فصل الدين عن الدولة وليس عن المجتمع!
Share
سيدي الرئيس..
بداية لا بد من القول أن إبداء رأي مخالف لرأي السلطة السياسية فيه شيء من الجرأة في بلادنا. وذلك لاعتبارات عديدة كرست من حيث النتيجة ثقافة تحمل من جهة الابتعاد عن أي طرح مخالف لتوجهات السلطة السياسية وايديولوجيتها ومن جهة أخري تكريس حالة من أدب التملق والمزاودة والمديح للسلطة الأمر الذي يجعل علاقة المثقف بالسلطة علاقة ينقصها المصارحة وحرية الرأي الضروريان لخلق حالة تفاعل إيجابي لتقييم ومناقشة وتصويب أداء الدولة وتوجهاتها.
لا يمكننا الجزم بأن السبب في سوء العلاقة هذه يعود إلى السلطة بشكل كامل وفي كل الأمكنة والأزمنة. فلا بد من الاعتراف بأن مثقفي التملق والمزاودة، مثقفي تمسيح الجوخ وتسول المكاسب السلطوية، أولئك الذين أطلق عليهم ساخر بعقلين المبدع سعيد تقي الدين نحته اللغوي البديع (الزحفطونيون) لزحفهم على بطونهم تملقًا وتذللاً واستجداءً، أولئك المثقفون ساهموا إضافة إلى إنشاء علاقة تقوم على التكاذب بدلاً من النقد البناء، بتضليل السلطة وحجب النصح والرأي الحسن .
إن مناسبة كتابة هذه المقالة هو الرد الذي أورده القيادي في أحد تنظيمات الحزب السوري القومي الاجتماعي طارق الأحمد على مقالة عضو المكتب السياسي في حزب الوحدويين الاشتراكيين وعضو مجلس الشعب في الشام خالد عبود المعنونة بـ: “خديعة فصل الدين عن الدولة ” والتي يقسم فيها الدين إلى ثلاث: الشعائر والقيم والمعاملات ويخلص إلى أنه من غير الممكن فصل الدولة عن أي من هذه الثلاث.
وعليه وباعتبار أن الأحمد ينتمي إلى الحزب السوري القومي الاجتماعي الذي يزيد على مبدأ فصل الدين عن الدولة مبدأين آخرين هما: منع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة والقضاء القوميين وإزالة الحواجز بين مختلف الطوائف والمذاهب فقد قام الأحمد بالرد على العبود بعد أن قدم لهذا الرد بقوله انه أمر مفتوح للنقاش في حوار عقلي يعطيه حق الرد ويقبل بالرد على الرد.
رد العبود جاء سريعًا حيث عرض مقطع فيديو للسيد رئيس الجمهورية حول فصل الدين عن الدولة أنهي به الحوار حيث أطرق الأحمد قلمه وتوقف الحوار.
إن أهمية هذا الفيديو تتأتى من أمرين :
الأول هو إعلان السيد رئيس الجمهورية عن موقف الدولة وهو انه لا يمكن فصل الدين عن الدولة إلا بفصل الدين عن المجتمع وهذا الفصل لا يؤدي إلى الاستقرار .
الثاني هو إعلانه أن أحدًا لم يطالبه بفصل الدين عن الدولة، الأمر الذي يضع قيادات الأحزاب العلمانية خصوصًا قيادة الحزب السوري القومي الاجتماعي في خانة المساءلة والشك حول إخلاصها لمبادئ الحزب زيادة على ما تتحمله هذه القيادات من مسؤولية عن الوضع المتردي الذي آلت إليه تنظيمات الحزب المختلفة.
إن “الحوار العقلي” الذي تحدث عنه الأحمد في مقدمة رده توقف بالضربة القاضية وأغلق بابه بالشمع الأحمر العريض عند نشر هذا الفيديو وكأن إبداء الرأي الذي تحدث عنه يقف عند حدود مخالفة رأي السلطة علمًا أن ذلك قد يكون مرحبًا به بل ومطلوبًا أيضًا .
لذلك وببراءة أقول: عذرًا سيادة الرئيس إن فصل الدين عن الدولة هو الذي يحقق الاستقرار .
إن فصل الدين عن الدولة هو الذي ينشئ تشريعات مدنية لا تفرق بين المواطنين بحسب دياناتهم ومذاهبهم فتتحقق المساواة والعدالة إضافة إلى الاستقرار .
إن فصل الدين عن الدولة الذي يقتضي بمنع رجال الدين من التدخل في شؤون السياسة القومية وفقًا لمرجعياتهم اللاقومية وهذا يحقق الاستقرار.
إن فصل الدين عن الدولة يبني بين الدولة والمواطن علاقة تقوم على أساس المواطنة لا على أساس الدين، كما ينطوي تحت هذه العناوين الكثير من التفاصيل والشروحات نحن معنيون بطرحها بلا وجل.. نحن القوميين الاجتماعيين، نحن نسور الزوبعة الذين دافعنا عن وجودنا، عن بلداتنا في وجه الإرهاب وبذلنا الدماء لتبقى لنا دولة، فهل نخجل من أن نسمع صوتنا ونطالب بفصل الدين عنها وحمايتها من تدخل رجاله؟
من المهم متابعة انحرافات مدعّين الوحدة و الاشتراكية وهم اشبه بالقطيع يقودهم النظام في ضلاله