التعديلات الدستورية عام 1970 -1976
Share
ننقل فيما يلي حرفياً ما ورد على الصفحة الخامسة من دستور الحزب السوري القومي الاجتماعي وقوانينه كما وضع وصنف وعدل 1934-1976 طباعة بيروت سنة 1977
“مراحل الدستور وقوانينه
1- وضع في 21 تشرين الثاني 1934 . صنف في 20/1/1937
2- أضيف اليه القانون الدستوري عدد 8 في 16/تشرين الثاني 1951
3- عدل في 23 نيسان 1970
4- ثبت إنشاء عمدة العمل، طباعة، في المادة الثالثة من القانون الدستوري عدد 1 استنادًا إلى قرار المجلس الأعلى الصادر عام 1961 ، القاضي بإنشاء هذه العمدة.
5- أضيفت عبارة المجلس القومي على عنوان القانون الدستوري عدد 4 بحيث يصبح العنوان – مؤسسة لجان المديريات ومجالس المنفذيات والمجلس القومي – كما تقرر أن تكون المادة 15 من هذا القانون كما يلي: “ينشأ في الحزب السوري القومي الاجتماعي مجلس يدعى المجلس القومي، يتألف من المندوبين المنتخبين من مجالس المنفذيات، مهمتهم انتخاب أعضاء المجلس الأعلى” وأصبحت المادة 15 السابقة، المادة 16.
6- أطلق اسم القوانين الدستورية على جميع مراسيم الزعيم الدستورية بحيث تصبح التسمية كما يلي قانون دستوري عدد 1 قانون دستوري عدد2 .. إلخ.. وبدلت عبارة يرسم – بعبارة – يسن القانون التالي – وكلمة مرسوم – أينما وجدت في القوانين الدستورية بكلمة “قانون”.
7- أضيف القرار عدد2 الصادر عن المجلس الأعلى بتاريخ 6 تشرين الثاني 1970.
عرضنا ما تقدم لنبين أن الدستور وكافة التشريعات منذ العام 1934 وحتى العام 1949 عام استشهاد سعاده، لم يقع عليها أي تعديل وكانت مسيرة الحزب خلال هذه السنوات الطوال تنتقل من نصر إلى نصر وأن التراجع بدأ بالتعديلات مما أدى إلى نزاعات على السلطة، خلاف بين رئيس حزب ومجلس أعلى تعقبها استقالة رئيس وقبول الاستقالة وزيادة في عدد الأمناء ليستقيل الرئيس المنتخب وينتخب مجلسًا أعلى جديدًا يعقبه إعادة انتخاب الرئيس الأسبق إلى أن بلغ الخلاف والتراجع ذروته بالكارثة الكبرى باغتيال العقيد الشهيد عدنان المالكي والتي بالرغم من صدور قرار قضائي بتبرئة الحزب كحزب من الجريمة وإدانة بعض أفراده، قلبت اتجاه الشارع في الشام – الجمهورية العربية السورية – من شارع مؤيد للحزب ومناصر له إكبارًا لزعيمه وتقديرًا لمناقب أعضائه ودقة التزامهم وما يتميزون به من ثقافة وصدق إيمان، قلبته من شارع مؤيد وداعم الى شارع معاد (وسيكون لذلك تفصيل في كتاب الهدف منه إلقاء الضوء على كبوة فارس أصابت الحزب ليكون تسليط الضوء عليها منارة تجنب الحزب في المقبل من مراحل تاريخ نضاله عوارض مسيرته) وما كان ذلك ليكون لولا هذه التعديلات في الدستور والتشريعات التي خلقت مراكز قوى ومحاور أبعدت الحزب عن كونه نهضة قومية اجتماعية غايتها بعث أمة وتحقيق ارتقائها لتسترد سيادتها ومكانتها التاريخية الحضارية تحت الشمس، إلى حزب سياسي في رداء عقائدي استغل البعض من قيادييه صفاء القاعدة القومية الاجتماعية – التي بدأت تستعيد وهجها بمقاوميها الاستشهاديين- ، استغلالا لبلوغ مآرب ومواقع سياسية فجعلوا من الحزب الذي أراده سعاده وسيلة للعودة بالأمة إلى أمجادها، أراده البعض – ممن توالوا على القيادة فيه- غاية لبلوغ منصب فجعلوا منه الوسيلة حتى ارتمى في أزمة لو تدبروا ما قاله سعاده وما كتب وكان ما قاله وكتبه لهم نهجاً وهدياً في معالجة الأمور الطارئة لعادوا بالحزب إلى الغاية التي أنشئ لتحقيقها وتابعوا السير على طريق التقدم والارتقاء نحو القمم بنفوس مؤمنة تزخر بالقيم القومية الاجتماعية تحث الخطا على طريق الحياة لتخفق راية المجد على قمم يعملون بإيمان على بلوغها فتستعيد الأمة مكانتها بين الأمم.
