ملف الشهيد نزار بنات: عن خرافة السلم الاجتماعي – جبريل محمد جهشان
Share
يحاول كثيرون من الناطقين الإعلاميين باسم الفصائل، او باسمهم شخصيا باعتبارهم محللين، أن يطلقوا شعار “ضرورة الحفاظ على السلم الاهلي”، وكأن السادات المقبور لا زال حاضرا حين أصدر قانون تهديد السلام الاجتماعي وقانون العيب. لا يمكن لأحد اليوم وخاصة بعد أن استشهد نزار ان يتهمه بانه كان مهددا للسلام الاجتماعي او الاهلي، ولا يمكن لأحد أن يتهم أحمد سعدات ورفاقه بعد خزوة أريحا حين حث على عدم الانجرار وراء المتصيدين في المياه العكرة بانه كان مهددا للسلم الاهلي.
اذن فمن هو المهدد للسلم الاهلي، وما هو السلم الاهلي في نظر هذا المهدد؟
يقول لينين بان الطبقة الحاكمة حين تستعصي أزمتها مع الجماهير هي أول من يضع الحراب على رأس جدول الاعمال. بمعنى أنها تقول أنا ومن بعدي الطوفان. هذا ما يحصل اليوم مع السلطة من قمّتها الى أخمص قدميها: حالة ارتباك وفقدان للاتجاه، وأزمة مع الجماهير، وفساد يزكم الانوف، حتى إنها تشعر أن جدارها بات متعفنا وآيلا للسقوط عند أية ضربة. لذلك تلجأ الى حماية نفسها بمزيد من القمع، والقتل والسجن لأناس لا يملكون سوى حناجرهم التي تصرخ من القهر على كل شيء، على المستقبل الوطني وعلى مستقبلهم الشخصي. لذلك فمن يهدد السلم الاهلي ليس من لا يملك سوى صوته وقهره، بل من يملك احتكار السلاح والقوة والقدرة على القمع والسحل والاعتقال. هؤلاء هم من يهدد السلم الأهلي. إن من يهدد السلم الاهلي هو من يوسع في سياساته حزام الفقر ويهدر الموارد الوطنية بسفه ما بعده سفه، من يهدد لسلم الأهلي ليس شخصا، بل طبقة نمت وترعرعت في ظل سلطة، كانت ثورة طوفت بالآفاق حتى رضيت من الغنيمة بالإياب والإياب هنا لم يكن أياب المنتصرين الذي كان أمل عبد الكريم الكرمي في قصيدته غدا سنعود. لذلك فالرضا بمثل هذا الإياب رضى وحوش يمكن ان تفترس في أية لحظة من يواجهها.
نزار لم يكن زعيم طائفة، ولا حتى حزب سياسي مدني او فصيل مقاتل. كان صوتا متحديا، فلماذا لم يواجه بسلاحه الذي استخدمه وهو الفكر والمنطق، أليس ذلك وضعا للحراب على رأس جدول الاعمال؟
لذلك يجب ان ننتبه إذا كان اي رد على جريمة اغتيال نزار يعتبر تهديدا للسلم الاهلي فهل كان اغتياله حفاظا على السلم الاهلي؟