تاريخ وثائق

لوحة بابلية عمرها 3700 سنة: بفيثاغورس لم يخترع النظرية التي تحمل اسمه ترجمة فادي خوري

فادي خوري 28 نوفمبر، 2018

فادي خوري

يدعي خبراء في الاكتشافات الأثرية، قاموا بدراسات حول لوحة أثرية موجودة في مكتبة (الكتب والوثائق النادرة) في جامعة كولومبيا في نيو يورك، أن رياضياً بابلياً مجهول الاسم قد سبق بفيثاغورس بما يزيد على الألف سنة في اكتشاف علم المثلثات. وقد دوّن هذا العبقري البابلي النظرية

المشهورة، والتي غالباً ما تُنسب إلى الإغريق، بالإضافة إلى العديد من جداول علم المثلثات، على لوحة من طين تُعرف اليوم باسم لوحة بليمتون 322. ويضيف العلماء أن ما تتضمنه هذه اللوحة، وتعود إلى 3700 سنة خلت، يتجاوز بتقدمه حتى ما هو معلوم في يومنا هذا.

وجاء في تقرير نشرته صحيفة الغارديان البريطانية، نقلاً عن باحثين في جامعة نيو ساوث وايلز (ج ن س و) في مدينة سيدني الأسترالية، أن اللوحة التي تتضمن جداول مؤلفة من أربعة عواميد وخمسة عشر صفاً من الأرقام البابلية القديمة تمثل أقدم جداول علم المثلثات في العالم وأكثرها دقة، وهي بمثابة أداة عمل من المرجّح أنها استُعمِلت في عمليات مسح الأراضي وإجراء العمليات الحسابية في تشييد المعابد والقصور والأهرام.

اللوحة البابلية بليمتون 322، وعمرها 3700 سنة، في مكتبة الكتب والوثائق النادرة في جامعة كولومبيا في نيو يورك (المصدر: ج ن س و / أندرو كيلي).

ويقول الدكتور دانييل مانسفيلد من جامعة نيو ساوث وايلز (ج ن س و):

“تظهر الأبحاث التي نقوم بها أن لوحة بليمتون 322 تحدّد أشكال المثلثات ذات الزوايا القائمة باعتماد أسلوب لم يسبق له مثيل في علم المثلثات، يقوم على أساس النسب وليس الزوايا والدوائر. ويمكن اعتباره عملاً رياضياً في غاية الروعة يعكس نبوغاً لا لبس فيه (…) وتجدر الإشارة هنا إلى أن اللوحة، ليس فقط، تحتوي على أقدم جداول علم المثلثات في العالم، بل هي أيضاً بمثابة الجدول الوحيد الذي يتميز بدقة فائقة ومتكاملة، لأنه يعتمد على مقاربة بابلية عزّ نظيرها للحساب والهندسة.”

لا نذيع سراً في قولنا إن بفيثاغورس لم يكن أول من أدرك أن مربع الضلع الأطول يساوي دائماً مجموع مربعي الضلعين الآخرين في المثلث قائم الزاوية، بل أنه الغموض الذي يحيط باللوحة هو ما دعا الناسخين والكتّاب إلى بذل مزيد من الجهود بهدف تصنيف واستخراج الأرقام المنحوتة عليها.

علم المثلثات الدائري: ثلاث زوايا قائمة داخل مثلث على كرة

علم المثلثات الدائري: ثلاث زوايا قائمة داخل مثلث على كرة

كتب لويس تيا عن الغرض المحتمل من لوحة بليمتون 322 في عدد سابق من “الأصول القديمة”:

“خلافاً لما قد يتصوره البعض، فإن الدافع من اختراع اللوحة لم يكن مجرد اهتمام بمسألة رقمية نظرية، لا بل من أجل إيجاد معطيات لمشكلة رياضية ’قابلة للحل’. ويذهب البعض إلى الاعتقاد بأن هذه اللوحة كانت بمثابة ’وسيلة مساعدة للمعلمين’ يستعينون بها لوضع المسائل الرياضية المتعلقة بعلم المثلثات وإيجاد حلول لها. ويبدو هذا الأمر شبيهاً إلى حدود بعيدة لما نراه في صفوف المدارس في يومنا هذا.”

نسخة مترجمة من لوحة الطين بليمتون 322 البابلية (لويس تيا)

وكان الدكتور مانسفيلد قد تطرق في حديث مصور حول نتائج الأبحاث قائلاً إن النظام القائم على القاعدة الستينية فسح المجال أمام البابليين للحصول على نتائج أدقّ من تلك التي تعتمد حديثاً على القاعدة العَشرية، فقد يكون للمقاربة المميزة التي اتبعها البابليون في المسائل المتعلقة بالحساب وعلم الهندسة “وقع عملي محتمل في استحداث تطبيقات المسح الأرضي ورسوم المعلوماتية البيانية والتعليم

نسخة مترجمة من لوحة الطين بليمتون 322 البابلية (لويس تيا)

.”

ويسود اعتقاد راسخ أن اللوحة الأثرية قد تم اختراعها في مدينة لارسا السومرية القديمة في زمن تراوح بين عامي 1822 و1762 ق.م. أما لوحة بليمتون 322 فقد حملت هذا الاسم تيمّناً بناشر من مدينة نيو يورك يُدعى جورج بليمتون كان قد تبرع بها لجامعة كولومبيا في ثلاثينيات القرن الماض، وقد فُتِن الباحثون بها منذ ذلك الوقت. ويضيف الدكتور مانسفيلد قائلاً “لقد حيّرت لوحة بليمتون الرياضيين لردح من الزمن تخطى السبعين سنة، حين أدركوا أنها تحتوي على ترتيب خاص لأرقام عُرفت بالثُلاثيات البفيثاغورية.”

وكان قد نشر الدكتور مانسفيلد والأستاذ المساعد في (ج ن س و) الدكتور نورمان وايلدبرغر مبحثهما في صحيفة تاريخ الرياضيات Historia Mathematica، كما وصرح الدكتور وايلدبرغر لموقع Phys.org أن ثمة الكثير ممّا يمكننا أن نتعلّمه من أجدادنا الأقدمين:

“هناك كنوز لا تحصى من اللوحات البابلية وقد تمت لغاية اليوم دراسة نذر ضئيل منها. إن عالَم الرياضة بدأ مؤخراً يستيقظ على حقيقة أن هذه الثقافة القديمة والرفيعة جداً تكتنف في طياتها العديد من الدروس التي يمكننا أن نتعلم منها.”

لمزيد من الاطّلاع تجدون أدناه روابط لمقالات أخرى بالإنجليزية ذات علاقة بالموضوع أعلاه: