“ميراث مشترك ومستقبل مشترك”
Share
ترجمة وإعداد: علي قطريب
سيرغي لافروف ويائير لابيد يكتبان عن أهمية العلاقات بين روسيا و”إسرائيل”
بمناسبة الذكرى الثلاثين لتجديد العلاقات الدبلوماسية بين روسيا و”إسرائيل”، كتب وزيرا الخارجية الروسي سيرغي لافروف والإسرائيلي يائير لابيد إلى موقع Ynetnews عن أهمية العلاقات بين البلدين.
في رسالته أكد لابيد على عمق العلاقات التاريخية والحالية بين “إسرائيل” وروسيا، مؤكداً التنسيق بين الطرفين في مختلف القضايا الهامة بالإضافة إلى العمل بموجب اتفاقيات مبرمة في مجالات الطب والتكنولوجيا المتقدمة والعلوم والبحوث والزراعة والبنية التحتية وإجراء مفاوضات لتوقيع اتفاقية منطقة تجارة حرة بين إسرائيل والاتحاد الاقتصادي الأوراسي.. وقال لابيد:
“من بين الأمور الأخرى، التهديد النووي الإيراني والوضع في سوريا، فهي من القضايا التي تُناقش بصراحة وصدق بيننا نحن قادة البلدين. وهنا أيضاً أود أن أشيد بالقيادة الروسية على لعبها دورا كبيرا في تعزيز التفاهم والتنسيق اللذين تمكنا من تحقيقهما في مسائل الأمن القومي المهمة”.
أما رسالة وزير الخارجية الروسي، فإنها تعكس حجم العلاقات الروسية الإسرائيلية وعمقها، ما يجب إبقاءه ماثلا في ذهن أصحاب القرار.
وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف
نورد هنا النص الكامل لرسالة وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف:
“في 18 أكتوبر، تحتفل روسيا وإسرائيل بالذكرى الثلاثين لتجديد العلاقات الدبلوماسية الكاملة – بداية حقبة جديدة من التاريخ المشترك.
بالعودة إلى صفحات الماضي، اسمحوا لي أن أذكر أن الاتحاد السوفيتي كان أول دولة تعترف قانونياً بدولة إسرائيل في مايو 1948. بالطبع، كان هناك تقدم وتراجع في علاقتنا خلال التاريخ، ولكن اليوم يمكن القول بثقة إن التعاون ذا المنفعة المتبادلة بين روسيا وإسرائيل قد صمد أمام اختبار الزمن ويستمر في التطور بنشاط في جميع الاتجاهات.
أساسات هذا التعاون مبنية على حوار سياسي مكثف على أعلى مستوى. فقبل كل شيء تتقدم الاتصالات البرلمانية بين الدولتين مدعومة بمجموعات الصداقة التي تأسست في الهيئات التشريعية في بلدينا ويتم إجراء الاتصالات بين الوزارات على أساس منتظم.
على مدى العقود الماضية، تراكمت خبرات قوية ناتجة عن التعاون المتنوع في مجالات مثل الاقتصاد والعلوم والتكنولوجيا والرعاية الصحية والتعليم، وإن أكثر من عشرين اتفاقية حكومية دولية عاملة تعكس ثراء جدول الأعمال الثنائي بين الطرفين.
تعاوننا العملي المتبادل لديه إمكانات كبيرة، ويتم تنفيذ عدد من المشاريع المشتركة بنجاح، كما حظي العديد من المبادرات بدعم رئيس الاتحاد الروسي ورئيس وزراء دولة “إسرائيل”، ويتزايد اهتمام دوائر الأعمال الإسرائيلية بدخول السوق الروسية. وعلى الرغم من تداعيات جائحة الفيروس كورونا، بحلول نهاية عام 2020، انخفضت التجارة بين روسيا وإسرائيل بنسبة 3.9٪ فقط. وفي الفترة من يناير إلى يوليو من هذا العام، زادت بنسبة 51.8٪ مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق. المهمة التنسيقية الرئيسية في هذه الجهود المشتركة يتم إنجازها من قبل اللجنة الروسية الإسرائيلية المشتركة للتعاون التجاري والاقتصادي، التي تأسست عام 1994، ونحن مهتمون بالاستئناف المبكر لعملها بالكامل.
للاتصالات الإنسانية دور خاص في تعزيز الأسس الموحدة لعلاقاتنا وضمان استقرارها واستمراريتها. نحن نقدر المستوى العالي من التفاهم المتبادل بين شعبي روسيا وإسرائيل المرتبط بذاكرة تاريخية مشتركة وتقارب في الثقافات. ومن المشجع أن هذا الرابط الذي ليس له حدود جغرافية، يزداد قوة بمرور الوقت.
هناك الملايين من المواطنين الناطقين بالروسية يعيشون في إسرائيل، بما في ذلك أبناء كل من جمهوريات الاتحاد السوفيتي السابقة والاتحاد الروسي ومن بينهم المحاربون القدماء في الحرب العالمية الثانية، والناجون من الحصار والسجناء السابقون في معسكرات الاعتقال، إن مصير هؤلاء الناس يهمنا بشكل كبير.
