احتفاء بالجواسيس والأعداء!
Share
سنحتفي بالأعداء!
في الشعر والسياسة والحب، يعود الفضل لهم في دفعنا لانتزاع النصر. أولئك الذين حرّضونا لأن نصبح مشدودي السواعد والأذهان والنصوص، يستحقون بعضاً من التكريم في نهاية المعركة!
ألم تشاهدوا الجنرالات وهم يتبادلون التحيات أمام جثث بعضهم في الحروب؟
لنتخيل المشهد دون سفلةٍ وقطاع طرق! لنتصور حالات الاسترخاء والكسل التي ستبيد المخيلات بسبب التشابه والاستنساخ وتدوير النصوص؟
ألا يجب الحديث عن الكتابة العدوانية التي تستمد مشروعيتها من النسف بهدف الإشادة والانقلاب بهدف الكشف؟ ألا يقضي الركون على الأسئلة؟
الاحتفاء بالأعداء، عرفان تقتضيه نزاهة المواجهة! أولئك الذين يشدّوننا باتجاه القهقرى، لهم الفضل في اندفاعنا للأمام.
لنعد إلى تاريخ الشعراء الملعونين الذين ينعطفون فجأة خارج السرب، كي يحسموا المواجهة بالنصوص القاضية. في كل هذا، يبدو الأعداء أصحاب فضل في ولادة النصوص العدوانية، تلك الكتابة التي لا تتردد في ضغط زناد الحروف، عندما تحين ساعة الاندلاعات الكبرى. هل كنا سنقرأ القصيدة الحديثة، لولا الكتابة العدوانية ضد الكلاسيكيات؟
نحتاج فعلاً إلى الاحتفاء بالأعداء وكل أنواع العسس والجواسيس وقطاع الطرق الكامنين في حقول الثقافة وعلى ضفة اليمّ الإبداعي، لأنهم يجعلوننا نُغرم بالغوص في الأعماق.
تشابه النصوص الشعرية، يمكن تفسيره بانحسار الكتابة العدوانية التي تصر على رفع راياتها فوق التلال علامةً على النصر. مقابل انتشار كتابات العيش في السهول وتحت الظلال.
النصوص التي تعيش في الهيولى بلا أعداء، لا يرتفع منسوب الأدرينالين لديها، إنها بلا خصوصية، لذا تفضل التغريد داخل السرب! ألا يمكن القول إن النصوص تشابهت بشكل غريب مع أن المؤلفين كثر؟
الأعداء يولّدون كتابة عدوانية ضد المسلمات. والكتابات المسالمة تنظر إلى الموجودات كحقائق لا يمكن تغييرها. هل يمكن تخيل إعلاميين وشعراء ومفكرين، بلا عداوات؟ ألم يكن الفضل للعداوة في النقد وابتكار البدائل؟
تاريخياً، لم يكتشف النار والعجلة وقانون الجاذبية ودوران الأرض حول نفسها والشمس، أولئك المهادنون المؤثرون للسلامة، في حين كانت الكتابة العدوانية تشق عصا الطاعة.. وتكتشف العالم.. أو تخترعه.