عرفتوا كيف – يا فرعون.. من فَرْعنكَ؟
زيد قطريب
تشييع المومياءات الفرعونية عند أشقائنا في “الجبهة الجنوبية”، أثار الأشجان، ليس لأنّ (الموتى) ظهروا على الشاشات وهم يحملون موتاهم إلى مثوى جديد، بل لأن العالم العربي يؤكد في كل مرة أنه يعيش في الماضي بلا مستقبل! ولو أن رفات توت عنخ آمون يستطيع الكلام اليوم، لَلَعن “سلسفيل” الأبناء العاقّين الذين تحولوا إلى مُعاقين بسبب العطالة عن إضافة جديدٍ إلى مجدِ سالفِ الأيام!.
الغريب في الأمر، أن الفراعنة الذين تفرعنوا علينا أكثر من مرة في التاريخ، وكان آخرها قبولهم برشوى سيناء مقابل كامب ديفيد، يعتزّون بوادي النيل وفرعونيتهم عندما يؤدون التراتيل بالهيروغليفية بعد أن فرضوها في مناهج التعليم، في حين، نحن المساكين، فيما يسمونه (المشرق العربي)، نعاني الأمرّين إذا ما احتفينا بالآرامية أو طالبنا بإعادة افتتاح معهد التعليم الوحيد الخاص بها في معلولا.. بالمقابل، فإن تمجيد الإله (رع) عند أشقائنا في (الجبهة الجنوبية) يمر بشكل طبيعي كنوع من احترام التاريخ، أما في أقدم عاصمة في التاريخ، فإن منحوتة للآلهة عشتار يتم تحطيمها وحرقها بذريعة خدشها للحياء العام الذي لم يستحِ من الجهل والتخلف وسَلْبِ فلسطين!.
في السياسة، كان مغفوراً لأشقاء (الجبهة الجنوبية) أن يعتزّوا بفرعونيتهم وشعورهم القومي في وادي النيل، وعندما أسّس أعمامُنا في (العُربة) مجلس التعاون الخليجي استقبله العرب بالتهلال والترحيب، ليتكرّر الأمر أيضاً مع أبناء خالتنا في الشمال الإفريقي عندما أسّسوا (اتحاد المغرب العربي الكبير)، لكن عندما تجرّأنا – نحن المساكين – في المشرق على ذكر الهلال الخصيب، اتُهمنا بالإقليمية والشوفينية وشقّ عصا الطاعة على عروبة (الدبكة) والدِّين السياسي، لأن المحيط كله يريد أن تبقى سوريا الطبيعية بمثابة البقرة الحلوب التي يُفطم أبناؤها عن شمندورها الزُّلال مبكراً، وعندما تضعفُ أو تشيخ، تنهال عليها سكاكين الأخوال والأعمام والربيبة التي يريدون أن تبقى “مرَبْرَبة”.. إسرائيل!.
قديماً قال أجدادنا الكرام إنّ الناس سألوا فرعونَ يوماً: يا فرعونُ مَنْ فرعنك؟ قال: (ما ردّني حدا).. عرفتوا كيف؟