أنتم لستم بأمة-صوفي نادر!!!
Share
أحد الاجتماعات التي استرعت انتباه القراء المتابعين لنشاطات الاتحاد الأوروبي كان الجلسة العامة في الثالث من أيار في مقر البرلمان الأوروبي في بروكسل.
حضر هذه الجلسة العامة 750 نائب أوروبي واستمعوا إلى رئيس الوزارء البلجيكي شارل ميشال يستطرد بالدفاع عن أوروبا أمام العديد من المشككين بالوحدة الأوروبية ودورها على الصعيد الدولي وخاصة على صعيد الدول الأوروبية الأعضاء. واستفاض شارل ميشال بالتحدث عن الانجازات الأوروبية المشتركة مشددا على القيم الأوروبية: السلم، المساواة، الحرية والديمقراطية.
إن فحوى ما صرح به رئيس الحكومة البلجيكي ليس موضوع مقالنا لأن ذلك يحتاج إلى دراسة وتحليل للسياسة الأوروبية العامة وتوافقها مع السياسات الوطنية لكل دولة على انفراد.
إنما ما جرى أثناء المناقشات التي تلت كلمة البلجيكي كان متوقعا من ناحية ومثيرا للدهشة من ناحية أخرى. متوقع لأن من تفوه به معروف في الأوساط السياسية بالتشكيك بالدور الأوروبي، ومثير للدهشة لمجرد التفوه به في حقبة نبحث فيها عن فرض الحقائق والعمل بها خاصة من قبل أولئك الذين أجحفوا بحق شعبنا وتاريخ أمتنا.
نايجل فرج، برلماني أوروبي بريطاني، كان يرأس حزب الاستقلال البريطاني من 2006 إلى 2009 وثم من 2010 إلى 2016 ورئيس مساعد لمجموعة أوروبا الحرة والديمقراطية المباشرة في البرلمان الأوروبي. وهو من قاد حملة الانفصال البريطاني عن أوروبا.
طبعا، أن يستاء هذا النائب من الطرح البلجيكي للسياسة الأوروبية أمر غير مستبعد لا بل متوقع كما ذكرت. فهو من أشرس المدافعين عن فكرة الانفصال عن أوروبا ويشجع الدول الأوروبية الأخرى التمثل ببريطانيا كما يطلب منها أن تلجأ إلى ممارسة ديمقراطيتها الوطنية الخاصة. من هذا المنطلق جاء رده تجاه هذا الذي يعطيه درسا عن المستقبل الأوروبي والنفوذ الأوروبي أن الممكلة البلجيكية ليست في مصاف الأمم فهي دولة مختلقة ومصطنعة، ليس لديها لغة قومية، ولا تاريخ قومي، ولا حتى صحيفة قومية، وأنها لجأت إلى الاتحاد الأوروبي لترقى إلى مستوى الدول العريقة.
كلام مثير للدهشة لأنه أتى من فم سياسي بريطاني. إني على يقين أنه يعرف، تمام المعرفة، تاريخ بلاده التي يصنفها من بين الأمم العريقة والتاريخ المجيد، ويعرف توجهاتها السياسية التاريخية وعملها الدؤوب على تزوير التاريخ. لكن ميزان كلامه يختلف عندما يتكلم عن بلجيكا أو عندما يتكلم عن فلسطين.
لا يمكن أن ننسى كيف أثير غضب هذا النائب عندما اعترف الاتحاد الأوروبي بالدولة الفلسطينية متذرعا أن الموضوع ليس موضوع إسرائيل وفلسطين إنما موضوع قانون. فبالنسبة له لا يحق للاتحاد الأوروبي الاعتراف بدولة فلسطين. وها هو اليوم ينفي عن المملكة البلجيكية حقها بأن تكون أمة.
المملكة البلجيكية دولة مختلقة ومصطنعة!! لكن تاريخها لا يختلف عن التاريخ الأوروبي وشعوبها حتى وان اختلفت أصولها ولغاتها، لديها تاريخ مماثل وموحد.
أما دولة إسرائيل، هذه الدولة المختلقة فعلا ومصطنعة وقائمة على تزوير التاريخ فلها حق شرعي بالوجود بالنسبة لأي بريطاني موال لأوروبا كان أم معاد.
الأكثر غرابة أنه يعرف معنى الأمة ومعنى القومية والانتماء القومي فيسخر من الممكلة البلجيكية لأن لا قومية لها، ويسلب عنها حق الأمة، أمر أثار استياء البرلمانيين البلجيكيين في البرلمان الأوروبي وأثار ضجة كبيرة في أوساط الإعلام البلجيكي. استياء يوازي تماما ذلك الاستياء الذي نلحظه عندما نطالب بحق أمتنا فيمنع عنا حقنا بالأمة والقومية.
ولكن إذا أردنا أن نثني بشيء على تصريحات فرج، نقول أنه عرف أن الأمة هي عربون رقي الشعوب.