عن الكرامة – د. تيسير كوى
Share
يترأس رجب طيب أردوغان ويدير ضباط جيشه عصابات حلف الناتو مثل داعش والنصرة الناشطة باسمه لاسيما في جمهورية العراق والجمهورية العربية السورية ولبنان. لقد سمع العالم رونالد ترامب رئيس الجمهورية الأميركية السابق يقول أنه يحب البترول وأنه ينوي نهبه حيثما يتمكن من ذلك ومن الجمهوريتين السابق ذكرهما. رونالد ترامب هو بالفعل كسابقيه ولاحقيه من الرؤساء الأميركيين زعيم حلف الناتو الذي قيل إنه أنشئ في الأصل للدفاع عن الغرب وقِيَمه وليواجه أعداء كان يقف على رأسهم ما كان يسمى حلف وارسو. لكن تسلح الناتو يشي بشيء آخر تماما وهو أنه أنشئ بالفعل للترهيب تمهيدا للنهب والسلب بقوة السلاح. فحتى الآن لم ير أحد حلف الناتو مشتبكا عسكريا بحلف وارسو أو بالدول التي بقيت فيه بعد انحلاله في أواخر القرن الماضي. ما فعله حلف الناتو حتى الآن هو الادعاء الكاذب بأنه ينشد تعميم الحرية والديموقراطية في العالم مع البطش الدموي بكل دولة ضعيفة تستبطن أرضها ثروات هائلة أو تقع في بقعة استراتيجية في الكرة الأرضية. يتسلح حلف الناتو ويسلح التابعين له على نحو هجومي لا دفاعي والهجوم هو دائما على دول ضعيفة ترد العدوان والشر عنها من طريق دفع أثمان باهظة جدا من الشباب والثروات والبنى التحتية والفوقية.
هذا كله بات معروفا لكن الموجع في الأمر كله أن أردوغان يقول ويكرر إنه اسلامي ويذهب تلامذته أحيانا إلى حد القول انه يهدف الى أن يعيد الخلافة العثمانية إلى الوجود، أي يريد أن يحيي العظام بعدما صارت رميما. في هذا، يتجاهل أن الخلافات الاسلامية كلها، الراشدية والأموية والعباسية والفاطمية والعثمانية وغيرها، انتهت على نحو دموي بعدما فشلت لأسباب بديهية رئيسية لا مجال للخوض في تفاصيلها. ملخص هذه الأسباب أن هذه الخلافات لم تخدم الانسان الذي أنشئت من أجله وادعت الغيرة عليه والرغبة في الدفاع عن مصالحه وحياته. فالإنسان لا يحتفظ عادة بما لا يفيد ولا يساهم في تلبية حاجاته الروحية والمادية المتطورة والمتبدلة دائما ناهيك عن أن القائمين على هذه الخلافات كلها خالفوا في سلوكهم العام وأحيانا كثيرة الخاص جوهر التعاليم الاسلامية المحمدية لا بل نبذ بعضهم هذه التعاليم وحاربها ونكل ببعض معتنقيها الذين فهموها على نحو مغاير لفهمهم لها.
هل يستطيع رجب طيب أردوغان مثلا وهو الذي يبدو أنه رشح نفسه ليكون الخليفة الأول في الخلافة التي يسعى الى نفخ الحياة فيها، هل يستطيع أن يبرر ما يفعله في الشمالين العراقي والسوري في الوقت الحاضر؟ فهو سرق ويسرق وقتل ويقتل ودمر ويدمر وحاول ويحاول تتريك سكان تلك المناطق ويتغطرس مستندا الى تأييد ودعم من الناتو أي من جهات لا يمكن أن تكون مسلمة محمدية. كما أنه يصرح أنه يود أن يحسن علاقات بلده بالكيان الاسرائيلي الذي أنشئ على جماجم أبناء فلسطين والكيانات السياسية المحيطة بها. هل يستطيع عاقل أن يوفق بين التعاليم والأخلاق والقيم الاسلامية المحمدية وبين ممارسات وأخلاقيات الكيانين الاسرائيلي والتركي؟ فكل ما يفعله الكيان الاسرائيلي منذ زرعه ومواصلة دعمه مما يسمى الغرب، هجوم بعدوانية وهمجية لم يشهد التاريخ نظيرا لهما. الغرب يدعم اسرائيل وتركيا بالسلاح والمال والدبلوماسية على نحو يتناقض جذريا مع التعاليم الاسلامية المحمدية.