عودة إلى التعديلات
المرسوم عدد 8
لم يُصدِر سعاده التشريع القاضي بطريقة انتخاب رئيس الحزب ومدة ولايته وطريقة انتقاء أعضاء المجلس الأعلى ونظامه الداخلي إذ عاجله نداء الأمة برد الوديعة قبل إصداره، فجاء “المرسوم 8” تنفيذًا لنص المادة الثالثة عشرة من دستور 1934 فوقع مصدروه في خطأ دستوري، إذ أصدروه على أنه مرسوم في حين أنه قانون وليس مرسومًا، وهذا واضح بنص المادة. “إن انتخاب رئيس الحزب ومدة ولايته وطريقة انتقاء أعضاء المجلس الأعلى ونظامه الداخلي تحدد فيما بعد بمرسوم يصدره الزعيم على حده ويكون له صفة المراسيم الدستورية”. فالمرسوم الدستوري في دستور 1934 يصدر عن السلطة التشريعية وبالصيغة التالية:
“إن زعيم الحزب السوري القومي الاجتماعي بناء على أحكام المواد الأولى والخامسة والسادسة والسابعة من الدستور يسن القانون التالي…
أما المرسوم فيصدر عن السلطة التنفيذية بالصيغة التالية:
“..يرسم ما يلي: …..“
تعديل 23/4/1970
قدَّم المجلس الأعلى لتعديل دستور 1934 المصنف في العام1936 المطبوع في العام 1937 بعرض الأسباب الموجبة للتعديل جاء فيها:
“نشأ الحزب السوري القومي الاجتماعي على مبدأ التعاقد بين الزعيم المؤسس والقوميين الاجتماعيين..”
وهنا خطأ في قراءة وتفسير مقدمة دستور 1934 التي جاء فيها:
” تأسس الحزب… بموجب تعاقد بين الشارع صاحب الدعوة إلى… وبين المقبلين على الدعوة على..”
فالحزب نشأ تعاقدًا بين طرفين هما الشارع صاحب الدعوة “المؤسس- السلطة التأسيسية” وبين المقبل عليها. ولم ينشأ بين الزعيم وبين القوميين الاجتماعيين، فكلاهما لم يكن موجودًا وجودًا قانونيًا قبل التعاقد، فسعاده حين اكتشف حقيقة الأمة وحدد هويتها، قرر إنشاء حزب فوضع مبادئه وبنى عقيدته على نظرية القومية الاجتماعية وأرسى قواعد تأسيسه، في هذه الحقبة. كان عالم اجتماع مقررًا أن الأمة واقع اجتماعي والقومية ولاء لهذه الأمة، ثم واضع مبادئ نهضة قومية اجتماعية ثم، وبعد أن أنهى وضع العقيدة وقواعد تأسيس الحزب دعى أبناء الأمة إلى قبول دعوته والإقبال عليها مشترطًا على المقبل قبول أن يكون صاحب الدعوة زعيمًا للحزب مدى حياته، فقبل استجابة المدعو لدعوة صاحبها لم يكن صاحب الدعوة زعيمًا، إن شرطه هذا لم يكن أَثرَةً وتفردًا بالسلطة لرغبة في نفسه ولا سعيًا وراء نفوذ أو موقع يتبوؤه، بل لضمان سلامة عمل النهضة فهو واضع عقيدتها وصاحب الدعوة إليها. الحزب لم ينشأ كما نص عليه التعديل في أسبابه الموجبة إنما نشأ بين داعية وبين مقبل على الدعوة، وبعد أن يعلن المقبل إيمانه بالقومية الاجتماعية عقيدة وبصاحب الدعوة زعيمًا ووثق إيمانه بقسم العضوية ينقلب من مقبل على الدعوة إلى جندي يكتسب شرف العضوية في حزب يقوده الزعيم، مصدر السلطتين التشريعية والتنفيذية، وهنا يظهر الخطأ في الأسباب الموجبة للتعديل، هذا بالنسبة لمصدر السلطة أما فيما يتعلق بـ: “.. وأن يعيد الى القوميين الاجتماعيين حقوقهم.. في انتخاب قيادتهم عن طريق تطبيق المرسوم الدستوري الرابع…”؟! إن اعتماد المجلس الأعلى المرسوم الدستوري الرابع مستندًا “لحق القوميين الاجتماعيين الطبيعي في انتخاب قياداتهم..” هو قصور في الرؤيا وعدم التدبر في قراءة النص، ذلك أن نظرة وقراءة متأنية له، ندرك بسهولة أن المادة الثانية منه فَقَّطَت مهمة لجان المديريات بالتعاون مع هيئة المديرية بدرس شؤون الحي.. الحزبية والسياسية وإعطاء المشورة في كيفية معالجة شؤون المكان.. واقتراح بعض المشاريع على المدير…” فالمهمة محلية وتختلف باختلاف موقع الوحدة الحزبية والمستوى الاجتماعي والسياسي والاقتصادي لسكان الحي الذي تتبع له الوحدة، وخصوصية النص تمنع من الاشتقاق منه والقياس عليه.
