هُم ليسوا منا
Share
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه
وأيـقـن أنـا لاحـقـان بـقـيصـرا
فـقلـت لـه لا تـبـك عـيـنـك فـإنـما
نحاول ملكاً أو نموت فنعذرا
لست أدري لماذا سيطر على تفكيري هذا المقطع للشاعر “الجاهلي” امرئ القيس، عندما انهمرت عليّ خلال الفترة الماضية الاتصالات الهاتفية والرسائل النصية عبر وسائط التواصل الاجتماعي من رفقاء هدّهم القلق المصيري.
اتصالات حملت كل ما تختزنه نفوس القوميين الاجتماعيين من ألم وحزن وغضب… وقرف!
اتصالات تنزف الكلمات الموجعة، دمعها دم وبكاؤها غصص مخنوقة.
ضربات متتالية تلقاها القوميون الاجتماعيون من ذوي القربى، ومن بيت أبي ضُربت.
ضربات، والقوميون يترنحون تحت وطأة سلسلة لا تتوقف من المصائب القومية، من العراق إلى غزة، ومن لبنان إلى قوس البادية السورية.
ضربات، والقوميون يواجهون تحديات الأمن والاقتصاد والصحة… بل وحتى لقمة العيش بحد ذاتها.
لكن القوميين الأصفياء الأنقياء الأحرار يملكون أكتاف جبابرة، قادرة على احتمال كل النوازل الخارجية. فتاريخنا يشهد على أننا نستطيع امتصاص الهجمات المعادية، ثم ننتقل إلى الهجوم المضاد.
شيء واحد وحيد يمكن ان يؤلم القوميين، ويجرح كرامتهم، ويستفز كبرياءهم، ويفجّر نزيفاً جوانياً مكتوماً عن الناس جميعاً. وقد أحسستُ به في حشرجات الأصوات، وبراكين الكلمات، والعيون المتحجرة، وقبضات الأيدي المتحفزة.
ضربات تمسّ أساس وجودنا القومي الاجتماعي وعنوان تمايزنا عن الآخرين، كل الآخرين. ضربات مرّغت علمانيتنا ومناقبيتنا في وحول الانحطاط والعهر، وعرّضت القوميين الاجتماعيين لحملات الشماتة والتشفي الحاقد.
وهنا منبع الألم والجرح الذي لا يلتئم، فتتسرب المخاوف إلى نفوس بعضنا، وتُستثار الشكوك بعقيدتنا وبإيماننا الرسولي المطلق.
لا أيها الرفقاء، نحن لسنا أولئك المرتكبين. هم شيء ونحن شيء آخر. هم نقيضنا على طول الخط. هم يستغلون اللحظة الراهنة طمعاً بمكسب آني، ونحن نبني المستقبل لتحقيق غاية سامية عظمى.
هم أضاعوا الطريق إما عمداً أو سهواً، فافترقت دروبنا لأننا نحن الدليل. بل نحن منارة الأمة وبوصلة الشعب وميزان العقيدة الحقة.
هُم، كما تدل عليهم ممارساتهم، إنسان مجتمع الانحطاط والفردية المقيتة والمصالح الشخصية. هُم التزوير والتسلط والموبقات تتسربل قناع الأشكال التي فُصلت على مقاسات الأقزام.
ونحن لسنا هُم.
نحن ملح الأرض، نبض الأمة وخفقات قلبها الحاني، دفق الدماء في عروقها، الضياء في ظلمة ليلها.
نحن الأمة، وهم سقط المتاع!
دربنا طويل وشاق؟ نعم وألف نعم. وقد أقسمنا على ذلك.
نحاول نهضة ترفع شعبنا إلى ذروة المجد؟ نعم وألف نعم، حتى لو أقمنا من أجسادنا سلماً نحو الأسمى والأعلى.
لا تدمع لكم عين، ولا تضطرب أعصاب. فنحن في هذه النهضة الإرادة التي لا تُرد! وهم مجرد فاصلة تافهة في مجلدات تاريخنا القومي.
هم الفناء الأزلي، ونحن نحن القيامة الحقة.
كلمة قيمة سهلة الفهم عميقة المضمون ،محفزة لمن وهنت عزيمته ودافعة بقوة في عملية الاستنهاض. شكرا.