نرجح أن التاريخ سيقول يوما إن رجب طيب أردوغان لم يكن يمثل الاسلام المحمدي أبدا بل كان على عكس ذلك من أكثر الذين شنوا العدوان على هذا الاسلام وتناقضوا معه قولا وفعلا وألحقوا الأذى بأهله. يفترض هذا الرجل ويدعي أن المسلمين المحمديين يريدونه خليفة عليهم حاميا حيواتهم وأولادهم وأرزاقهم وكرامتهم وعزتهم فهل هذا صحيح وهل يتفق هذا كله مع ما يفعله حاليا في سورية الطبيعية وفي غيرها من بقاع العالم الاسلامي؟ رجب طيب أردوغان يكذب ويرتكب الجرائم باسم الدين المحمدي لكنه ينتمي قلبا وقالبا لحلف الناتو ولقيمه ويأتمر برأس هذا الحلف أي الولايات المتحدة الأميركية.
بقي أن نقول كلمة مختصرة للذين يودون أن يقيموا علاقات طبيعية مع الاسرائيليين والأميركيين. نحن شعب لم يتعود الذل ولا يطيقه. نحن شعب منه عظام كبار كيوسف العظمة وأنطون سعاده على سبيل المثال لا الحصر. نحن شعب لا يخفض الجبين لأحد ونحن بالفعل أفضل أمة أخرجت للناس في هذا الكون. نحن أمة العطاء السخي والدين الصحيح. إذا كنت يا رجب طيب أردوغان تريد أن تخفض جبين أمتك التركية لحلف الناتو وأن تعتنق قيم هذا الحلف الذي صار رمزا للعدوان والنهب والسرقة والتدمير والقتل فهذا شأنك وشأن أمتك لكننا لا نريد المسير في هذا الدرب الذي سار عليه سابقون في أمتك وتسير عليه أنت حاليا.
الذي يتحالف مع مخلوقات مثل الاسرائيليين والأميركيين ومن لف لفهم لا يفقه ما يجري حاليا في هذا العالم وما يفعله هؤلاء في منطقتنا ولشعوبنا. وقف الرئيس الأميركي الذي سيرحل في آخر المطاف الى مزبلة التاريخ ليقول بكل صفاقة أنه يحب النفط وتدل أفعاله على أنه في سبيل الحصول على هذا النفط مقابل مبالغ مالية ضئيلة جدا أو سرقة ونهبا يبذل جهودا جبارة في ذلك مهما كلف الأمر من أرواح غير أميركية ودمار وكرامات. هذا ليس انسانا يقتدى به ويطاع. رؤساء الولايات المتحدة السابقون لم يكونوا أفضل منه ولعله هو أفضل منهم لأنه صرح بما كان يضمره هؤلاء. لكن ما يفعله الان وما فعله في السنوات الأربعة الخالية وما فعله السابقون له يندى له جبين الانسانية ويدل على انحطاط ما قبله وما بعد انحطاط. لقد تخلى الغرب عن القيم المسيحية التي بشرت بها سورية ومنطقتها ولم يعد هذا الغرب يفهم الا لغة العنف والغطرسة والعدوان الوحشي.
نسأل الذين يهرولون لإقامة علاقات طبيعية مع الاسرائيليين: هل من الفطنة أن تتعاملوا مع هؤلاء وكأنهم هم صاحب الدكان والبضائع. أنتم أبناء المنطقة وهي لكم بخيراتها وموقعها الاستراتيجي أنتم السادة والاسرائيليون والأميركيون يجب أن يكونوا “زبائن”. لكنكم تتعاونون معهم على نحو معكوس. هم بحاجة لكم أكثر بكثير من حاجتكم لهم. شعوبكم هي التي تحميكم في آخر المطاف لاسيما إذا أحسنتم اليها وكان ولاءكم واخلاصكم لها صادقا صافيا. لا يهتم الأميركي والاسرائيلي الا بمصالحه وإذا استدعت هذه المصالح ألا يتدخل في حال تأزمت أموركم فسيفعل هذا. تذكروا ما فعله الأميركي والاسرائيلي بشاه إيران وبأنور السادات وبزين العابدين بن علي وقبلهم بالملك المصري فاروق الخ… التحالف مع اسرائيل يتنافى مع الشعور بالعز والكرامة. التحالف مع إسرائيل خطأ تاريخي.