إن الرفض القوي المشترك لمحاولات التشويه التاريخية، ومحاربة تشويه التكوين والمسار والنتائج القانونية الدولية المعترف بها للحرب العالمية الثانية، قد وحدت دائماً روسيا وإسرائيل.. لهذا سنواصل تنسيق جهودنا، وتحديداً في الأمم المتحدة لمواجهة هذه الظواهر المخزية.
وبينما يتم في بعض بلدان أوروبا الوسطى والشرقية تنزيه أتباع النازيين إلى مستوى الأبطال الوطنيين ويتم إحياء الميول النازية الجديدة، تبقى ذكرى المساهمة للجنود الأبطال من الجيش الأحمر في النصر على النازية وإنقاذ اليهود والشعوب الأخرى من الإبادة وتحرير العالم من أهوال الهولوكوست أمراً مقدساً في إسرائيل. نرى كيف أن الأصدقاء الإسرائيليين على مستوى الدولة وعلى مستوى الجمهور يشجعون أنشطة حركات المحاربين القدامى والمواطنين، ويقومون بعمل نشط لتثقيف جيل الشباب.
هناك تقدير لأهمية قانون الاحتفال بيوم النصر على ألمانيا النازية في 9 مايو، الذي وافق عليه البرلمان الإسرائيلي في عام 2017، ومن الملاحظ بشكل خاص أنه في الذكرى 76 للنصر العظيم، الذي يتم الاحتفال به هذا العام، أقيمت المسيرات التذكارية إلى جانب مسيرة الفوج الخالد في أكثر من 45 مدينة إسرائيلية، حيث شارك آلاف الإسرائيليين من جميع الأعمار بالإضافة إلى المسؤولين في هذا الاحتفال وهذا الأمر يعطي دلالاته.
يستمر التعاون بين الدولتين قدماً، في مجال التعليم والعلوم سواء من خلال التبادل الطلابي والأكاديمي أو البحث العلمي المشترك، ففي كل عام يحصل الطلاب من إسرائيل على فرصة لتلقي التعليم العالي في الجامعات الروسية وكلهم يلقون الترحيب منا بكل صدق.
نأمل أن يكون من الممكن استعادة الحركة السياحية المتبادلة بمجرد تحسن الوضع الصحي والوبائي، فروسيا تعد إحصائياً واحدة من الدول الثلاث الأولى من حيث عدد زوار إسرائيل.
يتقدم الحوار الروسي- الإسرائيلي بقوة من خلال وزارتي الخارجية، ومن الواضح أنه بدون التفاعل البناء للدبلوماسيين يستحيل حل عدد من المشاكل الدولية والإقليمية ذات الأهمية القصوى لضمان مستقبل مزدهر لشعبي روسيا وإسرائيل، وكذلك لتعزيز الأمن والاستقرار على الصعيدين الدولي والإقليمي. من هذا المنظور، أثبتت الاتصالات المتنوعة بين مجلس الأمن ووزارات الدفاع في بلدينا أنها ناجحة، مما يسمح لنا بشكل منتظم مقارنة الأساليب ومراعاة المصالح المشروعة لبعضنا البعض.
تنتهج روسيا سياسة خارجية مستقلة متعددة الاتجاهات، وتفكر في البراغماتية، والبحث عن حلول وسط ومراعاة توازنات المصالح. إن خلق الظروف الخارجية الأكثر ملاءمة لتنميتنا الاجتماعية والاقتصادية الداخلية يظل العمود الفقري لهذه العلاقات، ليس لدينا أي محرمات في العلاقات مع شركائنا الأجانب، لذلك يمكننا أن نلعب دوراً فاعلاً في الساحة الدولية وبالتحديد من خلال الوساطة في تسوية النزاعات.
نحن مهتمون بمواصلة المشاورات مع شركائنا الإسرائيليين حول قضايا الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، ونلفت الانتباه دائماً إلى حقيقة أن الحلول الشاملة لمشاكل المنطقة يجب أن تأخذ بالضرورة في الاعتبار المصالح الأمنية لإسرائيل وهذه مسألة مبدأ.
في الوقت نفسه، نحن مقتنعون بأنه لا يوجد بديل لـ”حل الدولتين” لإنهاء النزاع الإسرائيلي الفلسطيني وعلى أساس قانوني دولي معترف به بشكل عام، نحن نؤيد بقوة المفاوضات المباشرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، حيث يكمن الحل الشامل لجميع مشاكلنا في هذه الخطوة. نحن مستعدون للعمل مع الزملاء الإسرائيليين، بما في ذلك الأشكال المتعددة الأطراف، أولاً في سياق تجديد عمل اللجنة الرباعية للوسطاء الدوليين في الشرق الأوسط بالتعاون الوثيق مع ممثلي جامعة الدول العربية.
أنا مقتنع بأن المصلحة المشتركة تكمن في الحفاظ على هذا الزخم، أمامنا معالم جديدة وفرص إضافية ليس فقط للاستمرار، ولكن أيضاً لإثراء التجربة الإيجابية في التعاون متعدد الأوجه لصالح دولنا وشعوبنا، من أجل السلام والاستقرار.