أربع سنوات من المغامرة – ملاحظات على النهج
في هذا المقال صورة تتضمن كلاما نابيا فاقتضى التحذير.
والمقصود بالنهج هنا هو ذلك المعبّر عنه في الصورة المرافقة. شخص يختزل نهجا فتقوم الجماعة بتقديسه. والمقدَّس لا يخطئ، كلمته شريعة وصورته أيقونة. وكي لا يساء فهمنا، نقول إن هذا النهج ليس محصورا اليوم بتنظيم واحد من التنظيمات المتنازعة على اسم الحزب السوري القومي الاجتماعي، بل هو نهج يتقاطع وإياها أفقيا فنراه معشعشا في طياتها. وللنهج – كائن ما كان – ثلاثة أركان أساسية: المقدَّس، والحامي، والمقدِّس المطيع. والصورة أدناه، تعطي خير مثال عن هذه الأقانيم الثلاثة.
من يخرج عن طاعة المقدَّس يرمى بالحرم الأكبر فتحل اللعنة عليه وشتمه ورميه بأبشع النعوت والاتهامات والسخرية وتذكيره بماضيه، وبقلة وفائه وخيانته للنهج. هذا هو واقع التنظيمين الذين انشقا بفعل انتخابات 13 أيلول الماضية.
لقد بلغ التحريض ذروة خطيرة يمكن لها أن تتحول عنفا في أية لحظة. الصورة التالية، ونعتذر سلفا عن نشرها، خير مثال. إنها تتعلق باتهام مسؤول في أحد التنظيمين أنه يتحرش بالصغار، والتعليقات المرافقة لها. لا ندري مدى صحة الاتهام من عدمه، فهذا أمر يترك للقضاء. ولكن عند الغوغاء القضاء والعدالة ليستا أمرا بذي بال. المهم رمي العدو بأبشع التهم فيسهل قتله.
أما أن هذا العدو كان، لغاية 13 سبتمبر، في صفّهم، ومن يمّهم، فهذا ليس بالأمر المهم. وليس مهما كذلك أنه إذا كان متحرشا، فذلك لم يبدأ اليوم، بل قبل الانتخابات الماضية، فلماذا السكوت وإهمال فضحه ومحاسبته يومها. لقد تخلى عن المقدس فوجب رجمه.
كذلك الأمر بالنسبة لفيديو انتشر عن كلام لعميد الخارجية الأسبق حسّان صقر يقول فيه إنه بكى على بشير الجميل. لقد كان للعميد صقر أخطاء أكبر بكثير من هذا، أحدها قبوله بالذهاب لمقابلة محمود عباس مع رئيس الحزب آنذاك علي قانصوه، ومع نائب رئيس تنظيم الروشة اليوم وائل حسنية، كذلك تصريحه أن الكتائب والقوات قد تخلتا عن سياسة التحالف مع إسرائيل!
تلك كانت سياسات النهج يومها، بقيادة أسعد حردان، والتي وافقت وباركت تلك السياسات أو سكتت عنها. أما نحن، الذين انتقدنا تلك السياسات على صفحات هذه المجلة، فقد قامت القيامة علينا ولم تقعد من مهاجمي من كانوا من أركان ذلك النهج نفسه آنذاك.
وللنهج مظهر آخر يشترك فيه عدد من الموجودين في التنظيمين. إنه تطويب سوريا الوطن للرئيس بشار الأسد عبر إصرارهم على نشر صور تقول “سورية الأسد.” ومهما حاولت أن تقول لهؤلاء إنه لا يجوز لسوري قومي اجتماعي مثل هذا الفعل فإن كلامك يذهب سدى. إنه الولاء الأعمى لنهج أعوج.
هذا “النهج” هو ما أوصل الحزب إلى هنا. إنه لم يبدأ مع أسعد حردان، بل مع قيادات متتالية أثناء غياب سعاده في المهجر القسري، وبعد استشهاده. أما أن حردان قد نقله إلى مستوى أكبر من تعظيم الذات، فهذا من طبيعة النهج ومن طبيعة الأتباع. وكما سبق وقلنا، فإن معظّمي الذات موجودون في كل مكان، ولكن لا يمكن لهم فعل ذلك لولا المقدِّسين والأتباع.
كلمة أخيرة للمروجين “للنهج” وللوفاء له. “النهج” هو المصطلح الذي عُرف به عهد فؤاد شهاب وبعده شارل حلو. العهد الذي اضُطهد فيه القوميون أعظم اضطهاد وسقط لنا فيه ثلاثون شهيدا. لعل المروجين لا يعرفون، ولكن، من جهة أخرى، لعلها سقطة “فرويدية” تشي بالكثير. لقد تحمل القوميون نهج فؤاد شهاب بصبر وبطولة عظيمتين. أما نهج التقديس السائد، فإنه كفيل بإنهاء هذا الحزب.