إن نص المادة الثانية المبحوث فيها، واضح العبارة والمعنى محدد المهمة مما لا يجوز معه الخروج بالتفسير عن صراحة العبارة في النص وبما لا يتفق معها، كما وليس فيه ما يسعف بشكل من الأشكال ما يجعل القوميين الاجتماعيين مصدرا للسلطات.
نعود إلى تعديل 1970 المادة السادسة المحدّدة للسلطة المعدلة للمادة العاشرة من دستور 1934 وتسهيلا للدراسة سنعمد إلى ذكر النص المعدَّل ونتبعه بالنص المعدِّل ومن ثم نورد المناقشة.
المادة العاشرة :
“للحزب السوري القومي الاجتماعي مجلس أعلى يجتمع بناء على دعوة من الزعيم لإبداء الرأي وإعطاء المشورة في شؤون الحزب الخطيرة ولتقرير سياسة أو خطة فاصلة أو حل مشكل ذي نتائج خطيرة في حياة الحزب الداخلية ولتعديل الدستور الحالي.”
التعديل بموجب المادة السادسة لعام 1970
نصت المادة السادسة:
السلطات الحزبية المركزية هي:
أـ المجلس الأعلى هو السلطة العليا في الحزب السوري القومي الاجتماعي وعنه تنبثق السلطة التنفيذية.”
ب ـ رئيس الحزب ويتولى السلطة التنفيذية وفي غيابه ينوب عنه نائب الرئيس.
بالمقارنة بين النصين المعدَّل والمعدِّل نجد:
- أن التعديل جعل المجلس الأعلى “سلطة عليا” وعنه تنبثق السلطة التنفيذية – وقد أوضحنا معنى كلمة بثق وانبثق في معاجم اللغة العربية – وهذا يعني أن أعضاء السلطة التنفيذية هم من أعضاء المجلس الأعلى أصلاً. “ملاحظة: يقال انبثق من وليس عن“.
- إن انبثاق السلطة التنفيذية من المجلس الأعلى بالمعنى اللغوي الذي أشرنا إليه، يفقد النصاب في المجلس الأعلى الذي عدد أعضائه خمسة عشر عضوًا إن لم يستغرقه بكامله ونقع بالتالي بفراغ في السلطة التشريعية “السلطة العليا”.
- إن عدم وجود مجلس أعلى أو فقد النصاب فيه، يستتبع ولسد الفراغ التشريعي، انتخاب مجلس أعلى جديد وبموجب النص المعدِّل يعيش الحزب في دوَّامة فراغ في السلطة، إذ إن انتخاب مجلس أعلى جديد يوجب استقالة مجلس العمد ورئاسة الحزب، فنكون قد وقعنا في فراغ كلي، فراغ في سلطة التشريع وآخر في سلطة التنفيذ وهكذا.. انبثاق، ففقد نصاب فانتخاب وهكذا دواليك.. هكذا فضلا عن حالة تداخل بين نص دستوري – المادة الثانية عشرة من دستور 1936 – والمرسوم /8/ موضوع هذه الفقرة الذي جاء فيه أن سلطة تشريع “ينبثق عنها” سلطة تنفيذ!؟ في حين أن المادة الثانية عشرة قررت وجود تشريع يميز بين كل من السلطتين التنفيذية والتشريعية من حيث الوظيفة وإجراءات الإِحداث، انتخاب وانتقاء.
- إن النص المعدِّل بما جاء به ليس تعديلاً للنص المعدَّل بل إلغاء له.