LOADING

Type to search

القيامة

هذرمة

القيامة

غين عين
Share

منذ ان استقر الانسان في بقعة جغرافية واخذ بالتجمهر، أصبح هناك حاجة ماسة لتنظيم حياته وعلاقته مع الاخرين. هذه الحاجة دفعته مع الوقت للتنازل عن جزء من سيادته، كونه سيداً بذاته، لصالح جهاز دعي سلطة، يتبوؤه فرد أنيط به تنظيم الحماية وفض النزاعات التي قد تحصل بين الافراد المتجاورين او التبادليين. أي الذين يتبادلون المصالح.

يمكن القول بناء لما تقدم، إن السلطة ظهرت بالتاريخ للقيام بمهمة اساسية هي صيانة الاجتماع البشري من الافراد والجماعات المكوّنين له. كما ومن الذين يسعون وراء تقويضه لحاجة اقتصادية او للاستقرار مكانه بهدف التنعّم بما يتنعّم به من خيرات وما شابه.

لأجل ذلك، قامت الحروب بين التجمعات المتجاورة أو المتنقلة مع المستقرة. وكانت الغلبة في معظم الاحيان للمهاجمين وذلك قبل يبدأ الانسان بإعداد الخطط اللازمة لدرء المخاطر وسد الثغرات التي يعتقد أن العدو يمكن أن ينفذ منها. التخطيط أدى إلى التدريب والتجهيز، وسلسلة من التدابير التي رأى انها ضرورية تفيده في الحماية كالاستطلاع والمراقبة وبث العيون لمعرفة أغراض عابري السبيل والقاصدين.

لفترة طويلة من الزمن لم تكن السلطة غاية بذاتها. وكانت دائمة طالما تقوم بالمهمات الملقاة على عاتقها وكانت تتوارث بفعل الاعداد كما كل أصحاب المهن والحرف.

بقي الأمر على حاله إلى أن برزت ظواهر التنافس بين أهل الكار، كما والغيرة بين أهل البيت الواحد، لاعتبارات لا يمكن حصرها أو تعدادها. هذا الأمر إذا ما ترافق مع تهديد خارجي كان يؤدي إلى وقوع المجتمع بين براثن الأعداء. فتتحلل السلطة القديمة ويظهر سلطان جديد. طريقة إدارته للمجتمع، هي التي تحدد سيرورته ومصيره. هذا التبدل في نوعية السلطان نجده باديًا في حياة الأمة منذ أزمنة سحيقة، من سومر وبابل وأكاد وآشور، لغاية سلاطين آل عثمان.

مع ظهور الدولة الحديثة إثر سقوط السلطنة، أصيب المجتمع (الأمة) بالإرباك بين ناشدي الدولة القديمة بأدوات قبلية وعرقية، وما دعي بالإسلام العربي، وبين المتطلعين أو أهل الاطلاع الذين رأوا أن النموذج القديم لم يعد صالحًا ليواكب الظواهر التي تمثلت بدولة النموذج الغربي. أي الدولة القومية. جرت محاولات عدة للتوفيق بين التيارين إلا أن جميعها أفضت الى ما نحن عليه. البعض يعزو السبب للقفز فوق الواقع الاجتماعي والبيئي (القومية السورية). البعض الآخر تقمص الأفكار التي ظهرت إثر انتهاء الحرب الثانية، لا سيما تلك التي تندد بالاستعمار القديم وتحاول إقامة نموذج اقتصادي مغاير (الاشتراكية) للذي تبنته الدول الاستعمارية، دون أن يكون لديه أدوات عملانية، حيث معظم الذين تبنوا ذلك كانوا من القوات المسلحة أو بقايا منظومة جيش أعده المستعمر وليس لديه دراية علمية وثقافية بإدارة المجتمعات.

ورغم أن هؤلاء قد استلموا السلطة في أكثر من دولة، وكانوا متشابهين بالطرح العروبي والاشتراكي، كما وظاهريًا يتقولون بالإسلام، حيث نجد في خطابهم ازدواجية التعيين (الأمتين العربية والاسلامية) دون أن يقيموا اعتبارًا لأي نموذج إسلامي، كما هو حاصل بمملكة آل سعود، أو إيران الحالية. كما وكانت أدوات الإسلام لديهم كالأزهر أو دار الإفتاء، تغزل على منوال الحاكم.

نرى اليوم تقويضًا للسلطة في كثير من الدول المتحدثة بالعربية، التي نشدت النموذج الاشتراكي. كما نجد أن الذين ارتكزوا على الإسلام لإدارة شؤونهم، كما حال الخليج، بدأوا يتخلون عن طروحاتهم الراديكالية الدينية ويرفعون راية العروبة إثر تبني جارتهم إيران للإسلام. ولم يكتفوا بذلك، بل هم جادون ثقافيًا بتبديل النمط الديني الذي ساروا عليه منذ إعلانهم لدولهم، لصالح نمط غربي هجين لا يملكون أدواته إلا فيما خص الوفر المالي. لذا نجد هرولتهم لطلب رضى الصهاينة الذي يتحكمون ببيوت المال الدولية.

يعني كل هذا بأن نعي ما نحن مقبلين عليه من مخاطر مع حالتنا الراهنة كأمة وجبهة عربية ننتظر قيامها. ولكي لا نصعد من بئر القطب الاحادي لنقع في جب تعدد الأقطاب، بحيث نبقى سوق استهلاك وموضع طمع بالموارد، علينا العمل لإيجاد مفهوم حديث للسلطة يعكس الدور الذي يجب أن تلعبه، كما حالها التاريخي. ونقيم هوية واضحة جلية ثقافيًا وماديًا، تنشىء الروابط بالداخل وتمد جسورًا بالخارج، دون الالتفات الى مجريات التاريخ القديم المليء بالمآسي والأهوال. ولا نكتفي بذلك، بل وإقامة نموذج دولتي يحاكي الحاضر ويستشرف المستقبل بكل أبعاده، وإلا لا قيامة ولا من يقومون.

Print Friendly, PDF & Email
Twitter0
Visit Us
YouTube
YouTube
LinkedIn
Instagram0

Leave a Comment

Your email address will not be published. Required fields are marked *

Contact Us


Please verify.
Validation complete :)
Validation failed :(
 
Thank you! 👍 Your message was sent successfully! We will get back to you shortly.