياشي “قبل وبعد، ورؤساء لبنان كما عرفتهم” منشورات دار أطلس، دمشق، 2006، ص. 4436-443، حول مجازر الفرنسيين في تمنين التحتا ووادي الحرير.)

إننا نأمل أن يقوم البحاثة بالتنقيب معنا عن تاريخ رحباني وإيفائه حقه من الدرس والتكريم.  

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.