منارات من سعاده ،استقلال سوريا- انطون سعاده
Share
استقلال سوريا- انطون سعاده
“تمتاز سورية في العصر الحاضر بأنها بلاد تضم عالمين مختلفين يزحم واحدهما الآخر ويتصادمان، ولا بد من سقوط أحدهما سقوطاً لا قيام له بعده. هذان العالمان هما عالم النهضة القومية الذي رأى النور في سورية وأخذ يغذي أمم العالم العربي بمبدأ القومية الذي يعني مبدأ التقدم والارتقاء. وعالم التقاليد الرجعية الدينية والإقطاعية الذي أنشأ لنفسه منذ القدم حصوناً قوية في سورية يدافع فيها عن مبدأ الدولة الدينية، أو التيوقراطية، وينادي أمم العالم العربي للتشبث به.
“بين هذين المبدأين يجري الآن صراع هائل يتوقف على نتيجته ليس فقط مصير سورية، بل مصير الشرق الأدنى العربي اللسان. من هذين المبدأين تختار الدول الاستعمارية جميعها مبدأ الرجعة الذي يعني الضعف والجهل والاستسلام، ولا تعترف بالمبدأ القومي إلا كرهاً، أي متى بلغ المبدأ القومي أشده ولم تبق مندوحة عن الاعتراف به. ولكن ما دام هذا المبدأ الحيوي في مهده فالدول الاستعمارية حليفة لمبدأ الرجعة عليه، لأن في هذه المحالفة بلوغ غايتها الاستعمارية.
“هذا التحليل الدراسي يجب أن يكون واضحاً عند جميع السوريين القوميين”.
مقال “إستقلال سورية على ضوء الحوادث الجارية”
“الزوبعة”، العدد 25 تاريخ 1/8/1941
*****
يقول حضرة الزعيم بصدد شكوى مدير مديرية توكومان (الأرجنتين) على الرفيق جبران مسوح:
“في كتابك الأخير المؤرخ في 19 نيسان تعرض فيه أن “روح النظام لم تراع” وأن المخل بالنظام هو الرفيق المذيع جبران مسموح. فحسب ما وصفت لي الحادث أرى أن الرفيق مسوح لم يتمشّ على الطريقة المتبعة في فروع الحزب النظامية. ولكني أجد نفسي تجاه حالة مختلة إختلالاً واسعاً في توكومان. ولذلك أعتقد أن المسألة ليست مسألة إخلال الرفيق مسوح بالنظام، بل مسألة وجود مديرية توكومان في حالة إختلال وشلل وتفسخ روحي. فالاجتماعات النظامية كانت معطلة والإدارة إسماً لغير مسمى، والحركة الحزبية لتوسيع نطاق الحركة وإيصال الحزب إلى مناطق جديدة جامدة جموداً تاماً. ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل إن إدارة توكومان المعينة بمرسوم من الزعيم والمسؤولة تجاهه، ابتدأت تعصى أوامر الزعيم وتجاهر بوجوب العصيان ونقض الدستور القومي، مستعملة الثقة التي منحها إياها الزعيم لتنفذ الأوامر والقرارات العليا بدقة ضد الزعيم وقراراته وسلطته، حتى أن الاجتماعات العمومية التي تعقد بالاستناد إلى هذه السلطة صارت تستخدم لبث روح التمرد عليها وعدم المبالاة بها من غير مراعاة للقسم الذي أداه كل عضو أو إصغاء لصوت الشرف القومي وتبكيت الضمير. وجد الرفيق جبران مسوح أن النظام محتقر ومعدوم في مديرية توكومان، ووجد الجمود مستولياً على الفرع هناك. وبصورة واضحة أو غامضة وجد الرفيق مسوح، وأنت من أحسن العارفين بمزاجه، أن المديرية التي خرقت النظام فوق ليست جديرة بضبط النظام من تحت. صار الرفيق مسوح تلميذاً لأساتذة توكومان في خرق النظام، مع فارق واحد كبير هو أن خرق مسوح النظام المخروق كان من أجل تتميم يمينه وقسمه للسهر على مصلحة الحزب ونظامه وطاعة الزعيم الذي هو مصدر السلطتين التشريعية والتنفيذية والحرص على تنفيذ كل أمر من أوامره، في حين أن الذين خرقوا النظام قبله خرقوه حانثين بيمينهم، ولعصيان السلطة الدستورية للزعيم، ولعدم الانقياد لقيادته، وهو الذي أنشأ الحزب وأوصله إلى مرتبته الحالية، لا هم.
“إذا كان المذيع مسوح لم يراع الطريقة النظامية في أمر من الأمور، فذلك قليل عليه، ويجب عليك أن تشكر العناية معي على أنه لم يذهب إلى أبعد من هذا الحد.
“إني أرى، أيها الرفيق العزيز، أن روحية الثقة التامة والتضامن الثابت هي أساس النظام. وأطلب منك ومن جميع الرفقاء أن تعودوا إلى هذه الروحية إذا كنتم تريدون أن تكونوا جديرين بالانتماء إلى الحزب السوري القومي وحمل شعاره والعمل بمبادئه”.
من رسالة حضرة الزعيم إلى مديرية توكومان
تاريخ 28 نيسان 1941
أعتقد أن العنوان يجب أن يكون “استقلال سورية” لا “إستقلال سوريا”
العظيم سعاده